عقب التصعيد التركي على شمالي سوريا.. ما المنتظر من اجتماع أستانا؟
غرفة الأخبار ـ نورث برس
في ظروف استثنائية تعيشها منطقة الشرق الأوسط، عموما، وسوريا خصوصًا، تنعقد الجول 21 من اجتماعات مسار أستانا في كازاخستان، بحضور كل من روسيا وإيران وتركيا إلى جانب ممثلي الحكومة السورية والمعارضة.
وصيغة أستانا عبارة عن سلسلة من المفاوضات بمشاركة جميع أطراف الصراع السوري حول القضايا الأكثر إلحاحًا في الوقت الحالي. وتتفرد صيغة أستانا في أنه يتم خلالها تبادل متعمق لوجهات النظر حول جميع جوانب التسوية السورية.
والعام الماضي، أعلنت كازاخستان، “انتهاء مسار أستانا” وهو ما أثار لغطًا حينها، قبل أن يقوم وزير الخارجي الكازاخستاني، كانات توميش، بالتوضيح بأن المقصود كان اقتراحًا بتغيير مكان عقد الاجتماعات بعد أن كانت بلاده أبلغت الأطراف المعنية أنها لن تستضيف لقاءات أخرى.
وعادة ما تعقد الاجتماعات بصيغة أستانا بعد بعض الأحداث والتغيرات المهمة في الوضع في سوريا وهو ما يتطبق على الظروف الحالية التي تعقد فيها هذه الجولة، حيث الجمود على الخط السياسي هو سيد الموقف.
وبحسب محلل الشؤون الشرق أوسطية، أندريه أونتيكوف، فإن سبب الاجتماع هذه المرة جاء أكثر الحاحًا، بسبب الظروف التي تعيشها الأزمة السورية، لا سيما بعد التصعيد في مناطق الشمال والمخاوف من قيام تركيا بشن عملة واسعة النطاق هناك.
ويضيف في حديث لنورث برس، أنه أمام التطورات الأخيرة، بات من الضروري اتخاذ خطوات عاجلة، بما في ذلك، للمحافظة على زخم العملية السياسية رغم تراجع الاهتمام بالملف السوري نتيجة الأزمات الجديدة التي اندلعت في المنطقة، وعلى رأسها الحرب في غزة والمخاوف من توسع رقعة الحرب لتشمل كافة الإقليم.
ويوضح “أونتيكوف” أن السبب الأبرز يكمن في السعي لاحتواء التوتر الذي عاد بشكل حاد إلى مناطق الشمال، (التصعيد التركي)، ومحاولة احتواءه و”تصفيره” تمهيدًا للذهاب قدماً نحو مرحلة أكثر تقدمًا تجاه العملية السياسية.
ووفقًا له، فإنه على الرغم من التنافس الروسي الأمريكي والتنافر في المواقف بينها فيما يخص مقاربة الأزمة السورية، إلا أن موسكو وواشنطن تلتقيان، موضوعياً، في ضرورة تقييد أية تحركات مفترضة للجيش التركي في الشمال.
وتعتبران أن هذا التصعيد لا يصب في مصلحة أي من القوى الضامنة أو المشاركة خارج هذه الإطار في الملف السوري، فضلاً عن عدم رغبة القوتين العظميين في توسيع رقعة النزاعات الإقليمية.
ملفات عالقة
ويرجح “أونتيوكوف” أن تتركز المباحثات والجهود للتوصل إلى تفاهمات على قضايا، من أبرزها التصعيد التركي وسحب فتيل الأزمة، ومراجعة ملف التطبيع بين دمشق وأنقرة.
علاوة على الاتفاق على انسحاب تدريجي للقوات التركية من سوريا (الذي تشترطه دمشق لتطبيع العلاقات) إضافة لملف السجناء واللاجئين والطرق الدولية والأوضاع في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية.
وكذلك مسألة استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية السورية المتوقفة منذ العام الماضي، بحسب الخبير الروسي.
ويشير إلى أن الوفد الروسي في المباحثات سيبذل جهودًا كبيرة عبر التنسيق مع كافة الأطراف لإعادة الأمور إلى السياق الذي تم التوصل إليه في الجولات السابقة، ومحاولة تحقيق “اختراق” جديد في جدار الأزمة السورية يوقف احتمالات التصعيد ويدفع إلى تحسين الأوضاع الإنسانية والتقريب من مواقف الفرقاء.
ويتوقع الخبير الروسي أن تفضي الدورة الحالية للقاء أستانا إلى تقديم مبادرات للحيلولة دون خروج الأوضاع في سوريا عن السيطرة، وتحديد مداخل مشتركة، لا سيما لجهة التعامل مع التنظيمات “الإرهابية” العابرة للحدود، حسب وصفه، عبر إعادة إحياء التفاهمات السابقة بين الأطراف الضامنة.
لكنه في ذات الوقت يشير إلى حقيقة مفادها أن مصالح ومواقف الفرقاء السوريين واللاعبين الإقليميين والدوليين، أصبحت أكثر تباعدًا في الوقت الراهن، وهو ما يعني أن لقاءات أستانا، أو المنصات البديلة لها، ستزداد زخما، لأن بقاء الأزمة السورية بكافة ملفاتها في نفق مسدود لن يكون في مصلحة أحد.
“تبريد الواقع العسكري”
ويشير أحمد طعمة رئيس وفد المعارضة السورية إلى مباحثات أستانا، لنورث برس، أن مباحثات أستانا “كانت من أجل تبريد الواقع العسكري على الأرض وصولاً إلى وقف نهائي لإطلاق النار تمهيداً لإيجاد حل سياسي في سوريا”.
ويشدد على أن مباحثات أستانا “لها أهمية كبرى، لأنها تضمن تثبيت وقف إطلاق النار، وتضمن معالجة الانتهاكات وتضمن من خلال المباحثات التأكيد على هذه الثوابت”.
ويضيف “طعمة” أنهم يسعون من خلال مباحثات أستانا “التمهيد لحل سياسي مستقبلي تقوم به الأمم المتحدة وفق قرار مجلس الأمن 2254”.
ويبين رئيس وفد المعارضة أن الدول المشاركة في استانا تعلم أن الملف السوري من أهم الملفات، وكل الدول الضامنة في أستانا لديها قوات عسكرية في سوريا ولديها حلفاء، لذلك لا تزال تستمر في هذه المباحثات على الرغم من الظروف التي يشهدها العالم السياسي.
ويشير “طعمة” أنه من النقاط التي يتم التباحث بها في أستانا هو “إيجاد حل لتوقف اللجنة الدستورية التي يعمل النظام السوري على تعطيلها”.