فتاح عيسى – منبج
يستمتع حسين حسن العلي (49 عاماً)، وهو خطاط في منبج شمالي سوريا، برسم آية قرآنية بخط يده على ورقة من الحجم الكبير.
ويحافظ الرجل على ممارسة مهارته رغم الصعوبات التي يعانيها في حياته والتحديات التي تواجهها مهنته مع انتشار التقنية الحديثة.
ولمنبج أهمية تاريخية خاصة بالنسبة للشعر العربي، إذ سميت بمدينة الشعراء، ما جعل لخط التدوين العربي تراثاً غنياً في المدينة وريف حلب عموماً.
وولد حسين العلي عام 1975 في قرية تل الياسطي، 5 كم شرق منبج، وظهر حبه للخط منذ الطفولة، شجع ذلك اهتمام الوسط المحيط بالخط.
وبعد إنهائه دراسته الثانوية في منبج، التحق بمعهد إعداد المدرسين في حلب، ليمارس تعليم فنون الرسم والخط بعد تخرجه.
يقول، لنورث برس، إنه اعتمد حتى ذلك الوقت على نفسه في تنمية شغفه بالخط العربي، بالإضافة لدور دراسته التربية الفنية في المعهد التابع لوزارة التربية.
واضطر العلي للسفر إلى لبنان بعد العام 2011، عقب تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية في المنطقة.
ووفرت له الإقامة في لبنان فرص التعرف على خطاطين محترفين مثل الخطاط البغدادي نبيل الشريفي، والانضمام لاحقاً لمنتدى الخطاطين العرب (مقره في اليمن).
وتدرب خلال هذه الفترة على أنواع مختلفة للخطوط كالرقعة والفارسي والكوفي، إلى جانب خبراته السابقة في خطي الرقعة والنسخ.
وعاد الخطاط إلى منبج عقب تحريرها من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لتتيح له وسائل التواصل الاجتماعي فرصة تعرف السكان عليه كخطاط.
تمكن من الاعتماد فترة على ما كان يكسبه من الكتابة على الجدران لاستقبال الحجاج، أو تخطيط أسماء المدارس والواجهات التجارية، إلا أن تفاقم التدهور الاقتصادي في المنطقة عموماً أثر على عمله.
وواجه العلي تحديات أخرى لعمله، كانتشار وسائل الطباعة الحديثة وعدم توفر أدوات الخط اليدوي في الأسواق المحلية.
ويرى الخطاط أن الطباعة بالحواسيب تنتج كلمات صحيحة ومقروءة لكن الطباعة تفتقد لما يسميه “روح الخط العربي”.
ولتجاوز عقبة عدم توفر الأدوات، يلجأ أحياناً لصناعة الأقلام بيديه من المعادن أو القصب، لكن فقدان الحبر المناسب قد يعيق عمله.
ويستمتع العلي بكتابة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة والشعر العربي، حتى أنه قضى سنة ونصف السنة في كتابة نسخة كاملة من القرآن الكريم.
يقول إنه بذل جهداً وتعب بسبب إصراره على إتمام النسخة، لكنه كان سعيداً بالنتيجة، وينوي إعادة التجربة إذا ما توفر له الوقت والإمكانات الكافية.
ويعتبر العلي أن خط النسخ هو أجمل الخطوط العربية، ويمكن كتابته بقلم دقيق، بينما يحتاج خط الثلث مثلاً لأقلام عريضة لأنه يكتب بمقاسات كبيرة.
ويقوم العلي حالياً على تعليم أطفال في منبج مبادئ الخط العربي وأدواته، فهو يشعر أن تغييرات العصر والتقنية لن تتمكن من إنجاز الجمال الذي يظهر في الخط المكتوب على يد خطاط بارع.