“رغم المخاوف”.. مزارعون في الحسكة يتوجهون لزراعة الكمون
دلسوز يوسف ـ الحسكة
على أطراف بلدة تل تمر شمالي الحسكة، شمال شرقي سوريا، لجأ محمود العرنة إلى زراعة الكمون للمرة الأولى لعل مردوده يحسن وضعه الاقتصادي بعد ارتفاع سعره للضعف في الأسواق.
واستأجر “العرنة” والذي يبلغ من العمر (30 عاماً) أرضاً مساحتها 6 دونمات، وزرعها بالكمون، يقول لنورث برس: “هذه المساحة الصغيرة كلفتني نحو 150 دولاراً أمريكياً لزراعتها”.
ورغم أنه يعتبر زراعة الكمون “مغامرة”، وأن أولاده أولى بهذا المبلغ الذي دفعه لزراعة المادة العطرية، لكن وضعه المادي السيء أجبره على ذلك، آملاً في أن يكون مردودها جيد عليه.
ويعتبر الكمون أحد المحاصيل العطرية التي كان يتجنب المزارعون في الجزيرة السورية، زراعتها خلال السنوات الفائتة، بسبب تكاليفها الباهظة والأجواء المناخية المتقلبة التي تؤدي في معظم الأحيان لفشلها.
وعدد المزارع بعض مخاوفه من الأجواء المناخية، “هبوب الرياح وندرة الأمطار أو هطولها في غير وقتها المناسب، وحتى هطول الحالول (البرد)، يؤدي لفساد البذار والنبتة”.
أسباب الانتعاش
لكن نجاح زراعتها العام الماضي، وارتفاع سعرها في السوق لتصل لأكثر من 8 آلاف دولار أمريكي للطن الواحد، بعدما كان الطن يباع نهاية الموسم الماضي بنحو 4 آلاف دولار أمريكي، دفع بالكثير من المزارعين للأقبال عليها، ولا سيما أنه لا يحتاج إلى الكثير من المياه عكس المحاصيل الأخرى.
لكن زراعة الكمون تبقى “مغامرة” وفق مزارعين، لحاجتها إلى اهتمام مستمر وتكاليفها الباهظة التي تصل لنحو 500 ألف ليرة سورية (35 دولار أمريكي) للدونم الواحد.
وتزرع نبتة الكمون عادة في شهر كانون الثاني / يناير، بالنسبة للأراضي البعلية، ومطلع شباط / فبراير وحتى منتصفه، بالنسبة للأراضي المروية وتستمر حتى شهر أيار / مايو حيث يكون موعد حصاده.
ورغم غياب الإحصائيات الرسمية لنسبة زراعتها، لاعتبارها محصولاً غير استراتيجي ويزرع بغرض التجارة، يتوقع مراقبون أن تصل المساحات المزروعة بالكمون لأكثر من ألف دونم هذا العام في منطقة الحسكة.
ويقول جميل طيو، وهو تاجر للمواد الزراعية، أن تسويق الكمون بالنقد الأجنبي دفع لازدهار زراعته كثيراً وسط هبوط كبير في أسعار محصولي القمح والشعير.
ويضيف لنورث برس: “هذا العام كيلو القمح بـ 43 سنتاً (ما يعادل 7 آلاف ليرة سورية)، لكن الكمون الكيلو وصل في بعض الأحيان لنحو 9 دولار (ما يقارب 130 ألف ليرة سورية)، وهو فرق شاسع بالنسبة للمزارع”.
وتعيش سوريا أزمة إنسانية كبيرة، حيث يعيش أكثر من 90 % من سكانها تحت خط الفقر، وفق ما ذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش، في اجتماعها السنوي، الخميس الفائت.
ويجد المزارعون في زراعة الكمون بصيص آمل في تحسين وضعهم المادي، في ظل الانهيار المستمر لليرة السورية التي لامست 15 ألفاً مقابل الدولار الأمريكي الواحد.
ويرجع “طيو” أسباب انتعاش زراعة الكمون، لعدم قدرة المزارعين إلى تحمل تكاليف زراعة المحاصيل الأخرى لعدم وفرة المحروقات والمياه كما السابق، بالإضافة لتكبدهم خسائر في محاصيلهم كما الشعير الذي هبط سعره إلى 180 دولاراً للطن الواحد، بعدما كان بـ 315 دولاراً نهاية الموسم الفائت.
“تقوي الأرض”
ومنحت الأمطار التي هطلت بداية العام الحالي، أملاً وتفاؤلاً بالنسبة للمزارعين بموسم وافر رغم أن منطقة الحسكة، تعتبر من مناطق الاستقرار الرابعة لكمية الهطولات المطرية.
وفي الحسكة، بلغت كمية الهطولات المطرية، الحد الأدنى مقارنة بالمدن الأخرى في الجزيرة السورية، حسب إحصائيات يومية تصدر عن مديرية الأرصاد الجوية السورية.
وزرع توما يوخنا، وهو مزارع من قرية تل فيضة جنوبي تل تمر، 35 دونماً من الكمون هذا العام بعد أن نجحت تجربته بزراعته العام الفائت.
ولضمان الإنتاج الأفضل، يزرع الكمون في أرض لم تزرع فيها هذه النبتة منذ 7 سنين على الأقل، كما أن زراعتها تقوي التربة.
ورغم نجاح تجربته العام الماضي، إلا أن “يوخنا”، يبقى متخوفاً، “زراعتها مغامرة، نثرت نحو 100 كيلو من الكمون ضمن أرضي، بسعر نحو 115 ألف ليرة للكيلو، وهي تكلفة باهظة لكن نأمل بمردود جيد”.