فقدان المازوت يرهق أصحاب المنشآت الصناعية في القامشلي

دلسوز يوسف ـ القامشلي 

وسط ضجيج المنطقة الصناعية في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، يضطر أصحاب ورش ومعامل إلى شراء مادة المازوت بأسعار باهظة لتشغيل المولدات بهدف الحصول على الكهرباء بعد أن أخرج القصف التركي محطات الطاقة عن الخدمة.

وشنت أنقرة في الـ 12 من كانون الثاني / يناير الجاري، هجمات مكثفة استهدفت البنية التحتية ومنشآت حيوية في مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية، تسببت بخروج قطاعات الكهرباء والنفط والغاز عن الخدمة في الجزيرة السورية، مما خلف صعوبات حياتية للسكان.

ويشير طه عمر، موظف في معمل للمنظفات بالقامشلي، إلى تراجع حركة العمل بسبب فقدان المحروقات لتشغيل المولدة الكهربائية والآلات.

وبينما تنهمك بعض العاملات بالقرب منه في العمل، يقول “عمر” لنورث برس: “أحياناً ننقطع من المازوت، ما يتسبب بتلف خلطات المنظفات ضمن المكنات، وهذه خسارة لنا”.

من التقنين إلى الانقطاع الدائم

وكانت مدينة القامشلي تعاني من ساعات تقنين طويلة تصل لنحو 20 ساعة يومياً قبل الهجمات التركية، لتنقطع بالكامل حالياً بعد خروج محطة السويدية التي كانت تغذي معظم مناطق الجزيرة السورية، بالغاز والكهرباء عن الخدمة.

وشنّت تركيا 7 هجمات جوية على محطات النفط، أبرزها محطات (سويدية، عودة، مصفاة طفلة، ومصفاة كري بري)، إضافة إلى قصفها مستودعات لصيانة الحقول النفطية في الجزيرة السورية، حسب الإدارة العامة للنفط والمحروقات.

وكان يحصل معمل المنظفات الذي يعمل فيه “عمر” على مخصصات شهرية من المازوت تصل لـ 4 آلاف لتر شهرياً، لكنه بات مجبراً على تأمين احتياجاته من السوق السوداء بأسعار مرتفعة.

ويشدد الرجل الستيني، على أنهم مستمرون بالعمل في سبيل ألا يتوقف الإنتاج، ويضيف: “غلاء المازوت ينعكس سلباً علينا، لأننا لم نرفع الأسعار حتى الآن، لكن إن بقي الأمر على هذا الحال سنضطر لرفعها”.

ويستدرك: “هذا المعمل يعيل 14 عائلة، لكن إذا استمر العمل بهذه الوتيرة فهناك احتمال كبير بأن نقوم بتسريح بعض العمال”.

ويعتبر القطاع الصناعي من أبرز القطاعات الاقتصادية في مناطق الإدارة الذاتية، والتي توفر فرص العمل لآلاف العائلات في ظل الحالة المعيشية الصعبة التي تعاني منها البلاد.

كميات مخفضة

وأدت أزمة المحروقات الراهنة، لإغلاق بعض المعامل، بينما عمد أصحاب معامل آخرون إلى تقليل ساعات العمل في ظل غياب الكهرباء.

وكانت مخصصات أصحاب المعامل البالغ عددها نحو 150 معملاً، ما يقارب 600 ألف لتر من المازوت أسبوعياً، إلا أن الكمية تراجعت إلى الربع حالياً، بحسب أكرم سليمان، الرئيس المشارك لاتحاد غرف الصناعة في شمال شرقي سوريا.

ويضيف لـنورث برس: “القطاع الصناعي تضرر كثيراً عقب القصف التركي، مما أثر على حركة العمل بالإضافة لإيقاف بعض المعامل لعملهم بسبب فقدان المحروقات”.

ويشير إلى أن ما يقارب من ألف محل صناعي كانت تستلم كمية تصل لنحو 30 ألف لتر أسبوعياً، إلا أنه تم رفع الدعم عنها أيضاً، مما اضطرهم لشراء المادة بسعر مرتفع من السوق السوداء، يصل لـ 4300 ليرة سورية، وهو ضعف السعر الذي كان يوفره اتحاد الغرف الصناعية سابقاً للصناعيين، والذي يبلغ 2300 ليرة للتر الواحد.

وباتت معضلة تأمين المحروقات، تؤرق أصحاب الورش الصناعية في القامشلي، وسط خشية من إغلاق أبواب معاملهم لعدم توفر الكهرباء والمحروقات.

ويقول نشتيه خجادوريان، صاحب محل صناعي بالقامشلي، إن “المازوت أثر على عملنا بشكل كبير، كون عملنا متعلق بالكهرباء. أنا أحصل على الكهرباء من مولدة لدى محل بجواري، لكن هم أيضاً بالكاد يصلهم ربع الكمية التي كانت تصلهم سابقاً”.

ويشير الحرفي الأرمني، في حديث لنورث برس، أن انقطاع الكهرباء يتسبب بتراكم العمل عليهم، مما يدفع بزبائنهم للبحث عن محلات أخرى تتوفر لديها الكهرباء.

يقول خجادوريان: “يبقى المتضرر الأكبر هو المواطن، لأننا مجبرين على رفع الأسعار كما جميع الصناعيين”.

تحرير: معاذ المحمد