شاب في ديرك يعتمد على التدرب الذاتي ليحترف مهنة التعليق الرياضي
هاوار هبو- نورث برس
يتابع قصي الشيخ ملاعب كرة القدم في منطقة الجزيرة، شمال شرقي سوريا، ليكون الصوت الذي يمنح الجمهور الحماس مع مجريات كل مباراة.
ويمتلك الشاب الذي يبلغ 27 عاماً موهبة في التعليق الرياضي، ويصر على متابعة شغفه رغم العقبات التقنية التي يواجهها.
وكان يلعب في طفولته مع الفرق الشعبية في مدينة ديرك، وتجذبه تفاصيل المباريات فيتابع نتائجها وأبرز نجومها وأحداثها الفاصلة.
وحصل قصي منذ ما يقارب ثمانية أعوام على الشهادة الثانوية وسجل في قسم اللغة الإنجليزية في إحدى الجامعات السورية، لكنه لم يتمكن من متابعة تعليمه بسبب الحرب في البلاد والظروف الأمنية التي رافقتها.
والتعليق الرياضي واحد من أهم وسائل الصحافة الرياضية الحديثة، وقد تختلف قواعده بين بلد وآخر بحسب ثقافة المجتمع السائدة.
ومع أعين متابعي المباريات عبر الشاشات، يساعد صوت المعلق على شرح ما يجري على أرض الملعب بالتفاصيل والخلفيات مع تزويد المتابعين بقواعد اللعبة وقوانينها.
ويقدم المعلق معلومات عن الفريق واللعب الذي يتميز الآن في الملعب، بشكل أسرع مما تنقله الأخبار والتقارير أو أي قالب آخر ضمن الصحافة الرياضية.
ويرى إداريون ولاعبون في النوادي الرياضية المحلية أن قصي الشيخ نجح في تعليقه على مباريات كثيرة سابقة، وقدم متابعة شيّقة للجمهور خارج الملعب.
تدرب ذاتي
وفي ملاعب مدينته ديريك، يتابع الشيخ هذه الأيام مباريات دوري كرة القدم للاعبين من مواليد عامي 2007 و2008، حيث يشارك 21 فريقاً.
يتذكر بداية حبه للتعليق الرياضي في العاشرة من عمره أثناء متابعته لنهائيات كأس العالم عام 2006، إذ كان يقلّد المعلقين الذين يستمع لهم عبر الشاشات.
ويبدو متأثراً حتى الآن بأداء المعلق التونسي الشهير عصام الشوالي على المباراة النهائية بين فرنسا وإيطاليا.
وطلب منه رفاقه آنذاك التعليق على مبارياتهم في الملاعب القروية والشعبية، وكان التعليق عفوياً دون أي بث إعلامي.
وفي الأعوام التالية، احتفظ قصي وأصدقاؤه اللاعبون بتسجيل الصوت لمراجعته فيما بعد وتذكر تفاصيل المباراة وتحليلها.

وكان من يسمع صوت الشاب اليافع يبدي إعجابه بكلماته وقدرته على إثارة حماس المتابعين، ما دفعه للسعي في تطوير موهبته ومحاولة تجاوز تقليد المعلقين إلى تكوين طابع خاص به.
وفي السنوات الأخيرة، قامت هيئة الشباب والرياضة التابعة للإدارة الذاتية بتجهيز عدد من الملاعب في مناطق الجزيرة، ما أتاح للمعلق الرياضي الشاب التعليق عن طريق البث المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعام 2021، كان قصي الشيخ المعلق الرسمي للمباراة النهائية لكأس مقاطعة الجزيرة بين ناديي سردم وديرك، وكان تفاعل الجمهور مع تعليقه حافزاً آخر للمضي في شغفه.
يقول، لنورث برس، إن إصراره على متابعة التعليق وحضور المباريات المحلية على الأرض، والمباريات العربية والدولية عبر الشاشات، منحه تدرّباً ذاتياً جيداً.
وعام 2022، تعاقد الشيخ رسمياً مع نادي الأسايش الرياضي للتعليق على مبارياته في بطولة الجزيرة، ما وفّر له وصولاً لجمهور أوسع، إذ شاركت الصفحات الرياضية والإعلامية تلك المباريات مع تعليقه.
فرص وعقبات
وتواصلت فرق رياضية أخرى مع قصي الشيخ للتعليق على مبارياتها الهامة وتحفيز جمهورها، لا سيما من لم يتمكنوا من حضور المباراة في الملعب.
ولم تتح الفرصة للشاب بعد للحصول على معدات حديثة للتعليق الرياضي أو استخدام غرفة مجهزة بكافة التقنيات اللازمة لنقل البث والتعليق عبر الإذاعة والتلفزيون.
لكن انتشار وسهولة استخدام الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي أتاح له وصولاً سريعاً لتجارب عملية مميزة.
“حاليا فقط عندي جهاز الموبايل، نعتمد عليه في البث المباشر، والمشكلة أن انقطاع وبطء الإنترنت يتسبب بمشكلات تعرقل العمل”.
واعتمد المعلق الشاب على التدرّب الذاتي لكسب خبرة في التعليق وتطويع الصوت والسيطرة على الانفعالات والارتجال في العبارات بحسب الأحداث على أرض الملعب.
وفي العام 2023، تمكن من المشاركة في التعليق على مباريات الدوري السوري، ورافق فريق نادي الهلال إلى العاصمة دمشق ومدينتي حلب واللاذقية للتعليق على مبارياته.
ويعتقد الشيخ أن تلك التجربة مهمة جداً في مسيرته باعتبارها أول تجربة له مع مباريات الدرجة الأولى الرسمية في البلاد.
لكنه لا ينوي التعليق على رياضات غير كرة القدم، لأنه يرى نفسه في مباريات كرة القدم، ويظن أن اهتمامه بعيد حتى عن كرة الطائرة وكرة السلة.
ويرى أن معرفة الفريق واللاعبين والمدربين مهمة جداً ليتمكن من أداء عمله، بالإضافة لتاريخ كرة القدم وأساسيات التحليل الرياضي وأخلاقيات العمل في الإعلام الرياضي.
كما أن لكل مباراة طابع خاص من حيث ما يلزم لمخاطبة الجمهور، على حد قوله.
ورغم أن على المعلق أن يكون صادقاً وحيادياً في نقل الوقائع من الملعب، يعتقد قصي أنه لا ضير في أن يظهر ميله للفريق الذي يشجعه أحياناً.
ورغم بعض العقبات والتعثرات تمكن من اجتياز خطوات نحو حلمه في أن يصبح معلقاً رياضياً محترفاً.
ويرغب الشاب في الحصول خلال الفترة القادمة على فرصة للتعليق على مباريات إقليمية ودولية، إذ ستكون التجربة حينها شهادة على شهرته.
كما يسعى للحصول على ظروف وأدوات عمل أفضل، ليتمكن من تجاوز أساسيات التعليق والتحليل نحو الإبداع والتميز الخاص به.