مركز رعاية العائدين من الهول في الرقة.. بين تحقيق المطالب والتنسيق مع المنظمات

زانا العلي – الرقة

تأمل فاطمة أن يلعب مركز الرعاية الاجتماعية الذي افتتحته الإدارة الذاتية، الاثنين الفائت، دوراً في إعالتهم ومساعدتهم في ظل ظروفهم الحياتية، ودمجهم في المجتمع.

تواجه فاطمة الحامد العائدة من “جحيم الهول” في 2021، مثل آلاف العائلات الخارجة من مخيم الهول في الحسكة، بلا شك وصمة “داعش” إلى جانب صعوبات العثور على عمل يقيها العوز.

وفي تشرين الأول / أكتوبر الفائت، خرجت 96 عائلة بإجمالي 360 شخصاً، في الدفعة الثانية والأخيرة من العام الفائت، من مخيم الهول تجاه الرقة.

تقول “الحامد” وهي أم لأربعة أطفال بعد مقتل زوجها، “إننا من الفئة المنبوذة في المجتمع وغالبية العوائل أيتام وأرامل، مغلوب على أمرهم، نتمنى أن نستقر مع العباد”.

وبلغت أعداد الأسر الخارجة من المخيم إلى مدينة الرقة، أكثر من 900 أسرة، غادرت بموجب موافقات أمنية وكفالات عشائرية بدأ العمل بها بعد انهيار تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في بلدة الباغوز شرقي دير الزور في آذار/ مارس 2019.

وأضافت “الحامد” أن العديد من العوائل تعاني من عاهات بسبب الحرب والحرائق التي تعرضوا لها في الباغوز (آخر معاقل داعش في سوريا)، ما تسبب بإيذاء الأطفال، “لذا نتمنى أن يكون هناك رعاية وخاصة صحية لنا”.

وأشارت إلى أن أكثر المعاناة هي من الأوضاع المعيشية، وارتفاع إيجار المنازل فضلاً عن فقدان الثبوتيات وحرقها.

ويشتكي عائدون من مخيم الهول من عدم التحاق أطفالهم في المدارس نتيجة فقدانهم الأوراق الثبوتية، والتي باتت تمثّل المعاناة الأكبر بالنسبة لهم.

مركز للرعاية والدمج

والاثنين الماضي، افتتح مجلس الرقة المدني، مركز الرعاية الاجتماعية الذي يهتم بالعائدين من مخيم الهول.

وحضر افتتاح مركز الرعاية الاجتماعية، فريق من وكالة الدولية للتنمية الأميركية (USID) ومنظمات المجتمع المهتمة بدمج العائدين من الهول وعائلات عائدة، ومسؤولين في الإدارة الذاتية، وناشطون ومنظمات المجتمع المدني المعنية بتنظيم جلسات توعوية وإعادة دمج العائدين من الهول مع المجتمع المحلي، فضلاً عن التماسك المجتمعي.

ويعتبر مركز الرعاية الاجتماعية في الرقة الأول من نوعه في شمال شرقي سوريا، ومن المقرر أن يفتتح له فروع في دير الزور والطبقة ومنبج. 

وقال جهاد حسن الرئيس المشارك للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني، في تصريح سابق لنورث برس، إن فرق لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في الرقة، بالاشتراك مع إحدى الجهات الداعمة، تعمل على تقييم العائدين من الهول في الرقة، واحتياجاتهم لتأمينها وتثبيت عناوينهم، وما يتطلب لتقديم الخدمات والرعاية لهؤلاء، بالإضافة لتقديم مساعدات غذائية لهم.

وأشار إلى أن اللجنة ستعمل بعد التقييم على إجراء إحصاء للأطفال العائدين ممن هم بحاجة إلى التعليم وإلى الرعاية الصحية، إضافة لإحصاء عدد النساء وإحصاء ممن يعانون من إعاقات أو مشاكل صحية أو اجتماعية.

وأوضح أنه سيكون للمركز عدة فروع ومكاتب تختص برعاية الأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والمتضررين من الحرب، ومنها مكاتب دعم نفسي وتدريب وتأهيل.

ضرورية التنسيق مع المنظمات

يقول بشار كراف، مدير تنفيذي لمنظمة “شباب أوكسجين”، إن افتتاح المركز الذي يُعنى بالنساء والفئات المستضعفة من المجتمع بما فيها العائدة من الهول، جاء وسط حاجة عدد كبير من تلك العوائل للدمج مع المجتمع المحلي من جديد.

ويشير “كراف” إلى ضرورة التنسيق بين مركز الرعاية الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية التي تعمل على التماسك المجتمعي من أجل الاستفادة من الخدمة التي تقدمها المنظمات بما يدعم جهود المركز. 

وتكرر منظمات المجتمع المدني في الرقة، استهداف نفس الأشخاص العائدين من الهول في جلسات الدعم النفس والجندرة والتماسك المجتمعي، في حين هناك عائلات عائدة من الهول لم يتم الوصول إليها.

ويواجه العائدون من الهول تحديات جمّة، وفقاً لـ”كراف”، وهي بالدرجة الأولى، (المأوى والحصول على الثبوتيات الشخصية، وفرص العمل).

وتقدم المنظمات مشاريع الحماية للعائدين والدعم النفسي، والتمكين الاقتصادي، بحسب “كراف” والذي يرى أن هذه المشاريع تخدم جهود مركز الرعاية الاجتماعية.

وتقول نعيمة محمد، وهي الرئيس المشاركة لمركز الرعاية الاجتماعية التابع للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل بمجلس الرقة المدني، إن أبواب المركز مفتوحة أمام الجميع من الفئات المستضعفة وخاصة العائدين من الهول.

وتضيف لنورث برس أنهم على تنسيق مع برنامج الخدمات الأساسية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهي الشريك مع الإدارة في افتتاح مركز الرعاية الاجتماعية.

وبحسب “محمد”، فإن المركز سيلعب “دور الجسر وصلة الوصل بين العائدين من الهول والمنظمات الداعمة في المجال الإنساني”.

وقبل أسبوع نظّم قسم الرصد والتوثيق في نورث برس، منتدىً حوارياً في الرقة ودير الزور، بمشاركة حقوقيين ونشطاء ونساء عائدات من مخيم الهول، حول إعادة دمجهن مع المجتمع المحلي والصعوبات التي تواجههن. وشارك في منتدى “هي قوية” 24 شخصاً في الرقة، و18 في دير الزور عبر تقنية الفيديو، بينهم نساء عائدات من الهول.

تحرير: معاذ المحمد