زانا العلي – الرقة
يجلس محمد رفقة ابنه الذي كان يساعده في عمليات البيع والشراء في الرقة، وهما يشاهد مباراة منتخب سوريا مع الهند، جالسين دون عمل.
يقول محمد عبدالله (45 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب محل جملة لبيع المواد الغذائية في شارع سيف الدولة وسط الرقة، بلهجته المحلية: “قبل أسبوع ما كنا نقدر نحك راسنا من ضغط الشغل وعمليات البيع والشراء صرلنا أسبوع شوفت عينكم قاعدين”.
ويصف التاجر، في حديث لنورث برس، الحركة التجارية في الرقة بأنها تمرُّ بمرحلة “جمود وليس ركود”.
ويقارن الرجل بين عمليات البيع والشراء، خلال الفترة الأخيرة، “قبل أسبوعين كانت تصل عمليات البيع والشراء في المحل إلى أكثر من 5 آلاف دولار أما الآن لا تصل إلى 500 دولار في الأسبوع”.
ويشدد التاجر، على أن أهم أسباب حالة “الجمود”، كما وصفها، “هي بالدرجة الأولى عدم الاستقرار الأمني في المنطقة الذي يلقي بتداعياته بشكل مباشر على عمليات البيع والشراء”.
ومع استمرار القصف التركي، يتخوف الرجل من فقدان المواد الأساسية في السوق، والتي تأتي من معبر سيمالكا مع إقليم كردستان العراق، والذي يعتبر المنفذ الوحيد لشمال شرقي سوريا.
ومنذ بداية العام الجاري تشهد مناطق شمال شرقي سوريا، حالة من عدم الاستقرار بسبب استهداف تركيا 89 موقعاً، خلال النصف الأول من هذا الشهر, بـ 122 ضربة,62 منها عن طريق المسيرات و22 منها عن طريق الطيران الحربي.
وتركز القصف التركي على مواقع إنتاج وتحويل الكهرباء والوقود، ومراكز وحواجز لقوى الأمن الداخلي (الأسايش)، وشمل 4 مواقع أمنية وعسكرية تابعة للقوات الحكومية.
المازوت.. عصب الاقتصاد
يقول علي محمد (35 عاماً) وهو صاحب مجموعة “علي التجارية لأثاث المنازل”، في شارع القطار في الجهة الشمالية من المدينة، إن فقدان المواد الأساسية كالمازوت وارتفاع أسعارها تسبب في مضاعفة الأسعار.
ويضيف لنورث برس: “هناك تخوف من قبل السكان من شراء أي شيء بسبب القصف التركي الذي طال مناطق شمالي سوريا”.
ويقول “محمد”: “قذيفة واحدة كفيلة بشل الحركة التجارية في المنطقة”، ويتساءل متعجباً: “كلما تبدأ تركيا بالقصف يختفي عملائنا، فأين يذهبون؟!”.
وفي الرقة وعلى غرار مناطق شمالي سوريا، هناك أزمة وشبه غياب لمادة المازوت، مع ارتفاع أسعارها، والتي تعتبر عصب التجارة بسبب اعتماد الآليات عليها في عملية النقل بين المناطق.
ووصل سعر لتر المازوت الحر في الرقة إلى 9000 آلاف ليرة سوريا، في حين لم يتوفر في محطات الإدارة بالسعر المدعوم وبالكمية المطلوبة.
“جرائم حرب”
وعن فقدان المازوت وغيرها من موارد الطاقة، قالت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في تصريح سابق لنورث برس، إن “تركيا قصفت أغلب محطات النفط والكهرباء ومحطة الغاز الوحيدة في المنطقة، الأمر الذي تسبب بفقدان المواد”.
ووصفت الإدارة، القصف التركي بـ”جرائم حرب”، مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية بالقيام بواجبها ووقف الهجمات التركية.
يقول خورشيد عليكا وهو خبير اقتصادي، إن الاستهدافات التركية تزيد الوضع سوءاً، باستهداف المنشآت الحيوية والخدمية، وبالتالي “باتت المنطقة منكوبة”.
ويضيف الخبير الاقتصادي، لنورث برس، أن تراجع إنتاج النفط والغاز والكهرباء “سينعكس سلبًا على حياة السكان”.
ويرى أن تركيا تهدف من استهدافها للبنية التحتية، “أن لا تمكّن الإدارة الذاتية ومؤسساتها من استغلال الموارد المتاحة في تمويل موازنتها ومؤسساتها الخدمية وموظفيها لتظهر للعالم بأن الإدارة الذاتية فشلت في إدارة مناطقها”.