رغم مخاطرها.. مواقد الكاز بديلٌ للغاز في الحسكة
دلسوز يوسف ـ الحسكة
تنهمك النازحة فهيمة عواد في إيقاد النار للطهي على موقد الكاز في بهو منزل لجأت إليه بقرية تل مغاص بريف الحسكة، شمال شرقي سوريا.
وتستخدم النازحة موقد الكاز رغم تحذير الأطباء لها من استعماله بعد إصابتها بتحسس قصبي جراء انبعاث أدخنة سوداء منه.
وعلى غرار شريحة واسعة من سكان الجزيرة السورية، عمدت المرأة التي تنحدر من ريف مدينة سري كانيه /رأس العين إلى استخدام المواقد القديمة والمعروف باسم “البابور” للاستعمالات المنزلية، في ظل ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز التي وصلت إلى 150 ألف ليرة سورية (10 دولار أمريكي) في الأسواق المحلية، بعدما كانت بـ 7500 ل.س.
وتقول ربة المنزل الخمسينية وهي جالسة بالقرب من الموقد، لـنورث برس: “اضطررنا مؤخراً إلى استخدام البوابير رغم خطرها وذلك بعد أن أصبحت مادة الغاز المنزلي باهظة”.
وتأتي أزمة الغاز في مناطق شمال شرقي سوريا، بعد أن قصفت القوات التركية محطة غاز السويدية منتصف شهر كانون الثاني / يناير الماضي، ما أسفرت عن خروجها عن الخدمة.
وقدرت التكلفة الأولية لصيانة المحطة التي كانت تنتج حوالي 14 ألف أسطوانة غاز منزلي يومياً، وتغذي عنفات توليد الكهرباء بنسبة 500 ألف متر مكعب من الغاز، بمليار دولار، بحسب مسؤول المحطة عكيد عبدالمجيد.
انتعاش المهنة
بسبب هذه الأزمة، انتشرت مهنة صيانة البوابير مجدداً في مدينة الحسكة، بعدما ما كانت على وشك الاندثار، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة للسكان.
وفي أحد الأحياء الشعبية بالحسكة، عاد الستيني محمد عباس إلى مهنته القديمة في صيانة البوابير بعد أن تركها لسنوات طويلة.
ويقول عباس وهو نازح من مدينة دير الزور، بينما يستعد لصيانة عدة بوابير لزبائنه، “تركت العمل منذ زمن طويل ولكن اليوم قد عدت إلى العمل فيها لسوء الأوضاع المعيشية”.
ويضيف لـ نورث برس: “أقوم بتصليح ما بين 6 إلى 7 بوابير يومياً، وذلك بعد فقدان مادة الغاز المنزلي وعودة السكان لاستخدام البوابير بعد أن أصبحت منسية منذ زمن”.
ويعاني عباس من صعوبات كثيرة في العمل لعدم توافر قطع الغيار اللازمة للتصليح وارتفاع أجور المواد الأولية اللازمة للحام كالقصدير وغيرها.
ما مخاطر الاستخدام؟
وبينما يراه السكان الخيار الناجع كبديل للغاز في الوقت الحالي، إلا أن الكثيرين يصفونه بـ “القنبلة الموقوتة” داخل منازلهم بسبب خطورته وكثرة حوادث الانفجار والتي تؤدي أحياناً إلى الوفاة بالإضافة لأضراره الصحية الأخرى.
وتشير إحصائيات المشفى الوطني في الحسكة، أن نحو 50 شخصاً تم إسعافهم إلى المشفى خلال الشهر الأخير، نتيجة ضيق تنفس أو حروق بسبب استخدام البوابير في المنطقة.
ويقول عبدالباسط الخنافر، وهو طبيب بالحسكة، إن أعداد الإصابات بالإنتانات التنفسية ازدادت مؤخراً جراء استخدام البوابير إلى جانب التلوث البيئي وعوادم السيارات وغيرها.
ويضيف لنورث: “أثر استخدام المواقد المنزلية التي تعمل على الكاز على الصحة وبخاصة لدى مرضى الربو”.
ووصلت للمشفى عدة حالات مصابة باختناق أو زلات تنفسية شديدة بعد أن تم استخدام هذه المواقد في غرف مغلقة غير مشبعة بالتهوية الكافية، بحسب “الطبيب”.
وشدد على أن الاستخدام المطول والمزمن لهذه المواقد ينتج أمراضاً تنفسية “مثل التشنج القصبي والربو بشكل سريع وفعال وأمراض رئوية مزمنة مثل السرطانات”.
ونصح الطبيب الاخصائي في الجراحة العامة والصدرية، مستخدمي مواقد الكاز “الابتعاد قدر الإمكان وارتداء الكمامات الواقية لتغطية الفم والأنف عند الاستخدام، لتقليل استنشاق هذه المواد السامة بالإضافة إلى استخدام هذه المواقد في أماكن مفتوحة مهواة غير مغلقة”.