بسبب انشغالها للعام الثالث بالحرب مع أوكرانيا .. هل تراجع الدور الروسي في سوريا؟

غرفة الأخبار – نورث برس

عادت التساؤلات من جديد حول الدور الروسي في سوريا، وفيما إذا كان تعرض للتراجع بسبب انشغال موسكو بالحرب الدائرة مع أوكرانيا، وذلك مع دخول هذه الحرب عامها الثالث دون بروز أي افق سياسي لحلها، أو حتى مؤشرات تقود للاعتقاد بأنه سيتم حسمها.

ورغم أن الدخول الروسي على ملف الصراع السوري بدأ منذ العام 2015، وساهم إلى حد كبير في دعم الحكومة المركزية وتعزيز وضع قواتها المسلحة إلا أن التسوية النهائية للصراع الدائر لا تبدو قريبة.

بيد أن اندلاع الحرب مع أوكرانيا ودخول موسكو في مربع أكبر قائمة عقوبات في التاريخ لم يكن إلا أن يؤدي إلى زيادة تركيزها على استحقاقات الجبهة التي تقول إنها كانت مضطرة إلى فتحها بسبب التهديدات التي باتت تلامس أمنها القومي في سياق الصراع مع الغرب ومن خلال البوابة الأوكرانية.

من هنا كان لا بد من أخذ تداعيات ذلك على الوجود الروسي السياسي والعسكري في سوريا، لا سيما على ضوء الأزمة التي اندلعت مع مجموعة “فاغنر” أحد أهم القوى الضاربة الروسية التي تركت بصماتها بشكل واضح على الساحة السورية.

إعادة تموضع

برأي الخبير الاستراتيجي، رولاند بيجاموف، فإن الدور الروسي في سوريا، حتى قبل اندلاع الحرب مع أوكرانيا، دخل في عملية إعادة تموضع مع انحسار تهديد الجماعات الإرهابية المسلحة وفي المقابل-استعداد، ولو نظري-لتقبل فرضية التسوية السياسية-من قبل شريحة أكبر من القوى السياسية، بصرف النظر على التباعد الذي ما زال قائما في مقاربة هذه القوى لمضمون وتفاصيل هذه التسوية.

ويتابع بيجاموف في حديث ل”نورث برس” بأنه من المنطقي أن يتراجع دور موسكو في الأزمة السورية لأسباب موضوعية بسبب النزاع في أوكرانيا، إلا أنها في واقع الحال تمكنت في المقابل من مراكمة رأس مال استراتيجي وسياسي على مدار السنوات الماضية يتيح لها الإبقاء على هذا الدور دون أن يتعرض لانحسار.

بالإضافة إلى ذلك، يشير بيجاموف إلى أن الدور الدولي عمومًا انكمش حيال الأزمة السورية، لا سيما مع مسار التطبيع ، وأن كان بطيء نسبياً، الذي بدأته دول إقليمية مع الحكومة المركزية في دمشق، وهو ما يشكل عامل طمأنة نسبية بالنسبة إلى الكرملين وتقلل إلى حد ما من فاتورة هذا التواجد.

ويدلل الخبير الروسي على كلامه بعدم قيام روسيا منذ فترة طويلة بتعزيز تواجد قواتها، بل على العكس، قامت عدة مرات بتقليصها، مؤكدًا أن موسكو لن تسحب قواتها أو تترك الملف السوري على ضوء “اللعبة الكبرى” مع الولايات المتحدة.

تراجع قهري

من جانبه، يرى محلل الشؤون الشرق أوسطية، دينيس بولياكوف أن الدور الروسي تراجع بشكل ملموس متأثرًا بتعثر عجلة الحل السياسي، معتبرًا أن واشنطن لن تسلم في أي حال من الأحوال بدور روسي حاسم في سوريا.

ويوضح بولياكوف بأن هذه التراجع مبعثه أن حسم الصراع مع أوكرانيا، خلافًا للأزمة السورية، هو مسألة “حياة أو موت” يترتب عليها مصير الأمن القومي الروسي ومستقبل التوازنات الدولية برمتها، فضلًا عن التأثيرات القاسية للعقوبات الغربية، وكل ذلك على حساب الملف السوري.

محاذير التشتت

ويضيف بأن موسكو باتت بحاجة الأن إلى مبرر أيديولوجي لوجودها في سوريا، وليس مجرد مبرر قانوني. وعليه فإن المخزون الاستراتيجي المتوفر لديها يحتاج إلى توجيهه بشكل أكبر إلى الجبهة الأكثر حساسية وسخونة في الوقت الراهن (أوكرانيا).

وبرأيه، فإن التراجع للأسباب الآنفة الذكر لا يقتصر على الملف السوري، بل بدأ يظهر كذلك حتى في الدور الروسي في القارة الإفريقية، نتيجة الانشغال الكامل بتطورات وتداعيات الحرب مع كييف، معتبرًا أن موسكو تتجنب الوقوع في فخ “التشتت” على عدة جبهات عالمية.