ماذا حلّ بعملية استعادة الدول لعوائل “داعش” من شمال شرقي سوريا؟

سامر ياسين – الحسكة

بعد مرور 5 أعوام على هزيمة تنظيم “داعش” في شمال شرقي سوريا، عقب معارك خاضتها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي، وانتهاء التنظيم عسكرياً في الربع الأول من عام 2019، ما يزال ملف استعادة الدول لرعاياها المحتجزين تشكل عائقاً أمام الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. 

وتحتجز “قسد” أكثر من 10 آلاف منتمٍ لداعش لا يزالون محتجزين في سجونها، بالإضافة إلى المحتجزين في مخيمات “الهول”  و “روج” شمال شرق سوريا ويصل عددهم إلى حوالي 50 ألف شخص، غالبيتهم سوريين وعراقيين وأجانب ينحدرون من أكثر من 45 دولة حول العالم.

ومع ذلك، تظل جهود استعادة هؤلاء الأفراد ومحاكمتهم معلقة وتواجه عدة تحديات. رغم المحاولات الخجولة من بعض الدول فرنسا وروسيا والسويد لاستعادة رعاياها عبر تنسيق مع الإدارة الذاتية فالتي تعاني من ضغوطات أمنية وإنسانية لهؤلاء المحتجزين.

اجتماع وفد الحكومة الكندية مع الإدارة الذاتية – نورث برس

لا يزال يشكلون خطراً

وفي 14 آذار/مارس الجاري، أعلن السويد بأنها لن تعمل على نقل المواطنين السويديين والأشخاص الذين تربطهم علاقات بالسويد والموجودين في معسكرات أو مراكز احتجاز في شمال شرق سوريا إلى السويد.

وقال وزير الخارجية السويدي “توبياس بيلستروم” في رسالة نشرتها “فرانس برس”، إن “السويد ليس عليها أي واجب قانوني بالتحرّك لإحضار هؤلاء الأشخاص إلى السويد، وهذا الأمر ينطبق على النساء والأطفال والرجال.

يرى الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب في حديثه لنورث برس، أن عدم تجاوب الدول لاستعادة رعاياها “يشكل عبئاً كبيراً تتحمله الإدارة الذاتية وخاصة وأن ملف داعش يحتاج إلى دعم دولي كبير، وحالة قصوى من التأهب لحماية هذه السجون من هجمات التنظيم”.

ويضيف: “رأينا بأنه كانت هناك تجربة نجح بها عناصر التنظيم من الهروب من السجن، وكانت مشكلة كبيرة دفعت ضحيتها الإدارة الذاتية، وبهروب هؤلاء العناصر من السجن شكّلوا خطراً كبيراً على الأمن والسلم في المنطقة”

وعلّق أديب على إعلان السويد بتوقف عن استعادة رعاياها قائلاً إنه “لا بد من كل دولة أن تتحمل تبعاتها فيما يتعلق بمواجهة تنظيم داعش، لأنهم يشكلون خطراً كبيراً يهدد أمن المنطقة والعالم”.

ويعود بسبب إصدار السويد للقرار “أن هذه الدول لا تقر عقوبة الإعدام في محاكمها، وباعتقاد هذه الدول أن هؤلاء المتطرفين حتى وإن بقوا في السجون، إنهم قد يعودون إلى حالة العنف مرة أخرى، وبالتالي تهديد أمنها”. حسب الباحث.

عقبات وتحديات كبيرة

يشير عضو الهيئة الإدارية في دائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا خالد ابراهيم لنورث برس، بأن ملف إعادة الرعايا إلى بلدانهم يواجه عقبات وتحديات وصفها بـ “كبيرة”.

“هنالك عقبات سياسية وأمنية وقانونية، وأبرز هذه التحديات هي هجمات الدولة التركية على مناطق شمال وشرق سوريا، والتي عطلت بشكل كبير عمليات إعادة الدول لرعاياها”. حسب الإداري.

ويضيف “لا ترغب بعض الدول بمخاطبة الإدارة الذاتية بشكل مباشر، بسبب معادلات سياسية تخضع لها هذه الدول، وتحول دون تنسيقها المباشر معنا لإعادة رعاياها”.

وعن إعلان السويد دعا الإداري الدول التي تملك رعايا في مناطق شمال وشرق سوريا وعلى رأسهم دولة السويد “بتحمّل مسؤولياتها تجاه مواطنيها”.

ويضيف “لطالما ناشدنا للنظر في أمر عوائل التنظيم الذين هم ضحية فكر وإيديولوجية هذا التنظيم الإرهابي، ولكن هناك دول عديدة حتى الآن لم تقم بمخاطبتنا بشكل مباشر، علماً أننا نتعامل مع هذا الملف بمنظور إنساني أخلاقي، وقمنا بوضع إجراءات وبروتوكولات خاصة بآلية استعادة الرعايا، ولكن الاستجابة لهذه المناشدات ضعيفة، وقرار دولة السويد يصعّب من الأمر أكثر”.

ويرى الإداري بأن التنظيم لن ينتهي “إلا بتفعيل المسار القضائي والحقوقي لأن هناك الآلاف من الضحايا الذين عانوا من هذه الحرب التي استهدفت المنطقة وابنائها”.

بينما شدد الباحث منير أديب على ضرورة تفكيك هذه المخيمات، وأن تستقبل كل دولة هؤلاء المتطرفين الذين أتوا منها، رجالاً ونساءً وأطفالاً، “هذا الحل الوحيد لهذه المعضلة، بسبب تحول المخيمات التي يقطنها عوائل التنظيم إلى بؤرة يعيش فيها الإرهاب ويترعرع فيها المتطرفون، سواءً هؤلاء النساء اللائي ما زلن يؤمن بأفكار التنظيم، أو الأطفال الذي يرضعون هذه الأفكار ليلاً نهاراً، وبالتالي وجود هؤلاء المتطرفين في مكان واحد هو خطر على الأمن والسلم، ويؤدي إلى عودة التنظيم بدولته مرة أخرى من خلال هؤلاء المتطرفين”، حسب تعبيره.

تحرير: محمد حبش