أزمة عير مسبوقة بين حليفين تاريخيين.. إلى أين تتجه العلاقة بين روسيا وأرمينيا؟

غرفة الأخبار – نورث برس

دخلت الأزمة في العلاقة بين روسيا وأرمينيا في منحنى جديد ما ينذر بمزيد من التصعيد بعد سلسلة اجراءات وتصريحات من الجانب الأرميني وصفتها موسكو بأنها – بالحد الأدنى -غير ودية.

وفي بداية أيلول/سبتمبر الماضي، تدهورت العلاقة بشكل واضح بين البلدين، بعد أن انتقدت يريفان مواقف موسكو تجاه الهجوم الواسع الذي تعرضت له عندما شنت أذربيجان عملية عسكرية خاطفة انتهت بالسيطرة على اقليم ناغورني قره باغ. 

واستدعت أرمينيا ممثلها من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وأرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا التي تخوض روسيا حرباً ضدها، وكانت على وشك الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت في وقت سابق مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ومنذ الربع الأخير من العام الماضي شهدت العلاقات انخفاضًا في مستوى الحوار على أعلى المستويات بين البلدين وبروز اتهامات متبادلة لم تكن معهودة في السابق في الأزمات بين البلدين.

لكن أكثر ما يشكل حساسية لدى موسكو هي توجسها من وجود محاولات غربية لاخراجها من القوقاز، في سياق الصراع الجيوسياسي الكبير مع موسكو في مناطق عدة في العالم.

ناقوس خطر

تنظر موسكو بحساسية مفرطة تجاه هذه التوجهات لا سيما في ذروة الصراع مع الغرب، التي شكلت الحرب مع أوكرانيا أحد أبرز عناوينه. فموسكو لا تريد بأي شكل من الأشكال تآكل وجودها الحيوي في الفضاء السوفياتي السابق، وليست في وارد القبول أن تكرر أرمينيا السيناريو الأوكراني مع روسيا – وفق ما يراه مراقبين روس.

 فقد وجه رئيس الوزراء الأرميني، نيكول وجه باشينيان اتهامات لقوات حفظ السلام الروسية ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، وتحدث عن ضرورة إيجاد حلفاء جدد “حتى لا يعتمدوا على موسكو”. وفي الوقت نفسه، استدعت يريفان ممثلها الدائم من منظمة معاهدة الأمن الجماعي ولم تعين ممثلاً جديداً، كما وأجرت مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة على أراضيها.

ويرى الباحث في شؤون القوقاز أركادي فوليفولوف بأن سيل الإشارات من يريفان يدل على وجود أزمة عميقة في العلاقات مع موسكو، وتأكيد المسؤولين الأرمن على فرضية أن الاعتماد على روسيا في المسائل الأمنية خطأ، ناهيك عن قيام أرمينيا بارسال مساعدات إلى أوكرانيا، وإجراء مناورات مع الولايات المتحدة فضلًا عن الانسحاب من منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تشرف عليها روسيا، تقود إلى أستنتاج مفاده أن صراع جديد استكمل أركانه، وأن موسكو قد تكون على موعد مع صراع جيوسياسي جديد سيكون القوقاز ساحته.

ولا يستبعد فوليفولوف في حديث لنورث برس، أنه أمام هذه المعطيات، إلى جانب تواصل الأزمة مع أذربيجان، أن تشهد المنطقة استفزازت عسكرية بين الجانبين ل “توريط” موسكو في نزاع القوقاز  من أجل “تشتيت” طاقاتها واضعاف موقفعا العسكري والسياسي في الاقليم، بحسب قوله.

ويشير في هذا السياق إلى التصعيد الجديد المتمثل في ارسال أذربيجان لقواتها إلى الحدود مع أرمينيا، ما يثير الحديث عن مخاطر حرب جديدة، حسب رأيه.

ووفقًا له، فإن تلميح يريفان للانسحاب من معاهدة الأمن الجماعي لا يمكن إلا أن يكون “إعلانً حرب” وبمثابة رصاصة الرحمة الأخيرة على العلاقات مع روسيا.

ليست النهاية

يخالفه في الرأي الباحث في الشؤون الدولية، دميتري كيم، الذي ينفي فكرة أن يريفان وموسكو قد سلكتا طريقاً منفصلاً تمامًا.

ويتابع في حديث لنورث برس بأن الحديث عن تفاهمات روسية أذربيجانية ضد أرمينيا لا تتطابق مع الواقع.

ويشير هنا إلى تصريح وزارة الخارجية الروسية فيما يتعلق بموقف باكو الرسمي الرافض لانضمام القرم والمناطق الأخرى إلى روسيا، وهي مسألة مبدئية بالنسبة إلى روسيا.

لذا فإن تحول موسكو الكامل نحو أذربيجان على حساب العلاقات مع أرمينيا أمر مبالغ فيه، ناهيك عن الشكل المعقد لـ” التعاون التنافسي مع تركيا” ذات الأطماع التاريخية في جنوب القوقاز.

ويتابع بأن مشاكل العلاقات الروسية الأرمينية لا تقتصر على قره باغ وحدها. فما زال دور روسيا ملحًا في موضوع ترسيم الحدود وتحديدها بين أرمينيا وأذربيجان، ومن غير المرجح أن يتمكن هذا البلدان من التعامل دون موسكو.

 ويشير إلى أن التاريخ يملك أمثلة كثيرة تدل على أن تباعد روسيا وأرمينيا في اتجاهات مختلفة يسبب لكل منهما خسائر إقليمية الفادحة، وهو خيار يستبعد كيم أن يلجأ الطرفان إليه.

تحرير: تيسير محمد