مطلع 2024..  صناعيو حلب العاصمة الاقتصادية خارج المنافسة

آردو جويد ـ حلب

تدفع العديد من الشركات الصناعية في منطقة الشيخ نجار وباقي المناطق بحلب الواقعة في شمالي سوريا، ثمن عدم توافر البنية التحتية الكافية والظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه السوريين منذ سنوات طويلة. وبالرغم من أن حلب كانت تعد العاصمة الاقتصادية في سوريا قبل النزاع، إلا أنها لم تعد كذلك حالياً.

يصف الصناعي فراس قزاز، عمل الصناعة في مدينة الشيخ نجار بحلب، بـ”المتراجع” عن سنوات الإقلاع التي دخل فيها إلى سوق العمل في عام 2018 بطاقة إنتاجيه تصل إلى 20% من إنتاج المعمل حالياً.

إنتاج ضئيل

وقال “قزاز” لنورث برس، إن العاصمة الاقتصادية خرجت من المنافسة منذ اندلاع الحرب في سوريا، وكل ما يحدث اليوم من إنتاج هو بمثابة مرجوحة في سوق العمل المغلق خارجياً بسبب قرارات الحكومة وغير كافٍ داخلياً لعدم استيعاب السوق للطاقة الإنتاجية.

وتعاني الشركات والمصانع المحلية التي لم تغلق أبوابها، من انخفاض المبيعات، إذ لم يعد السكان يمتلكون القدرة على الشراء بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية منذ اندلاع الحرب، مما أثر بشكل كبير على إنتاج المعامل والمنشآت في معظم المناطق الصناعية في “الشيخ نجار، الشقيف، الكلاسة، القاطرجي، الليرمون وجبرين”.

وتبلغ مساحة المدينة الصناعية في الشيخ نجار، 4212 هكتاراً، تتبع المحاضر الاستثمارية لوزارة الإدارة المحلية التابعة للحكومة السورية وهي المسؤولة عن منح الاستثمار بعد حصول الصناعي على السجلات الصناعية والتجارية الخاصة في الصناعة والاستيراد والتصدير من وزارتي الصناعة والتجارة الخارجية.

تأخير الودائع النقدية

وأشار الصناعي “قزاز”، أن الصناعات الهندسية تشمل المفروشات الخشبية والمعدنية وخطوط الإنتاج والباتون ومناشر الأحجار والرخام، وهو يختص في الصناعات المعدنية وهي تحتاج إلى مادة لفائف الصاج المعدنية كونها تخضع لرسم جمركي 10% وهي مادة أولية لا تصنع محلياً.

وتحتاج تلك الصناعات إلى تمويل المستوردات عبر المنصة من البنك المركزي للاستيراد، وتكون الآلية على الشكل التالي: على التاجر أو الصناعي الراغب في استيراد أي سعلة من الصناعات الخارجية دفع قيمتها في البنك المركزي، وليتم دفعها عبر قنوات السداد الحكومية متمثلة بغرف التجارة الخارجية في الحكومة.

وتلتزم المنصة بسداد قيمة البضائع الخارجية بعد مئة وخمسين يوماً من دفع قيمتها وهذا ما يشكل عبئاً على التجار والصناعيين في تجميد أموالهم هذه المدة ومنهم من يعود لدفع فرق سعر الصرف إذا طرأ عليه تعديل بحسب تسعيرة المركزي.

وبين “قزاز”، لنورث برس، أن القرارات الحكومية منعت الصناعات من المنافسة في الأسواق الخارجية بسبب ضرائب الشحن ودخول الترانزيت بتجاه الأردن، إذ يدفع على كل سيارة شحن مبلغ 1600 دولار أميركي.

وفي المقابل الحدود الأردنية تتعامل معه (قزاز)، بنفس النسب التي تتقاضها الجمارك السورية بسياسة التعامل بالمثل في دخول الترانزيت مما رفع سعر التكلفة للإنتاج وأخرج المنتج السوري من الأسواق العراقية وغيرها من الدول بفارق السعر التي تسعى للحصول على المنتج السوري.

وتنقسم المدينة الصناعية لثلاث مناطق، كل قسم يضم اختصاصات من الصناعات النسيجية والكيميائية والغذائية والصناعات الهندسية وقسم خاصة للصناعات الدوائية.

وقال مدير الاستثمار في المدنية، إن رخص البناء بلغت 3563 رخصة منذ عام 2014 وحتى نهاية عام 2023، وبلغ عدد المعامل نحو 870 معمل ضمن التراخيص التي بلغ حجم الاستثمار فيها بالمدنية الصناعية نحو 642 مليار ليرة سورية، كلها تكون استثمارات للدولة.

وأضاف الصناعي بشار فتال، لنورث برس، أن المدنية خرجت عن الخدمة بين عامين 2012 و2014 بسبب سيطرت مسلحي المعارضة عليها، وأن إعادة بناء البنية التحتية يحتاج نحو 22 مليار ليرة سورية ما يعادل المليون وخمسمئة ألف دولار أميركي ضمن مشاريع إعادة الإعمار.

وبين أن المدينة تحتاج إلى 100 طلب من مادة المازوت يومياً، وكل طلب يحتوي على 45 ألف ليتر لاكتفاء عمل المصانع والمنشآت في حلب، والكمية التي تصل هي 29 طلباً وهو رقم غير كافٍ، مما جعل الطاقة الإنتاجية تتراجع خلال عام 2023.

الكهرباء عصب الصناعة

وقال مأمون نواي (45 عاماً)، وهو صناعي في مجال النسيج بالمدينة، إن “الضرائب وعملية الرابط التي قامت بها هيئة الضرائب والرسوم، أخرجت الصناعيين عن خط العمل والمنافسة وخاصة أن سياسة المنصة لدى البنك المركزي أصبحت تشكل عبئاً كبيراً علينا كصناعيين وحتى التجار”.

وأشار “نواي” في حديث لنورث برس، أنه وضع مصنعه برسم الاستثمار بقصد التوقف عن الإنتاج وهو غير مستفيد من إنتاج لا يصل إلى 15 % من إنتاج الآلات، وخاصة أن النسيج يجب ألا يتوقف على مدار 24 ساعة، لكن ضعف التصريف الخارجي وضيق الداخلي شكل شللاً لحركة الإنتاج”.

وأضاف أن أي مدنية صناعية تحتاج بشكل أساسي للكهرباء، ولا صناعة بلا كهرباء مستمرة والصناعي يدفع قيمة كهرباء واستجرار، “كبيرة بلا فائدة” وقيمة مادة المازوت الصناعية ارتفعت إلى 12 ألف ليرة سورية تتضمن النقل والضخ.

والمسالة لن تتوقف عند تأمين معوقات العمل أمام حاجة إنتاج النسيج إلى مادة “البوي” للخيوط وهي مادة مستوردة وصعوبات الشحن تشكل عائقاً كبيراً بسبب سياسة الحكومة الجمركية والبنك المركزي وقرارات الدفع وتحصيل سعر الاسترشادية للتصدير بمعدل 5 دولار أميركي للكيلو الواحد.

والأهم أن التكليف الضريبي، أصبح أكبر همِّ الصناعيين كونه لا يعتمد على حجم الإنتاج وتكاليف المنتج، إذ إن وضع تكليف ضريبي لمصنع يعمل بطاقة إنتاجية 15 % نحو 30 مليار ليرة سورية ما يعادل 2 مليون دولار أميركي سنوياً “هنا علينا إيقاف العمل نهائياً”.

وأضاف “نواي”، أن الضرائب العالية التي تفرضها الحكومة السورية، إلى جانب انعدام البنية التحتية الكافية، كانا من بين العوامل المؤثرة في وضع العاصمة الاقتصادية حلب في موقف ضعيف اقتصادياً. بالإضافة لهجرة صناعيين كثر إلى الدول المجاورة بسبب هذه القرارات، ناهيك عن صعوبات تصريف المنتج.

وتعاني مناطق الحكومة السورية منذ سنوات من شح المواد النفطية، ويعتبر الصناعيون أن أسعار المحروقات في الداخل تشكل أكثر من 20% من سعرها في الدول المجاورة وهو ما أثر بشكل كبير على حركة الإنتاج والشحن وضمان سوق تصريف بسعر منافس.

تحرير: معاذ المحمد