القطاع الصحي شمال شرقي سوريا يواجه الحصار والبيروقراطية الدولية

زانا العلي – الرقة

يواجه القطاع الصحي في شمال شرقي سوريا تحديات جمّة في ظل الحرب والنزاعات الدائرة في المنطقة.

وتطرق تصريح مكتوب من هيئة الصحة في شمال وشرق سوريا، لنورث برس، للواقع الصحي في المنطق وأهم التحديات. وآلية التعامل مع الجهات الدولية وخاصة منظمة الصحة العالمية لدعم القطاع الصحي في المنطقة. 

ومن التحديات الأساسية نقص التمويل والبنية التحتية المدمرة وقلة الكوادر الطبية ونقص الأدوية والمعدات، إضافة إلى تفشي الأمراض والأوبئة، ومعاناة مرضى السرطان في المنطقة.

ومن التحديات الأخرى الحصار الاقتصادي، واستحالة الأمن والسلامة نتيجة استمرار العمليات العسكرية التي تحد من قدرة العامليين الصحيين على تقديم خدماتهم بأمان، وتوفير الرعاية للنازحين بسبب كثرة عددهم، إضافة للتحديات اللوجستية بسبب صعوبات تواجهها شبكات النقل والاتصالات ما يعيق وصول المساعدات.

تقول هيئة الصحة، إن السكان يشتكون من قلة الخدمات نظراً للعبء الهائل التي تفرضه هذه التحديات على النظام الصحي الذي يحاول العمل وسط ظروف استثنائية.

وتضيف: “الجهود الدولية والدعم الإنساني ربما يساعدان على تحسين الوضع، لكن ذلك يتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً أوسع لضمان وصول المساعدات والكوادر الطبية”. 

التعامل مع الجهات الدولية

تعتمد آلية التعامل مع الجهات الدولية لدعم القطاع الصحي في مناطق الإدارة الذاتية على عدة عوامل، ومن أهمها تحديد الاحتياجات الأولية.

كما تعتمد على التواصل، أي فتح قنوات تواصل مع المنظمات الدولية بما فيها منظمة الصحة العالمية عن طريق مكاتب الارتباط أو من خلال التنسيق مع الحكومة السورية عند الضرورة، وتقديم المقترحات والخطط.

كما تسعى هيئة الاقتصاد من خلال الإدارة الذاتية، لإقامة شراكات مع المنظمات الدولية والإقليمية لتنفيذ مشاريع الرعاية الصحية، والشفافية والمساءلة.

بالإضافة إلى التنسيق الأمني نظراً لتعقيد الوضع في سوريا عموماً، ما يستلزم تنسيقات أمنية تضمن سلامة الفرق الطبية والمساعدات الدولية، وتفعيل البروتوكولات الصحية الدولية من خلال التوافقية مع الإجراءات والمعايير المتبعة مع القواعد الدولية.

ووفقاً لهيئة الصحة، إنه “يمكن أن تواجه مناطق الإدارة الذاتية تحديات فريدة في التعاون الدولي بسبب الوضع السياسي الراهن”.

وبالرغم من هذا، تعمل الكثير من المنظمات الدولية على تجاوز هذه التحديات لتوفير الدعم اللازم للمدنيين في هذه المناطق وتسهيلات تقدمها الإدارة الذاتية.

ضعف إمكانيات

وفي الآونة الأخيرة انتشر فيروس في شمال شرقي سوريا، أو كما يعرف محلياً “كريب”، ما أثار مخاوف السكان من عودة انتشار فيروس كورونا.

وتشير هيئة الصحة، إلى أن الأمراض التي تنتشر في المنطقة تتأثر بجملة من الظروف، وهذه الأمراض “تستهلك موارد الهيئة، إذ إن الأمراض الأكثر شيوعاً تحتاج إلى موارد هامة للمعالجة”.

ومن الأمراض المعدية المنتشرة في المنطقة، الحصبة السحايا، التهاب الكبد، السل، والأمراض التي تنتشر عن طريق الماء مثل الكوليرا والإسهالات الحادة والأمراض الناتجة عن سوء الصرف الصحي ونقص المياه النظيفة.

في حين أن هناك انتشارا للأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، إضافة إلى المشاكل النفسية والعقلية بما في ذلك اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) الاكتئاب والقلق وهي نتائج شائعة بعد العنف والنزاعات.

وهناك أمراض أخرى مثل سوء التغذية وخاصة لدى الأطفال، والتي يمكن أن تتطور إلى حالات صحية خطيرة، والإصابات والحوادث التي تنتج عن النزاع والأوضاع الأمنية المتقلبة. 

ويعتبر مرض السرطان من الأمراض المرعبة في سوريا بشكل عام وشمال شرقي البلاد بشكل خاص، لدرجة أن السكان يدللون على اسمه بعبارات دون أن يذكرونه كـ “هداك المرض” أو “المرض الخبيث” ويذيلونها بدعاء “اللهم عافينا”.

والسبب الرئيسي وراء خوف السكان هو أنه أغلب المرضى لا ينجون منه، فضلاً عن التكاليف المادية الباهظة لشراء الجرعات الكيميائية، الأمر الذي يفاقم معاناة العائلة من الناحية المادية.

ويوجد مركز وحيد للأورام الخبيثة على مستوى شمال شرقي سوريا، متواجد في الرقة يستقبل المرضى من كل المناطق، افتتح في الشهر السابع من العام الفائت.

ووفقاً لهيئة الصحة، “المركز استقبل حتى تاريخ إعداد هذا التقرير 1120 مريضاً بين معاينات وجرعات توزعت على الشكل الآتي: 937 بالغ و128 طفل. في حين هناك مرضى لم يسجلوا أو يتعالجوا في هذا مركز”.

وتحاول الإدارة الذاتية في الأيام القادمة دعمهم من خلال تأمين الجرعات اللازمة وتوفرها لجميع المرضى، وفقاً لهيئة الصحة.

وتصف هيئة الصحة توفير الرعاية الصحية لسكان المنطقة بـ”التحدي الأكبر” في مناطق النزاع، بسبب “النقص في النواحي اللوجستية، الأمنية، شح الموارد، والحاجة للكوادر المدربة”.