إحسان محمد ـ درعا
يتفق محللون عسكريون، بأن سعي إيران لزيادة نفوذها في الجنوب السوري، ما هو إلا لغايات أخرى، وليس التواجد العسكري فقط.
ومنذ اندلاع الحرب في سوريا مطلع العام 2011، تحاول إيران أن تزيد من انتشارها في كافة المناطق السورية وخاصة في المنطقة الجنوبية من البلاد لما لها من أهمية بسبب موقعها الجيوسياسي.
وعملت إيران على تجنيد مجموعات للعمل لصالحها وتنفيذ اجنداتها وخاصة بعد سيطرة الحكومة السورية على المنطقة صيف العام 2018، مستغلة حاجة الكثير من أبناء محافظة درعا، للحماية القانونية خوفاً من الاعتقال.
إيران تعيد هيكلة فصائلها
قال العميد عبد الله الأسعد، مدير مركز رصد للدراسات الاستراتيجية، لنورث برس، إن القوات الإيرانية والفصائل الموالية لها “هي بالكامل في حالة تحضير بنية تحتية في المنطقة الجنوبية”.
وأشار “الأسعد”، إلى أن هذه الفصائل “أنهت تجهيز البنية التحتية في المنطقة الشرقية من سوريا واتجهت الآن إلى المنطقة الجنوبية.
وفي تصريح لنورث برس، قال مصطفى النعيمي وهو محلل مختص بالشأن الإيراني، إن إيران أرسلت مزيداً من الفصائل إلى المنطقة الشرقية من سوريا، وبالتحديد باتجاه دير الزور.
وأشار إلى أنهم تمركزوا في قاعدة الإمام علي، بريف مدينة البوكمال على الحدود مع القائم العراقية.
والسبب الرئيسي هو “استخدامها كنقطة استراتيجية أولى وكمصد عسكري استراتيجي للتمدد في المنطقة وإجراء عمليات تغيير ثقافي وصولاً إلى التغيير الديني المذهبي”، بحسب “النعيمي”.
وبالتالي تعزز قدراتها وتحركاتها في المنطقة بموجب المرجعية الدينية “كعباءة للوصول إلى الهيمنة شبه الكاملة على كامل المحافظة وتحديداً باتجاه مطار دير الزور، كمنطلق لإجراء التدريبات الجوية لسلاح المسيرات الذي بات يرهق المنظومة الدولية”.
ويشير “النعيمي”، إلى أن الإرهاق يكون عن طريق استهداف القواعد الأمريكية، في ريفي دير الزور، وباتجاه الحسكة، وهو هدف استراتيجي لإيران لزيادة نفوذها وتمددها في المنطقة الشرقية ومنها باتجاه المنطقة الساحلية والوسطى والجنوبية.
وعلى غرار دير الزور، تسعى إيران لزيادة تواجدها في الجنوب السوري، بحسب “الأسعد”، لتهيئة بنية تحتية من معسكرات ومهابط طائرات في المطارات الموجودة في المنطقة.
وذكر أن إيران تحضر الآن لعمل “في الواقع هو لتخريب المنطقة من الجهة الجنوبية، أي على الحدود مع الأردن، عبر زيادة تهريب الأسلحة والمخدرات”.
ولم تعد إيران تكتفي بموضوع “الخلايا النائمة والفصائل العشوائية”، إنما انتقلت إلى بناء الهيكل التنظيمي لفصائلها لتحقيق هدفها الذي تسعى له.
وأشار العميد المعارض، إلى أن القصف الإسرائيلي في العلم العسكري هو “قصف إزعاج وليس تدميري، وهو لثني إيران عن القيام بأعمال لاحقة فقط وليس لتدمير ميليشياتها في الجنوب”.
الفصائل الإيرانية تزداد في درعا
وكشف مجد الحريري، وهو اسم مستعار لقيادي في المجموعات المحلية، لنورث برس، عن مناطق توزع الفصائل الموالية لإيران في درعا.
وأفاد أن أبرز مقرات المجموعات الموالية لإيران هو الملعب البلدي في حي الكاشف وسط مدينة درعا والذي تتخذه هذه المجموعات كمقر دائم لها.
وأردف، أن لواء العرين 313 أبرز المجموعات المقاتلة التابعة لإيران تتخذ من اللواء 12 التابع للفرقة الخامسة في قوات الحكومة في مدينة أزرع بريف درعا الشرقي مقراً تدريبياً لها.
وأضاف أن لواء العرين، شارك في محاولة اقتحام مدينة طفس بريف درعا الغربي صيف العام الماضي، وظهر حينها العميد غياث دلة قائد عمليات الفرقة الرابعة في درعا برفقة عمر نزار قائد الكتيبة 77 لواء الحسين ضمن الفرقة.
و”دلة”، هو عراقي الجنسية ويلبس ملابس المعممين، ومتهم بارتكاب مجازر وحشية في مدينة الموصل، بحسب ذات المصادر.
وأشار “الحريري” إلى أن مجموعة وسيم عمر المسالمة، مدير فرع مؤسسة العرين التابعة والممولة من إيران، تعتبر أبرز المجموعات التابعة لإيران في مدينة درعا والمتهمة بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين.
وأوضح “الحريري” أن إيران جندت عدداً من المجموعات للعمل لصالحها ومنحتهم بطاقات أمنية صادرة من فرع المخابرات الجوية التابع للحكومة السورية.
وأبرز هذه المجموعات، هي مجموعة ضرار القاضي من قرية كريم في منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي والتي كانت تخرج لحراسة حقول الفوسفات شرق محافظة حمص، وشاركت في عمليات الحكومة في محافظة درعا.

“روسيا تحتوي إيران حسب مصالحها”
يرى مصطفى النعيمي الباحث في الشأن الإيراني، بأن الفصائل الإيرانية والموالية لها، “تشهد مزيداً من الانتشار في ظل الحديث عن مشروع المناطق الحرة الذي تزامن مع قيام الجيش الإسرائيلي بحفر خنادق على طول الشريط الحدودي مع سوريا”.
وينوه “النعيمي” إلى أن الجيش الروسي قام مؤخراً بإجراء خطوة استباقية من أجل مسك المنطقة الحدودية في محافظة القنيطرة وذلك عبر إنشاء نقطتين عسكريتين هناك.
ويشير الباحث، إلى أن هذه الخطوة “رسالة واضحة من الجانب الروسي، بأنه يستطيع أن ينفذ تلك الدوريات لإبعاد شبح تموضع الميليشيات الولائية متعددة الجنسيات عن المنطقة الجنوبية من سوريا”.
ولكن “النعيمي” يرى بأن كل المحاولات الروسية في إيصال تلك الرسائل “لا تكفي في ظل تنامي تموضع إيران عبر غطاء الفرقة الرابعة التي باتت البوابة العريضة لاحتواء ميلشيات إيران في سوريا”.