قلق واستياء في بلدة حدودية شمالي سوريا من قصف تركي وصمت الضامنين
دلسوز يوسف ـ الدرباسية
في منزله بالدرباسية شمالي الحسكة، توافد الجيران والأقرباء للاطمئنان على صحة كابرين فرحو (32 عاماً) وهو موظف في دائرة الكهرباء، بعد خروجه من المشفى جراء إصابته بشظايا قذيفة طالت محطة الكهرباء أثناء محاولته إخماد النيران فيها، أمس الاثنين.
ويروي “فرحو” تفاصيل إصابته لنورث برس: “عندما قصفت الطائرات التركية هرعت برفقة رئيس دائرة الكهرباء إلى المحطة لإخماد النيران، وبينما كنا نخمدها قصفت المحطة مرة أخرى وكنت قريباً من مكان الاستهداف فأصبت بشظايا بمختلف أنحاء جسدي”.
ولم يخفِ “فرحو” مخاوفه من الاستهداف مجدداً، “أنا لست عسكرياً، أنا موظف مدني، هذا الاستهداف ولّد المخاوف لدينا أن نكون معرضين لمثله في أي لحظة، فجميع المدنيين حياتهم على المحك”.
وتشن تركيا منذ الـ 12 من كانون الثاني / يناير الجاري، هجمات عنيفة على المدن والبلدات في شمال شرقي سوريا، مستهدفة البنى التحتية والمنشآت الحيوية.
وتسبب القصف بخروج 7 محطات لتوليد الكهرباء عن الخدمة، بالإضافة لتضرر العشرات من المنشآت النفطية والغازية والاقتصادية ومنازل المدنيين، وفق بيان للإدارة الذاتية الديمقراطية، أمس الاثنين.
وأحصت قوى الأمن الداخلي لشمال شرقي سوريا، في بيان منفصل، إصابة 6 مدنيين بينهم امرأة وطفليها في الدرباسية، جراء الهجمات التركية.
ووسط الدمار يعاين الشاب بلال حسو، بقايا ألبسة لهب في منزل شقيقه بقرية كربتلي بريف مدينة الدرباسية، شمالي الحسكة، بعدما طاله قصف تركي دمر المنزل كلياً.
ويقول “حسو” لنورث برس: “كانت زوجة شقيقي وطفليها في المطبخ يعدون الطعام عندما سقطت قذيفة بواسطة طائرة مسيرة على المنزل، لكن الحمدلله نجوا منها بجروح متفاوتة”.
ويضيف بحنق شديد: “نحن مدنيون ولسنا عسكريون لتقصفنا تركيا، ولا يوجد نقاط عسكرية في قريتنا”.
وتسبب القصف باحتراق أثاث المنزل بعد انهيار السقف المبني من التوتياء والطوب والقش بالإضافة لدمار في جميع أركانه.
وشهدت غالبية مدن الجزيرة السورية، أمس الاثنين، تظاهرات حاشدة منددة بالهجمات التركية، في حين اعترض سكان في الدرباسية مسار دورية روسية، احتجاجاً على الصمت الروسي حيال القصف التركي، كونها قوة ضامنة لوقف إطلاق النار إلى جانب الولايات المتحدة في المنطقة.
ويشدد “حسو”، على أنهم يطالبون القوات الروسية بتوضيح موقفهم. متسائلاً: “ماذا تفعلون هنا إن لم تستطيعون حمايتنا؟، الشعب خائف ومنهك كثيراً من الهجمات التركية المستمرة”.
100 ألف نسمة بلا كهرباء ومياه
وشهدت مدينة الدرباسية، هدوءاً نسبياً وسط تراجع في حركة المارة بينما أوصد أغلب أصحاب المحلات التجارية أبوابها، بعدما قصفت تركيا محطة لتحويل الكهرباء ضمن المدينة.
وقصفت القوات التركية طيلة الأيام الثلاثة الماضية، محطة للكهرباء، وصالة للأفراح ومركز اتحاد الفلاحين والتموين وأمن الحواجز، بالإضافة لمنزل أحد المدنيين، في منطقة الدرباسية.
وأمام مولدة محترقة ضمن محطة الكهرباء، يقول فايز عمر، الرئيس المشارك لبلدية الشعب في الدرباسية، إن “هذه المحطة التي كانت تغذي مدينة الدرباسية و250 قرية تابعة لها، خرجت عن الخدمة، كما توقفت آبار المياه أيضاً لعدم توفر الكهرباء”.
ويشير “عمر”، في حديث لنورث برس، إلى أن “100 ألف نسمة في منطقة الدرباسية، بلا مياه وكهرباء حالياً، والخسائر تقدر بنحو 10 ملايين دولار تقريباً”.
ويضيف: “البدائل لدينا وفق إمكانيات البلدية، هي توزيع المياه عبر عدة صهاريج متوفرة لدينا، لكنها لن تغطي حاجة المنطقة”.
ويشدد الرئيس المشارك لبلدية الشعب في الدرباسية، على أن تركيا تستهدف البنى التحتية “بهدف تهجير المدنيين من مناطقهم”.
واعتبرت الإدارة الذاتية خلال مؤتمر صحفي، أمس الاثنين، أن تركيا تنتهج “سلوكاً عدونياً” تجاه شعب شمال شرقي سوريا، متجاوزةً كافة القوانين والأعراف الدولية.