“ديرونا أغي” من أقدم قرى ريف القامشلي باتت شبه خالية
ديرك ـ نورث برس
مع تقدمه في العمر، يزيد تشبث المسن مهدي بمنزله الذي ولد وعاش فيه ويعرف كافة تفاصيله، في قرية قديمة بريف بلدة رميلان.
وعائلة مهدي عبدي مرعي (84 عاماً)، تسكن في قرية “ديرونا أغي”، التي تضم عدداً من العشائر الكردية، منذ 500 عام، وتسمى عائلة “الآغا”.
ويقول “مرعي”، لنورث برس، واصفاً جوانب من قريته: “قرينتا قديمة كثيراً والعملة التي ترى بمحيط التلة تعود لأيام اسكندر المقدوني، والكثير من أهالي القرية شاهدوا أحجاراً تعود لمنازل قديمة، وآثار منازل دائرية موجودة حتى الآن تحت التربة”.
وبدلائل تاريخية وبالعديد من الشواهد والآثار، تعد قرية “ديرونا اغي”، دير الغصن، من أقدم القرى في منطقة “آليان” بريف بلدة رميلان شمال شرقي سوريا.
تقع القرية في الريف الشمالي لبلدة رميلان بـ30 كم، بالقرب من الحدود السورية التركية، وتضم 200 منزل قديم يعود تاريخها إلى مئات السنين، بالإضافة لعملات يقدر عمرها بآلاف السنين قبل الميلاد، وقبور منقوشة برسومات قديمة جداً.
تحد القرية من الجهة الشرقية قرية باترزان ومن الجهة الغربية قرية العتبه، أما الجهة الشمالية فتحدها مزرعة القرية والجهة الجنوبية قرية بكر أوغلي.
توصف القرية القديمة بأنها منازل الآباء والأجداد، وبفعل التوسع العمراني امتد البناء فيها. فيما بعد انتشرت ظاهرت الهجرة في المنطقة وأصبحت شبه خالية، لكنها لا تزال شاهدة على الكثير من الأحداث التاريخية.
يقول مصطفى كحيل، وهو مدرّس في القرية، إنها “تعد من الأماكن الكردية العريقة حسب المقابر التي وجدت فيها بتواريخ وأسماء من مئات السنين تعود لعصر المماليك”.
وديرونا أغي، كانت ناحية حتى في العهد الفرنسي، لكن بعد نقل الناحية منها تحولت إلى قرية وبدأ التعليم فيها عام 1947 بمدارس ثانوية وإعدادية وابتدائية، بحسب المدرس.
ويضيف لنورث برس: “لا تزال الكثير من المواقع القديمة حاضرة، كحي الأسواق وطريق الحرير، لكن الآن أصبحت شبه خالية بسبب الهجرة وظروف الحرب والحالة التي تمر بها عامة المنطقة من أزمة اقتصادية”.
وتحسر “كحيل” على هجرة الشباب من القرية والمنطقة، “نتألم لهذه الحالة والواقع ونتمنى أن يعود الجميع بخير وسلامة وأن يعم الأمان البلاد”.
والكرد، هم السكان الأصليون لقرية “ديرونا” والقرى المجاورة لها، ينتمون إلى عشائر مختلفة، ومع نقل الناحية منها قديماً إلى تل كوجر “اليعربية” هاجر الكثير منها إلى المدن الرئيسية ومناطق أخرى.
يعتمد سكان القرية من ناحية تأمين مياه الشرب والكهرباء، على ألواح الطاقة الشمسية في الوقت الحالي، كمصدر لتوليد الكهرباء، نتيجة تضرر شبكات الطاقة والمنشآت الحيوية بسبب الهجمات التركية الأخيرة.
وعثر في القرية على مقابر أثرية كحجرة “حجي محمد” والتي يعود تاريخها لعصر المماليك، ومن الأماكن القديمة في القرية “تلة قشلى، تلة ديدو، مقبرة المسيحين، خان طريق الحرير، قبة الشيخ يحيى”.
محمود يحيى محمد (76 عاماً) من سكان القرية، يقول: “قرية ديرونا من أقدم القرى في المنطقة، فيها الكرد منذ أيام العهد الفرنسي، لكنها الآن شبه خالية”.
والدلالات الأثرية تشير إلى أن القرية كانت تضم عدداً من المنازل الدائرية وكان بعضها مبنياً تحت الأرض، إلى أن ازدهرت وبني فيها بشكل ملحوظ العديد من الهياكل المعمارية ذات الوظائف المختلفة.
وهاجر شبان وعائلات من القرية الأثرية القديمة، نتيجة الظروف المعيشية الصعبة والحرب، وافتقارها للمواد الأساسية والمحروقات، بحسب “محمد”.
وعائلة “محمد” كانت من بين 200 عائلة هاجر أفراد منها القرية. يقول: “الهجرة أصبحت حاجة للجميع. سافر 3 من أبنائي، لعدم توفر خدمات البنى التحتية من ماء وكهرباء وغيرها”.