البيوت البلاستيكية.. مشاريع تدعم الجزيرة السورية لتحقيق الاكتفاء الذاتي

دلسوز يوسف ـ الحسكة

يقف التاجر أحمد طه، أمام محله في سوق الهال المركزي بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، شاكياً غلاء أسعار الخضروات في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، ويقول: “الله يساعد المواطن”.

وتشهد أسعار الخضروات ارتفاعاً كبيراً في الأسواق المحلية، مما يحدُّ من القدرة الشرائية للسكان، في ظل النزيف المستمر لقيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

أسباب الارتفاع

ويعلل “طه” ارتفاع أسعار الخضروات بـ”غلاء المواد المستهلكة من المصدر بالإضافة لارتفاع أجور الشحن التي تأتي من خارج المنطقة أو خارج البلاد، نتيجة غلاء المحروقات”.

ويضيف لنورث برس: “هذا الغلاء ينعكس على المستهلك، كما تكون الأرباح أيضاً قليلة بالنسبة للتاجر”.

وبحسب التجار، أن الخضروات والفاكهة تدخل مناطق الإدارة الذاتية عبر إقليم كردستان العراق، ومناطق الداخل السوري إلى جانب بعض الأصناف من مناطق المعارضة شمال غربي البلاد.

ويشدد التجار على أن تكلفة الشحن تصل إلى نحو 400 دولار بالنسبة لداخل سوريا، بينما تكون أكثر بالنسبة للتي تأتي من الخارج.

وبينما يسارع العمال لتنزيل البضاعة من إحدى الشاحنات، ويقول التاجر: “الخضروات بالكامل ارتفعت أسعارها ولا سيما الرئيسية مثل البندورة والخيار والفليفلة وغيرها، بالإضافة للفاكهة”.

ويباع كيلو غرام البندورة بـ 9 آلاف ليرة، والخيار بـ 10 آلاف، والكوسا بـ 11 ألف ليرة والبطاطا بـ 7 آلاف وخمسمئة ليرة سورية، بحسب الباعة في الحسكة.

تغطي 15% من حاجة الأسواق

ومن أجل التخفيف على السكان من الأسعار المرتفعة للخضروات، عملت الإدارة الذاتية خلال السنوات الفائتة على افتتاح ثلاثة مشاريع للبيوت البلاستيكية في منطقة الجزيرة، بهدف تأمين مختلف أنواع الخضروات من الإنتاج المحلي والحد من احتكار التجار.

وتسعى الإدارة الذاتية لتعميم تجربتها في عموم مناطقها، إلا أن ارتفاع التكاليف لزراعة البيوت البلاستيكية حدَّ من تطويرها والاقتصار على مشاريع الأنفاق بالنسبة للمزارعين، والتي تبدأ زراعتها في منتصف شهر شباط/ فبراير، ويبدأ القطاف مع بداية شهر أيار/ مايو، ضمن مساحات محدودة، نظراً لارتفاع تكاليف الري في السنوات الأخيرة.

ويقول باسل محمد، الرئيس المشارك لاتحاد التعاونيات في مقاطعة الحسكة، بأنهم افتتحوا عدة مشاريع للبيوت البلاستيكية، “ونحاول حالياً توسيع هذه المشاريع،  بهدف حصول المواطن على احتياجاته من الخضروات بأسعار منافسة”.

ومنطقة الجزيرة، معروفة بزراعة الخضروات خلال الصيف، لكن المشاريع الشتوية قليلة نظراً لبرودة الأجواء، “لذلك نضطر إلى استيراد المواد من الخارج وبأسعار باهظة”، بحسب “محمد”.

ويشير “محمد” لنورث برس، بأن منتجات مشاريعهم باتت تغطي حاجة السوق المحلي بنسبة نحو 15 % بعدما كانت نسبة نجاحها قليلة العام الفائت.

وحول دعم مشاريع مماثلة، يقول “محمد”: “نحن بصدد زيادة هذه المشاريع خلال الفترة القادمة، لكن البيوت البلاستيكية في الشتاء مكلفة جداً، لذا حالياً لجأنا إلى مشاريع الأنفاق والتي تكون أقل تكلفة”.

ويخطط اتحاد التعاونيات لبناء سوق مجتمعي تسوق إليه كل منتجات المشاريع الصغيرة، ويتم بيعها للمواطن بأقل الأسعار، “يقوم التاجر عن استيراد الخضروات بإضافة جميع التكاليف على سعر البضاعة من تكاليف الشحن وغيرها، لكن نحن نستطيع التحكم بجميع المصاريف”، بحسب “محمد”.

بيوت بلاستيكية

وبالقرب من مخيم واشوكاني للنازحين في قرية التوينة، شمالي الحسكة، افتتح اتحاد الجمعيات التعاونية في الإدارة الذاتية مشروعاً للبيوت البلاستيكية قبل عامين، ضمن مساحة 15 دونماً مزروعة بالخيار والبندورة.

ويضم المشروع الذي يوفر فرص عمل لثلاثة عوائل، 28 بيتاً بلاستيكياً، يهدف من خلاله تأمين جزء من حاجيات السوق المحلية، بأسعار منافسة.

وتقول بيريفان رشك، المهندسة المشرفة على المشروع إن “كل بيت ينتج 16 طناً من الخيار وقرابة 8 طن للبندورة خلال الصيف، بينما ينخفض الإنتاج في الشتاء نظراً للأجواء الباردة وقلة الإمكانيات المتوفرة للتدفئة”.

وبينما ينهمك العمال في قطاف الإنتاج ووضعه ضمن سلال، تشير “رشك” إلى أنهم بدأوا بتسويق منتوجاتهم منذ نحو شهر إلى الأسواق بعدما بدأوا بالتحضير للموسم الزراعي في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الفائت.

وتضيف لنورث برس: “نسوق قسماً من منتجاتنا إلى إحدى الجمعيات العائدة لنا في الحسكة، بينما القسم الأكبر إلى سوق الهال”.

وتكون أسعار المنتجات أرخص من المستورد، وتضرب “رشك”، مثالاً: “كيلو الخيار يباع في الأسواق بـ 10 آلاف، نحن نبيعه بـ 8 آلاف ليرة سورية، بهدف تخفيف الأعباء على المواطنين”.

تحرير: معاذ المحمد