تحرير الشام تطلق طائراتها الانتحارية.. هل يصنعها الإيغور؟

لامار اركندي – نورث برس

يرى مراقبون أن أسراب المسيرات الانتحارية التي تنطق من مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، في إدلب، وتقصف أهدافاً قد تكون مدنية وعسكرية، هي بمثابة رسائل للأطراف المتقاتلة والمعنية بالملف السوري.

وإن لم تكن تلك المسيرات بنسخ مطورة، غير أنها سابقة مقلقة تشي بتوجس من جانب موسكو ودمشق وطهران، حول تطوير التنظيم من منظومته الدفاعية، وتثير سؤالاً كبيراً عن كيفية حصول هيئة تحرير الشام على تلك الطائرات وحول إمكانية ملكيتها لمصانع خاصة لتصنيعها في مناطق سيطرتها في إدلب.

بعد البحث حصلنا على معلومات حصرية تشير لوجود مصنع للهيئة في قرية عين البيضا بريف اللاذقية وهو عبارة عن مدرسة حولت لمصنع لتصنيع المسيرات.

تصميم وتصنيع إيغوري

وشددت المصادر، على أن مهندسي الطيران هم من مقاتلي الإيغور (أو ما يعرف بالحزب الإسلامي التركستاني وهم جهاديون قدموا من موطنهم في الصين مع عوائلهم في 2013 وتمركزوا في جبال الساحل والريف الغربي لإدلب).

وهؤلاء من يصممون تلك الطائرات ويشرفون على تصنيعها. وأشارت المصادر إلى أنهم يتقاضون رواتب قد تصل شهرياً إلى أكثر من 4000 دولار.

المصادر أشارت إلى أن العاملين في المصنع هم من جنسيات متعددة بينهم سوريون من أبناء المنطقة، وهم جهاديون انضموا للعديد من الفصائل المتشددة ثلثهم من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يعملون تحت إشراف خبراء من الإيغور.

 وحول إمكانية امتلاك تحرير الشام، لمصنع لتصنيع الطائرات الانتحارية لم يستبعد المحلل العسكري، ماجد القيسي، خلال حديث لنورث برس، وجود مصانع للجبهة.

واستشهد على ذلك بامتلاك تنظيم “داعش” في وقت سابق لمصانع تصنيع تلك المسيرات في سوريا والعراق، واستخدامها لإسقاط القذائف ضد خصومه لاسيما مع رخص تكلفتها التي لا تتجاوز بضعة مئات الدولارات أصبحت متاحة بشكل أكبر.

ونوه “القيسي”، إلى أن أكثرها تطوراً ثمنها حوالي ألف دولار، وقال: “ممكن تصنيعها محلياً مع توفر أدواتها في السوق المحلية وهذه الفصائل ومنها الجبهة تمتلك مهندسين وخبراء في هذا المجال وغالباً تدفع لهم رواتب مغرية في سبيل تطوير قدراتهم العسكرية من خلالها”.

كما يمكن تصنيعها في أي مكان وتحويله لمصنع سواء مدرسة أو منزل كبير أو مستودع أو أية منشأة فتصنيع هذه المسيرات تحتاج فقط إلى عقل مفكر وإلى مواد، بحسب “المحلل العسكري.

تصيب الهدف بدقة

وأشار “القيسي” إلى أن الطائرات المسيرة تمتلكها كل الفصائل المسلحة وهي من الطائرات التجارية التي تطلق عبر خاصية التوجيه الذاتي لتحافظ هذه التنظيمات على نفوذها على الأرض التي سيطرت عليها.

وهذه المسيرات، حسبما تحدث “القيسي”، أصبحت الذراع التكتيكي الطويل لمطلقيها من الفصائل لتعويض النقص القائم بالمدفعية أو الهاونات لأن مداها لا يتجاوز الأربعة والستة كيلومترات بينما هذه الطائرات تحلق لمسافات طويلة قد تصل لثمانين كيلومتراً تضرب أهدافها بدقة في عمق أرض الخصم.

تحذير وتوجس

وحول خطورة استخدام الجماعات الإرهابية للمسيرات الانتحارية يعتقد الدكتور، سعود الشرفات، العميد المتقاعد من المخابرات الأردنية، أن هاجس استخدام الجماعات “الإرهابية” للتكنولوجيا المتطورة مثل الطائرات المسيرة يقض مضاجع الدول ومؤسسات مكافحة الإرهاب في العالم.

وأشار في حديث لنورث برس، إلى تحذيرات خبراء دراسات الإرهاب ومكافحة الإرهاب، والأكاديميين من هذا الخطر.

وأضاف: “مما لا شك فيه بأن امتلاك هيئة تحرير الشام – النصرة سابقاً، القدرة والإمكانيات لتصنيع مثل هذه الطائرات المتنوعة الحجم والكفاءة، تشكل علامة تاريخية فارقة في بنية وهيكلية الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها النصرة”.

ونوه “شرفات”، إلى تداعيات المسألة وانعكاساتها المباشرة على ساحة الصراع المسلح في سوريا، وهو أمر لا شك يقع تحت منظار ومراقبة الأطراف الفاعلة في الملف تحديداً الجانب التركي.

وقال: “أعتقد بأنه سيكون الأكثر توجساً وحذراً من طبيعة هذا التطور مستقبلاً، ولذلك سيعمل على ضبط ومراقبة هذه العملية قدر استطاعته”.

فيما يرى أحمد سلطان، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، أن من مصلحة تركيا أن تتطور المنظومة الدفاعية لهيئة تحرير الشام كون الهيئة أصبحت الوكيل أو الحليف الأبرز والأقرب لأنقرة على حساب بقية الفصائل السورية المعارضة المدعومة منها.

وأوضح الأكاديمي المصري لنورث برس، أن الجانب التركي لم يكن يسمح للهيئة بامتلاكها للمسيرات الانتحارية وتطويرها للدفاع الجوي إن لم تكن في مصلحته.

قصف السفارة الإيرانية والكلية الحربية

باتت المناطق التي تسيطر عليها دمشق والمتاخمة للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية جبهة مفتوحة للمسيرات موقعة خسائر مادية وبشرية.

لكن أعنفها كان الهجومين اللذين استهدفا أواخر العام الماضي الكلية الحربية في حمص والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 110 على الأقل وإصابة 125 آخرين بحسب إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك خلال حفل لتخريج الضباط، وحمل الجيش السوري “تنظيمات إرهابية” مسؤولية الهجوم.

والثاني كان استهداف القنصلية الإيرانية في مدينة حلب، مسبباً أضراراً مادية في مبنى القنصلية.

وفي هذا السياق أوضح الخبير العسكري اللواء ماجد القيسي، أن المسيرات انطلقت من تخوم إدلب وعبرت حماة وحمص الملاصقة لها وضربت مركز الكلية.

فيما أشارت وزارة الدفاع السورية إلى إسقاط 8 طائرات مسيرة في ريف حماة وحلب أسفر عن مقتل ثلاثة سوريين وجرح اثنين آخرين، هذا وقد أعلن “فاديم كوليت” نائب رئيس مركز المصالحة الروسية بين الأطراف المتحاربة حينها عن تدمير سلاح الجو الروسي لمستودع للطائرات المسيرة في مدينة إدلب.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن كوليت أن الغارة الروسية استهدفت مستودع المسيرات الانتحارية في منطقة جفتلك- الشغر. والضربة جاءت بعد سلسلة من الغارات الجوية الروسية على مدينة إدلب وريفها.

تحرير: معاذ المحمد