هل باتت الحرب خيار واشنطن الوحيد ضد إيران بعد هجوم الأردن؟  

يُظهر الهجوم الأخير على القوات الأمريكية من قبل ميليشيا مدعومة من إيران، أن طهران لم تفقد أياً من رغبتها في السعي إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، بينما تحاول في الوقت نفسه تجنب المواجهة المباشرة مع واشنطن.

منذ أن شن متشددو حماس المدعومون من إيران هجومهم المميت على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، تعمل طهران بهدوء على فتح سلسلة من الجبهات الجديدة في المنطقة.

وأسفرت الهجمات التي شنها حزب الله، المنظمة المتشددة التي تدعمها إيران في جنوب لبنان منذ أربعة عقود، على شمال إسرائيل، عن ترك العديد من البلدات الإسرائيلية في المنطقة مهجورة بينما يلجأ الإسرائيليون إلى أماكن أخرى.

في غضون ذلك، تشن الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا هجمات منتظمة ضد القواعد الأمريكية، بينما تسبب المتمردون الحوثيون في اليمن، الذين يتمتعون أيضاً بدعم طهران، في تعطيل كبير لحركة الشحن في البحر الأحمر بهجماتهم المستمرة على سفن الشحن التجاري الدولي.

إن الهجوم الأخير على قاعدة عسكرية في شمال الأردن من قبل ميليشيا مدعومة من إيران في نهاية الأسبوع، حيث قتل فيه ثلاثة أمريكيين وأصيب 34 آخرون، يأخذ محاولات إيران لتصعيد الصراع إلى مستوى جديد تماماً، مع تعرض إدارة بايدن الآن لضغوط شديدة للرد مباشرة على التهديد الذي تشكله إيران على الاستقرار الإقليمي.

في حين أن الموقف الرسمي لإيران، كما أوضحه المرشد الأعلى للبلاد، آية الله علي خامنئي، في أعقاب 7 تشرين الأول/أكتوبر مباشرة، هو أنها لا تنوي الانخراط بشكل مباشر في صراع مع الولايات المتحدة، ولكن دعمها المستمر لما يسمى بـ “محور المقاومة” – المكون من حماس وحزب الله وجماعة الحوثيين – يشير إلى خلاف ذلك.

بالتأكيد، لا أحد في واشنطن يشك في أن إيران مسؤولة بشكل مباشر عن تشجيع وكلائها على الاستمرار في هجماتهم ضد الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. وقد دفع هذا دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، إلى التحذير من أن العالم على “حافة الحرب العالمية الثالثة”، بينما يدعو الجمهوريون البارزون، مثل ليندسي غراهام، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كارولينا الجنوبية، إلى “رد واضح ومميت وساحق”.

من الواضح أن مقتل الجنود الأمريكيين الذين يخدمون في الشرق الأوسط يزيد من المخاطر بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي حصر رد واشنطن حتى الآن في مهاجمة وكلاء إيران، مثل الحوثيين، رداً على جهودهم لخلق مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة.

ولكن مع تعهد بايدن بالانتقام “في الوقت المناسب والطريقة التي نختارها”، هناك احتمال حقيقي للغاية بأن تشعر الولايات المتحدة بأنها مضطرة لمهاجمة أهداف عسكرية إيرانية تعتبر متورطة في دعم شبكة الميليشيات الإيرانية. في أعقاب مقتل الجنود الأمريكيين مباشرة، أوضحت مصادر في البنتاغون أن الضربات الانتقامية ضد إيران كانت احتمالاً واضحاً، وهي خطوة قد تؤدي إلى صراع كبير بين واشنطن وطهران.

على أقل تقدير، فإن الهجوم على القاعدة الأمريكية في شمال الأردن، والتي تستخدم لمراقبة عمليات الجماعات المدعومة من إيران في سوريا المجاورة، وفلول شبكة الدولة الإسلامية (داعش) أيضاً، يمكن أن يقنع إدارة بايدن بإعادة التفكير بالتزاماتها العسكرية في المنطقة.

وأشارت التقارير الأخيرة في الولايات المتحدة إلى أن واشنطن شاركت في محادثات لسحب قواتها المتبقية من العراق وسوريا.

ولكن مع عزم إيران الواضح على الاستمرار في حربها بالوكالة ضد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، قد تستنتج إدارة بايدن الآن أن الحفاظ على وجود عسكري كبير في المنطقة هو أفضل طريقة لاحتواء التهديد الذي تشكله الأنظمة المعادية مثل إيران، وكذلك شبكتها الإرهابية.

علاوة على ذلك، فإن الحفاظ على وجود عسكري أمريكي دائم في المنطقة سيصبح أكثر حتمية إذا استمرت إيران في أعمالها الاستفزازية لدرجة لا تترك أمام الولايات المتحدة وحلفائها خياراً سوى نقل القتال مباشرة إلى عتبة طهران.

كتبه كون كوكلين لصحيفة التلغراف البريطانية وترجمته نورث برس