إيزيديو سوريا يسعون للحفاظ على هويتهم وسط مخاوف تهدد وجودهم
الحسكة – نورث برس
أقرب الانتكاسات التي تعرض لها الإيزيديون في سوريا كانت قبل ستة أعوام حين سيطرت تركيا رفقة فصائل المعارضة المسلحة على منطقة عفرين بريف حلب، وإجبارهم على ترك ديارهم، ناهيك عن تعرض المزارات والقبور الإيزيدية لتدمير وإجبارهم على اعتناق الديانة الإسلامية، وفق تقرير للجنة التحقيق الدولية المعنية بسوريا عام 2020.
المخاوف المستمرة قبل الأزمة حين رفضت الحكومة السورية الاعتراف بهم، استمرت خلال الأزمة مع سيطرة ميدانية لفصائل معارضة متطرفة، لتأتي مجزرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في شنكال/ سنجار بإقليم كردستان العراق المجاور، لتعزز مخاوفهم من الاندثار وضياع الهوية.
وتمثل سلسلة الضربات التركية الجوية مؤخراً أبرز التهديدات ضد الإيزيديين في شمالي سوريا، بحسب باحثين في الشأن الإيزيدي.
وتحت شعار ‘‘البقاء والتشبث بالأرض وعودة المغتربين هدفنا الأسمى’’ عقد البيت الإيزيدي، أمس الجمعة، مؤتمره السادس في مدينة الحسكة بشمال شرقي سوريا، وانتهى بانتخاب رئاسة جديدة وجملة مخرجات ومقترحات تهدف إلى تثبيت الوجود الإيزيدي في سوريا.
وأسس الإيزيديون في سوريا عام 2012، البيت الإيزيدي بهدف تنظيم شؤونهم، وبعد مجزرة شنكال ساهم البيت بلم شمل عشرات الإيزيديين والإيزيديات المختطفين لدى تنظيم “داعش” ممن تم تحريرهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية حين إنهاء السيطرة الجغرافية للتنظيم في سوريا.
ويقول سليمان جعفر، الباحث في الشأن الإيزيدي، إن الإيزيديين الذين يعتبرون من أقدم الديانات في التاريخ تعرضوا للتهميش والمجازر دائماً، كما أجبر الكثير منهم لاعتناق ديانات أخرى تحت التهديد والإكراه.
وقبل الأزمة في سوريا، تعرض الإيزيديون للتهميش من قبل الحكومات المتعاقبة دون الاعتراف بهم كمكون أو بديانتهم كديانة قائمة بذاتها، وكانوا يجبرون على اعتناق الديانة الإسلامية، مما دفع الكثير منهم للخروج من البلاد، بحسب جعفر.
ويشدد الباحث في مقابلة لنورث برس، على أنه خلال الأزمة في سوريا “وجدت المجموعات الإرهابية مناطق تواجد الإيزيديين مناطق خصبة لعملياتهم، لذلك بدأوا بذبح الإيزيدين” وهو ما أدى أيضاً إلى خروج الكثير للعيش بسلام.
وفي آب/ أغسطس من العام 2020، نشرت لجنة التحقيق الدولية تقريراً مفصلاً، تطرّق إلى الانتهاكات المرتكبة من قبل الفصائل المدعومة تركياً في عفرين، ضد الإيزيديين ومعتقداتهم ومزاراتهم.
وتعترف الإدارة الذاتية في عقدها الاجتماعي ضمن المادة 41، بالديانة الإيزيدية كديانة قائمة بحد ذاتها، ويرى سليمان جعفر أنه الحفاظ على الهوية الإيزيدية يبدأ أولاً بالحفاظ على وجود الإيزيديين بوجود قوة تساندها في البلاد وهي حالياً الإدارة الذاتية لشمالي سوريا.
لكنه يؤكد على استمرار المخاطر والتهديدات ضدهم، ويقول إن نشر التسامح والاعتراف بالآخر من أهم ما يجب القيام به في سوريا للحفاظ على كافة المعتقدات والهويات.
بدوره يقول فاروق طوزو، عضو المجلس الإداري في البيت الإيزيدي، إنهم في تواصل دائم مع المنظمات والاتحادات الإيزيدية الأخرى في سوريا والخارج للملمة شتات الإيزيديين والحفاظ على وجودهم.
وبعد حرمان لعقود من الزمن لاقى الإيزيديون كشعب أصيل في المنطقة اهتماماً من قبل الإدارة الذاتية، وفقاً لطوزو.
ويضيف أن البيت الإيزيدي يهتم بعدة شوؤن خاصة بالمكون أهمهما موضوع الهجرة، لأن مسار الحفاظ على الوجود الإيزيدي في سوريا يبدأ أولاً بالتشبت بالأرض، وفقاً لرأيه.
وتمكّن البيت الإيزيدي خلال السنوات الفائتة، بالتعاون مع القوات الأمنية، من تحرير 428 شخصاً من الأسرى الإيزيديين الذين اختطفهم تنظيم “داعش” في شنكال عام 2014.
وتشير الاحصائيات الرسمية إلى أن التنظيم خطف 6417 إيزيدياً، غالبيتهم نساء وأطفال، في حين فرّ نحو 360 ألفاً من منطقة شنكال.
ويوضح طوزو، أنهم نسقوا مع القوات الأمنية بعد طرد التنظيم المتطرف من الباغوز، لتخليص المختطفين والمختطفات وإعادتهم إلى عوائلهم في شنكال.
ويشير إلى إيلاء اهتمام كبير لإعادة تأهيلهم بعد “محاولات التنظيم غرس أيدولوجيته في أدمغتهم”، بحسب قوله.