خبراء روس يجيبون … لماذا عاد “داعش” لاستئناف هجماته وكيف يجب التصدي له؟

غرفة الأخبار – نورث برس

بعد تعرضه لضربات متتالية وتراجع هجماته إلى النصف خلال الربع الأول من العام 2023، عاد الحديث عن خطر عودة تنظيم داعش الإرهابي إلى دارة الضوء مجددًا.

موسكو هي اخر المواقع التي كشر فيها التنظيم عن أنيابه  ليقتل ويصيب أكثر من 250 شخصاً في حصيلة غير نهائية اثر هجومه على مركز تسوق وصالة حفلات موسيقية.

وإلى جانب تقارير أممية ودولية التي تؤكد خطورة التنظيم شن عناصره منذ مطلع العام الجاري بحسب ما سجلته منظمة إنسايت الحقوقية129 هجمة، تبنى التنظيم 94 منها.

ونفذ “داعش” 72 هجوماً ضد قوات سوريا الديمقراطية، و41 ضد قوات حكومة دمشق، وتركزت على دير الزور وحمص شرقي ووسط سوريا، في مؤشر على استعادة التنظيم قدرة تنفيذ هجمات إرهابية وإعادة تنظيم صفوفه.

وبرز في هذا السياق مجددًا ملف مخيم الهول الواقع في شمال شرق سوريا والذي يشكل “الخزان البشري” للتنظيم -حسب ما يصفه مراقبون-وأحد بؤر خلاياه النائمة، وأخطر روافد “تطعيم” التنظيم بالعناصر المتطرفة التي تملك صلات أو روابط عائلية به.

عين على سوريا

ولا تبدو هذه الهواجس بعيدة عن اهتمام ومتابعة روسيا المنهمكة في الحرب مع أوكرانيا للعام الثالث على التوالي، لكنها لا تزال تعتبر سوريا واحدة من أهم المناطق الجيوسياسية بالنسبة لها وأحد خطوط التماس في الصراع المحتدم مع الولايات المتحدة.

وكان نائب مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، إيغور سيروتكين، حذر في منتصف العام الماضي من خطر عودة ظهور التنظيم إلى مناطق المغرب العربي والساحل في شمال غرب وغرب إفريقيا.

ولا تكاد وسيلة إعلامية روسية تخلو من التطرق بين حين وآخر إلى هذا الملف محذرة من أن عدم التعاطي معه بجدية قد يؤدي إلى نتائج، وصفتها بعض هذه الوسائل الإعلامية بالكارثية.

ويلفت الخبير في شؤون الشرق الأوسط، أندريه أونتيكوف، إلى أن التنظيم وجد في استمرار الازمة السورية دون تقدم على خط المسار السياسي، ثغرة تساعده على استئناف عملياته الإرهابية ليس فقط في سوريا، وانما كذلك في العراق ودول أخرى، فضلًا عن التهديدات المحتملة لشن هذا التنظيم عمليات حتى داخل أوروبا.

وبحسب ما يقوله ل “نورث برس”، فإن سلاسل تمويل عمليات التنظيم ما زالت فاعلة، ومن المستبعد أن تكون تعرضت لضربة قوية.

ويشير إلى تقديرات بعض أجهزة المخابرات العالمية بأن داعش يمتلك إيرادات مالية كبيرة تصل إلى نحو ملياري دولار أميركي سنوياً.

ولا يستبعد الخبير الروسي أن تكون هذه الأرقام واقعية بسبب تعدد مصادر التمويل جراء بيع النفط والآثار وسرقة محال الصرافة والبنوك، إضافة لعمليات الابتزاز من خلال التهديد بالقتل في حال عدم دفع فدية مقابل المختطفين والتبرعات التي لا يزال يحصل عليها لا سيما من خارج سوريا.

ضريبة الإهمال

من جانبه، يقول مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، أن تراجع اهتمام القوى الدولية الفاعلة في الملف السوري يشكل فرصة للتنظيمات الإرهابية لمعاودة استئناف نشاطها، لا سيما على ضوء تواصل حالة التشتت لدى المكونات السياسية في سوريا، والتي من المفترض أن يكون تنظيم داعش عدوها المشترك.

وبحسب رأيه، فإن بوادر عودة هذا التنظيم لشن هجماته داخل سوريا من شأنه أن يعيد الأوضاع إلى المربع الأول، لا سيما مع تردي الأوضاع الاقتصادية في سوريا والتي تشكل بدورها أرضية لتردي الأوضاع الأمنية كذلك.

ويدعو كركودينوف إلى تحرك سريع – دولي وداخلي –لمواجهة هذا الاستحقاق الخطير، والذي يمكن في حال حصوله أن يتجاوز الجغرافية السورية إلى أماكن أخرى في المنطقة والعالم.

داعش ليست طالبان

ويشير كركودينوف في سياق حديثه إلى أن داعش هي منظمة إرهابية دولية تنظر الى الجغرافية السورية باعتبارها مجرد واحدة من نقاط تنفيذ عملياتها. فاليوم يقاتلون في سوريا، وغدًا يمكنهم الانتقال إلى العراق المجاور، ثم إلى ليبيا، أو إلى دول الساحل أو إلى أي جزء آخر من العالم حيث الوضع مناسب لهم.

وهي بذلك تختلف من حيث حجم الخطر وأشكاله عن حركة طالبان التي تعتبر حركة أفغانية بحتة.

ويختم بأن مواجهة داعش ليست فقط شأنًا سوريا، بل إقليميًا ودوليًا، معتبرًا أن التهاون مع هذه الظاهرة وتجاهل بوادر عودتها إلى النشاطات الإرهابية سيدفع فاتورتها حتى من يراهن على استخدام هذا التنظيم كورقة في البازار السياسي – حسب تعبيره.

تحرير: تيسير محمد