سامر ياسين– نورث برس
يتجوّل عبد الله درباس داخل منشأته لإنتاج دقيق القمح بريف عامودا، شمال شرقي سوريا، يلتقط من هنا شظايا القصف التركي التي علق بعضها بالأكياس المجهزة لإرسالها لأفران الخبز في مدينة الحسكة وريفها.
عبد الله درباس (55 عاماً)، مالك مطحنة (الخيرات) التي قصفتها طائرة مسيرة تركية، في 14 كانون الثاني/ يناير، بقذيفتين أصابت شظاياها عاملين، بالإضافة لخروج المنشأة عن الخدمة.
وقصفت تركيا 89 موقعاً، خلال النصف الأول من هذا الشهر, بـ 122 ضربة,62 منها عن طريق المسيرات و22 منها عن طريق الطيران الحربي.
وتركز القصف التركي على مواقع إنتاج وتحويل الكهرباء والوقود، ومراكز وحواجز لقوى الأمن الداخلي (الأسايش)، وشمل 4 مواقع أمنية وعسكرية تابعة للقوات الحكومية.
لكن الضربات طالت أيضاً منازل مدنيين ومشاريع إنتاج خاصة، كمطحنة (الخيرات) بالقرب من قرية سنجق سعدون بريف عامودا.
“الخبز للعيش كالهواء”
يقول درباس، لنورث برس، إنه وعماله مدنيون ولا علاقة لهم بالجهات العسكرية والسياسية، مشيراً إلى أن منتجه (طحين الخبز) الذي يتم إرسال كميات منه لكافة المناطق السورية، لا يمكن أن يتم تصنيفه كعمل عسكري.
وأدى القصف لتوقف الإنتاج في المطحنة، فالطائرة التركية استهدفت قسم الطحن، وعطّلت “العلّافات والسلندرات والغرابيل”.
وبتوقف العمل، فقد 50 عاملاً مورد دخلهم حالياً، ولا يعلمون كم ستدوم أعمال الصيانة التي تحتاج لخبرات وقطع تبديل.
يضيف مالك المطحنة أن عماله يتوزعون على نحو 25 عائلة تواجه الظروف المعيشية المتفاقمة أصلاً، وستتأثر بفقدانها مصدر دخلها لشهر على الأقل.
وكانت المطحنة تعمل بطاقة إنتاجية تبلغ 50 طناً من مادة الطحين يومياً، وتعد من أكبر المطاحن الموجودة في منطقة الجزيرة السورية.
ويعتقد صاحبها أن توقف الإنتاج في منشأته سيؤثر على إنتاج الخبز، الذي يعتبر الغذاء الأساسي الأول في المنطقة، لا سيما للعائلات التي لا تتمكن من تأمين الاصناف الغذائية الأخرى.
ويتخوف درباس من معاودة تركيا استهداف منشأته او مطاحن أخرى في المنطقة، ما سيؤدي لنقص في مادة رئيسية لاستمرار حياة السكان، “الخبز هنا كالهواء والماء”.
إصابات وخسائر
وأدى هجوم الطائرة التركية لإصابة العاملين محمد خير الشيخ (45 عاماً) في القدم، وحسين الحسينو (23 عاماً) بشظايا في مواضع مختلفة من جسده، ومازالا يتلقيان العلاج بعد إسعافهما لأحد مشافي القامشلي.
يتذكر عامل الصيانة حسين الحسينو، الذي تعيش عائلته في حي الزهور بمدينة الحسكة، أنه كان في جولة على الآلات في قسم الطحن حين انفجرت القذيفة واشتعلت النيران، ” أوصلت نفسي إلى باب المطحنة الخارجي ووقعت على الأرض لعدم قدرتي على المشي”..
وقامت عاملة، هي قريبة المصاب، بسحبه لسيارة قامت بإسعافه لمشفى عامودا ثم لأحد مشافي القامشلي، ليتبين هناك أن الشظايا أصابته بجروح في يده وقدميه وفي البطن والصدر والظهر.
ومنذ عشرة أعوام، يعمل الحسينو مع عمال آخرين من أقربائه كمسؤول عن آلات الطحن وصيانتها.
يقول العامل إن كذب الادعاءات التركية باستهداف مقاتلين بات واضحاً لكل العمال الذين يعلمون أنه لا يوجد عسكري واحد بينهم، “جميعنا فقراء وتركنا منازلنا ومناطقنا وجئنا للعمل في هذه المنشأة”.
وكانت تركيا قد تبنت قصف المطحنة ومواقع اخرى عبر فيديو نشره إعلامها الرسمي، قالت فيه إن المواقع تابعة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني.
وتحتاج المطحنة لأعمال صيانة قد تتجاوز تكلفتها 60 ألف دولار أميركي لإعادتها على ما كانت عليه سابقاً، بحسب تقديرات مالكها.