سامر ياسين – الحسكة
شهدت الصيدليات السورية عموماً، ومناطق شمال شرقي سوريا على وجه الخصوص ارتفاعاً باهظاً في أسعار أصناف الأدوية وخاصة السورية، حيث ارتفع سعر بعضها بنسبة تجاوزت 100%.
ودون إعلان رسمي رفعت وزارة الصحة السورية، من أسعار الأدوية أواخر عام 2023 بنسبة تراوحت بين 70% إلى 100%، وشمل الارتفاع جميع الأدوية التي تصنع في الداخل السوري والتي تستوردها الحكومة السورية من خارج البلاد.
عجز عن قدرة شراء الأدوية
حسين العبد الله (58 عاماً) من سكان قرية الشيخ عثمان بريف مدينة الشدادي جنوب الحسكة، والذي يعاني من مرض السرطان في الكلية، تحدث عن الصعوبة الكبيرة في تأمين الأدوية اللازمة لعلاج مرضه في الآونة الأخيرة بعد زيادة أسعار الأدوية بنسبة عالية.
وأشار “حسين” في حديث لنورث برس، إلى أنه بات عاجزاً عن تأمين أدويته الخاصة بعلاج مرضه كأدوية لعلاج الجهاز البولي وأدوية كيميائية لعلاج الورم السرطاني في كليته.
وكل 15 يوماً، يحتاج “حسين”، لعدة أصناف من الأدوية التي بات سعرها يتجاوز المليون ليرة سورية. ولعدم قدرته على تأمين ثمنها لعجزه بسبب مرضه عن العمل، لجأ للأعشاب الطبيعية.
غلاء أكثر من الضعف
عيسى سميحان (52 عاماً) من سكان ريف الحسكة الشرقي، ويعيش مع عائلته المؤلفة من 8 أشخاص ووالديه المريضين، يعاني ارتفاع أسعار الأدوية وتأثيرها على الحالة المعيشية في منزله.
ويحتاج والد “سميحان”، الذي أصيب مؤخراً بجلطة دماغية، كل شهر لعدة أصناف من الأدوية خاصة بالضغط والشحوم والكوليسترول ومميعات الدم، وزاد سعرها للضعف، إذ كان يشتريها قبل شهر بـ70 ألف ليرة أما الآن وصل سعرها إلى 135 ألف ليرة.
وأضاف: “إذا تأخرت عن جلب الأدوية لوالدي ليوم واحد فقط ولم يلتزم ببعض الأدوية الخاصة بتمييع الدم والضغط سيؤدي ذلك إلى وفاته فوراً”.
ويعمل “سميحان”، كعامل بدخل يومي غير محدد، وثمن الأدوية التي تطلب منه يؤثر على مستلزمات المنزل والعائلة.
لا يتناسب مع الدخل اليومي
عبد العزيز محمد من سكان قرية أبو فخيذ بجبل عبد العزيز بريف الحسكة، تحدث عن معاناته مع شراء الأدوية بشكل مستمر لبناته الثلاث ذوات الاحتياجات الخاصة، حيث قال بأن وضعهم الصحي يحتاج لعلاج مستمر وعلى المدى الطويل.
والابن الأكبر لـ”محمد” يعمل كعامل عادي، وهو الوحيد الذي يحصل على دخل في المنزل، والذي لا يتجاوز 500 ألف ليرة سورية، وهي لا تكفي سعر أدوية فقط، حسب قوله.
وتحتاج البنات الثلاث، كل شهر لأدوية مقوية كالفيتامينات، ناهيك عن الأدوية الأخرى التي تلزم عند إصابتهم بأمراض أخرى.
ويشير الأب، إلى أنه “في السابق كانت كل الأدوية التي نحتاجها، تكلف 100 ألف ليرة بالشهر الواحد، ولكن الآن تجاوز سعر الدواء اللازم لبناتي 400 ألف ليرة، بالإضافة للمصاريف والمستلزمات الأخرى”.
بدورها صرّحت ندى شيخو الرئيسة المشاركة في اتحاد صيادلة مدينة الحسكة، لنورث برس، بأن ارتفاع الأدوية في الآونة الأخيرة أثّر بشكل كبير على السكان، وذلك بعد الزيادة التي أطلقتها وزارة الصحة السورية على عدد كبيرة من أصناف الأدوية.
وأضافت “شيخو”: “وزارة الصحة رفعت أسعار الحبوب بنسبة 70%، والنسبة ذاتها على الشراب والمضغوطات، وبنسبة 100% على القطرات والمراهم. وهذا الارتفاع عاد بتأثير سلبي كبير على السكان”.
وأشارت إلى أن “المتضرر الأكبر من هذه الزيادة هم أصحاب الدخل المحدود، ومن يعاني من الأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري، فهم يقومون بشراء الأدوية بشكل دائم ودوري”.
وأوضحت رئيسة اتحاد الصيادلة في الحسكة، بأن هناك بدائل عن الأدوية التي ارتفع سعرها بشكل كبير ولكن سعرها لا يختلف كثيراً عن الدواء الأساسي، وبفعالية أقل منه، لذلك لا يوجد أي حل بديل عن الأدوية التي ارتفع سعرها في الآونة الأخيرة”، حسب قولها.
وأردفت: “مع كل ارتفاع في أسعار الأدوية تقل نسبة المبيعات في الصيدليات، بسبب الوضع المادي المتردي لغالب السكان في المنطقة، ولكن هناك مرضى مضطرين لشراء أدوية بشكل دوري رغم ارتفاع أسعارها كأدوية علاج ضغط الدم والسكري والشحوم والكوليسترول”.
ولفتت “شيخو”، إلى وجود احتكار في بعض أصناف الأدوية، “بعد الزيادة الأخيرة في الأسعار ظهرت أدوية كانت مختفية أو مفقودة في الصيدليات والمستودعات”.