مزارعون يلجأون للأسواق الموازية.. نقص المحروقات يهدد الزراعة بريف الحسكة
سامر ياسين – الحسكة
انطلق “فرحان” للبحث عن مادة المازوت في السوق الموازي (السوداء) بريف الحسكة الجنوبي، حيث يواجه المزارعون في هذه المنطقة تحديات نتيجة لنقص المحروقات.
بدأت هذه الرحلة بعد أسبوع من درجات حرارة مرتفعة جعلت المحاصيل الزراعية تعاني من العطش أو على الأقل حاجتها لسقايات أخرى.
وتنقسم منطقة الحسكة إلى عدة مناطق زراعية، تتراوح من المنطقة الأولى إلى الخامسة، ويزداد النجاح الزراعي كلما اتجه المزارع نحو الشمال أو انخفض رقم المنطقة بسبب الرطوبة واحتمالية هطول الأمطار، حسب خبراء زراعيين.
يشكو المزارعون في المناطق المرتفعة من نقص المازوت، الذي أثر بشكل كبير على قدرتهم على ري الأراضي وزراعتها.
أراضٍ مروية لم تسقَ
فرحان العلي، مزارع في السادسة والستين من عمره، زرع 50 دونماً من القمح في أرضه، ولكنه يواجه صعوبات في تأمين مادة المحروقات لري أرضه مما يعرض محصوله للخطر.
يروي المزارع الذي يسكن في قرية الحمر بريف الحسكة الجنوبي، وهي ضمن المناطق المرتفعة، قصته ويوضح أن أرضه مروية ولكن بسبب عدم استلامه للمحروقات تحولت إلى بعلية تعتمد على الهطولات المطرية. ومع تغير الأحوال الطقس يجد نفسه في موقف صعب.
ويشير في حديثه لنورث برس، إلى عدم حصوله على مازوت لري أرضه بالإضافة لشرائه للسماد والأدوية بأسعار باهظة من السوق السوداء.
وأضاف، “لا أحد يدعمنا بهذه الأدوية نضطر لشرائها من التجار، لو أنهم لم يتخذوا قراراً بعدم دعم الزراعة، لتركنا الزراعة وبحثنا عن وسائل أخرى للعيش، لكننا لا نملك خياراً سوى الاعتماد على الزراعة، فهي مهنة آبائنا وأجدادنا”.
يتخوف فرحان من أن تتحول مهنة الآباء والأجداد لمهنة “تبديد العملة”، حيث لا يستطيع تحمل تكاليف الزراعة في ظل انعدام الدعم المقدم له، حسب كلامه.
موسم كامل مهدد
نفس المخاوف تتكرر لدى محمد المعروف، مزارع آخر في المنطقة، إذ يخاف من تكرار نقص المازوت الذي حدث في موسم القطن الصيفي الفائت.
ويذكر أنهم في تلك الفترة اضطروا لشراء المازوت من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، مما أثر سلباً على بيعهم للمحصول بأسعار سببت لهم خسائر، وفقاً لكلامه.
وأشار إلى أنهم لم يستلموا المحروقات بعد، “نحن بأمس الحاجة لري الأراضي في الوقت الحالي، وذلك بسبب بدء درجات الحرارة بالارتفاع، وتعرض المحصول لحرارة الشمس بشكل مباشر”.
وأضاف: “المازوت المتواجد في السوق الحرة الآن سعره باهظ جداً، وبجودة شبه معدومة، فالمبلغ الذي سنشتري به المازوت الحر، ستدفع مقابله أضعافاً من المبالغ لتصليح المولدة”.
قطاع مُدمر
وقالت المسؤولة في مديرية الزراعة في الحسكة، شام عبده، لنورث برس، إنهم واجهوا صعوبات في توزيع مادة المازوت الخاص بالزراعة هذا العام، وذلك “بسبب الضربات التركية التي استهدفت المنشآت الحيوية ومراكز استخراج وتصفية النفط في المنطقة”.
ومطلع العام الجاري، استهدفت تركيا عبر طائرات حربية ومسيرة، منشآت خدمية وحقول نفطية ومراكز حيوية عبر العشرات من الغارات الجوية، أدت إلى خروج معظمها عن الخدمة تماماً، حسب الإدارة الذاتية.
وأضافت المسؤولة: “كل عام نقوم بتوزيع مادة المازوت بشكل جيد على المزارعين، وتصل عدد الدفعات التي نوزعها إلى 4 دفعات، مما يحسّن من الواقع الزراعي في المنطقة، ولكن هذا العام لم نستطع تقديم هذا الكمية من المازوت في الوقت المناسب”.
وأوضحت أنه قبل الهجمات التركية على مرافق الطاقة قاموا بتوزيع دفعة 580 ألف لتر من المازوت الزراعي من ولكن بعد القصف انخفض الوارد الخاص بالمازوت الزراعي، مما أثر بشكل كبير على المزارعين وخاصة على مناطق الاستقرار المرتفعة، “فهم أكبر المتضررون من نقص مادة المازوت في الوقت الحالي”.
وأشارت المسؤولة بأنهم بصدد استكمال توزيع مادة المازوت على المزارعين ولكن بوارد ضعيف من المادة، وبحسب الإمكانيات المتوفرة لديهم سيقومون بتغطية النقص الحاصل عقب القصف التركي على المنطقة.