تربية الخيول في القامشلي.. أصالة وعراقة محفوظة رغم الظروف الاقتصادية والحرب
القامشلي ـ نورث برس
في مزرعته لتربية الخيول، يقف كريمان يعاين الخيل في مربطها، فهي إرث اكتسبه عن آباءه وأجداده من مئات السنين.
كريمان الحمدان وهو صاحب مزرعة للخيول بقرية الصبيحية، في رميلان شمال شرقي سوريا، يصف لنورث برس تلك المهنة بـ”الأصالة والعراقة”.
ويقول: “هذه الخيول هي ورث من الآباء والأجداد، وتنتشر مرابط في هذه المنطقة ولكل منها اسم خاص بها، إذ نهتم بهذه الخيول من مئات السنين وأصبحت جزء من العائلة ومن الضروري عدم التفريط فيها”.
وحافظ مربو الخيول العربية الأصيلة في سوريا، على خيولهم رغم سنوات الحرب، وبذلوا جهوداً من أجل حماية سلالة الخيول من الفقدان، رغم تعرض الكثير من مزارع الخيول إلى السرقة والإهمال.
يقول “الحمدان”: “في بداية الأزمة تعرضت الخيول للسرقة والإهمال، لكن بفضل بعض الأشخاص المعنيين تم استعادة جزء منها، وساهمت العديد من الجهات في تأسيس جمعيات خاصة لتنشيط الخيول عبر سباقات رياضية بالمنطقة شارك فيها مربو الخيول من مختلف المدن والمقاطعات”.
تراث يحافظ عليه
وتعتبر منطقة الجنوب بريف بلدة الرميلان شرقي سوريا، من بين أهم المناطق التي تهتم بتربية الخيول العربية الأصيلة، حيث تنتشر فيها مزارع لتربية الخيول الأصيلة.
ويراقب الصغير قبل الكبير، كيف تعدو تلك الخيول في المضمار خطوة بخطوة، حيث أصبحت تجري مجرى الدم في عروقهم، إذ أنهم يعملون بها منذ عشرات السنين، ويستخدمونها في التدريب والتربية والتجارة.
وفي قرية الصبيحية جنوب شرق بلدة الرميلان، تنتشر مزارع متعددة لتربية الخيول، يتم الاهتمام بها ويشارك أصحابها في سباقات رياضية على مستوى جميع المقاطعات وصولاً إلى الرقة ودير الزور.
ورغم ظروف الحرب والغلاء المعيشي الذي انعكس سلباً حتى على مربي الخيول في تأمين الغذاء والدواء لها، يشير “الحمدان”، إلى غياب الفائدة المادية من الخيل، “لكنها تراث نحافظ عليه منذ سنوات”.
ويضيف: “الظروف الأخيرة من التصعيد والغلاء أثرت بشكل كبير على ارتفاع أسعار غذاء الخيل من علف وتبن وأدوية”.
ويشدد على ضرورة أن يواصل محبو الخيل “المساعدة في دعم هذا التراث وتنظيم سباقات دورية لرفع دواعي الاهتمام بها”.
ويعدد “الحمدان”، أرسان الخيل (أنواعها)، منها: “صكلاويات، حمدانيات، هدبه، كحيلات الشريف وبعض من هذه الأنواع يصل سعر رأس الخيل إلى 100 ألف دولار، كخيل الهدبه”.
إقبال كبير
تشهد منطقة “الجنوب” في الآونة الأخيرة إقبالاً كبيراً على تربية الخيول الأصيلة وازدياداً في الطلب عليها بعد فترة انقطاع أدت لتضرر النشاط، نتيجة التصعيد والعمليات العسكرية في المنطقة.
يقول فايز محمد خليل، وهو صاحب مشروع لتربية الخيول: “رغم الظروف التي مرت بها المنطقة حافظ المربون في قرانا على تربية الخيل والاهتمام بها فهي رياضة وورث نتناقله منذ الصغر”.
ولدى “خليل”، في المشروع خيول رياضية سباقية “نشاركها في سباقات ومهرجانات كبيرة على مستوى المقاطعات، وخاصة الخيول الذكر، لأنها معرضة للإصابة أو النفوق بينما الإناث نحتفظ بها للإنتاج”.
ويضيف “خليل”: “بجهود المعنيين وأصحاب المزارع من المهتمين بالخيل، أصبح الاهتمام بتنظيم المسابقات والمهرجانات الحدث الأبرز”.
وتنظم العشائر واللجان المعنية بتربية الخيول مسابقات لاختيار وتكريم الفرسان، ومربي الخيول في المنطقة بشكل دوري للحفاظ عليها وعدم تهميشها رغم ظرف الحرب، ولكل مربي بمحيط قريته إسطبل أو مزرعة مخصصة للخيل، تتلاءم مع طبيعة عمله في مهنته وهوايته.
ويقول سرحان الخدعان وهو مربي خيل، “الخيول هي ثروة وطنية ومحبتنا لها دفعتنا لبذل الكثير مادياً ومعنوياً للاهتمام بها”.
ويشير “الخدعان”، لنورث برس، إلى أن تربية الخيول “متعبة، فهي تحتاج إلى جهود وتأمين الشعير والتبن والخضار وبجودة مميزة. ونحن نفتقر لتأمين العلف والأدوية اللازمة للمعالجة التي باتت بتكاليف باهظة”.
وعن الاهتمام بهذا الإرث الحضاري، يضيف “الخدعان”: “عانينا كثيراً من ظروف الحرب والتصعيد، لكن تشبثنا بهذه الخيول كونها إرث من الآباء والأجداد”.
وتضم المزرعة التي يربي فيها “الخدعان”، 40 رأساً من الخيل تشارك في السباقات الرياضية، “نميز خلالها بين الأفحل (الأقوى)، لنفرزها لمزارع حسب أنواعها”.