بوادر شلل في حركة النقل بالحسكة عقب القصف التركي للمنشآت النفطية

سامر ياسين – نورث برس

يخرج عيسى العويد، في كل يومين مرة إلى كراج مدينة عامودا، متجهاً إلى الطبيب الذي يعالج زوجته في مدينة الحسكة، ليتفاجأ يوم أمس، بعدم وجود أي سيارة (سرفيس) لنقل الركاب من عامودا للحسكة.

عيسى العويد (48 عاماً)، من سكان ريف الشدادي جنوبي الحسكة بالأصل، ويعمل مع عائلته المؤلفة من 8 أشخاص بمجال الزراعة في قرية جاغر بريف عامودا، ولا يملك سيارة خاصة به، ويعتمد في جميع أشغاله وأعماله على واسطات النقل العمومية، للتنقل بين عمله والطبيب والأعمال الأخرى.

وقصفت تركيا خلال النصف الأول من شهر كانون الثاني/يناير الجاري، 89 موقعاً، بـ 122 ضربة، 62 منها عن طريق الطائرات المسيرة، و22 منها عن طريق الطيران الحربي.

وتركّز القصف على محطات تحويل وتوليد الكهرباء، والمنشآت النفطية والغازية، بالإضافة إلى مراكز وحواجز تفتيش خاصة بقوى الأمن الداخلي.

ما هو ذنبي؟!

ويتساءل الأربعيني عن ذنبه ليضطر لانتظار سيارة في الكراج لساعات، لتأتي وتنقل هؤلاء الركّاب إلى مدينة الحسكة، أو يقوم باستئجار سيارة خصوصية على حسابه الشخصي، والتي تكلفه أكثر من 700 ألف ليرة سورية حسب قوله.

ويبقى السؤال الذي يراوده: “أنا أعلم بفقدان المازوت من المحطات، وبأن أغلب السيارات توقفت قسراً، ولكن ما هو ذنبي؟

ويقول “العويد” لنورث برس: “اليوم قدمت إلى الكراج في عامودا، لأتفاجأ بعدم وجود أي واسطة لنقلي للحسكة، بسبب عدم توفر مادة المازوت، فانتظرنا ساعات حتى أتت سيارة (سرفيس) وقدمنا إلى الحسكة، ولكن في المستقبل، إن لم يبقَ سيارات لنقلي أنا وعائلتي إلى الطبيب، الذي نراجعه باليومين مرة، كيف سأتدبر أموري؟

ويضيف: “حتى إن قمنا باستئجار سيارة خصوصية، سيقول لنا بأن مادة المازوت غير متوفرة وسيقوم برفع تكلفة الذهاب والإياب من ريف عامودا إلى الحسكة إلى أكثر من 700 ألف ليرة سورية، فكيف سأدفع هذا المبلغ في كل يومين مرة، وأنا وعائلتي جميعنا نعمل بـ1500 ليرة سورية بالساعة فقط؟

مصدر الرزق الوحيد

أيمن العلي (28 عاماً)، من مدينة تل براك بريف الحسكة الجنوبي، ويعمل على سيارته من نوع (سرفيس)، على خط تل براك – الحسكة، وتتألف عائلته من 7 أشخاص، يعيشون جميعاً على الدخل اليومي لهذه السيارة، حسب قوله.

يقول “العلي” لنورث برس: “عندما كانت مادة المازوت متوفرة لنا قبل القصف، كانت أعطالنا كثيرة وبالكاد نذهب إلى منازلنا ومعنا المصروف اليومي للعائلة، فما بالك اليوم انقطع المازوت بشكل تام عن سيارات الأجرة كسيارتي، فاليوم فقط توقفت أكثر من 50 سيارة، بسبب عدم توفر المازوت، جراء القصف التركي للمنشآت النفطية”.

ولا يملك الرجل مصدر رزق آخر غير السيارة، “وبعد توقف عملنا بسبب عدم توفر المازوت وضعي المادي بات سيئاً للغاية، وإذا استمر الوضع على هذه الشاكلة ولم يتوفر لنا المازوت لنعمل، أنا وعائلتي سنموت من الجوع”.

وقصد عبد العزيز شيخي (25 عاماً)، وهو أيضاً صاحب سرفيس يعمل على خط عامودا – الحسكة، محطة وقود ليحصل على مادة المازوت، “فأبلغونا بعدم وجودها، وذلك بسبب خروج المنشآت النفطية عن الخدمة إثر القصف التركي”.

وليس لدى “شيخي”، عمل آخر، “فاضطررت لتعبئة المازوت من السوق الحرة، بسعر 5500 ليرة سورية لليتر الواحد، فقط لكي استمر بعملي وأنقل هؤلاء الركّاب، الذين أغلبهم من الطلاب والموظفين والمرضى، ومضطرين للذهاب والعودة عن طريق هذه الواسطات”.

وأضاف “شيخي”، لنورث برس: “طالبت الركّاب اليوم برفع تكلفة النقل من 8 آلاف ليرة إلى 10 آلاف ليرة، باعتباري قمت بشرائه من السوق الحرة، ولكن لم يقبل الركاب هذه التسعيرة، فأغلب الأشخاص الذين ننقلهم عبر سياراتنا، من الطبقة المتوسطة وما دون، وأغلبهم يذهب ويعود بشكل يومي”.

توقف قطّاع كامل

من جهتها صرّحت الرئيسة المشاركة لمديرية النقل في مدينة الحسكة وريفها، أمل شاكر، لنورث برس، بأن “العدوان التركي على المنشآت النفطية والبنية التحتية، أثر بشكل سلبي على قطاع النقل في المنطقة، وبالتالي تسبب في عجز عن تقديم مادة المازوت لأًصحاب السرافيس والبولمانات وعموم وسائل النقل”.

وقالت إن من تداعيات ذلك، “توقف عدد من السيارات عن العمل، ما أثر بشكل خاص على المواطنين وخاصة المرضى والطلاب وقطاعات الشحن، حيث باتوا عاجزين عن التنقل بين المدن وداخلها”.

وأضافت المسؤولة: “بدأت بوادر هذه الأزمة تظهر بتوقف قطّاع النقل بين مدينة القامشلي والحسكة وبالعكس، حيث توقفت أكثر من 50 سيارة عن العمل تماماً السبت، بسبب عدم توفر مادة المازوت لهذه السيارات”.

تحرير: معاذ المحمد