كوباني.. عشر سنوات ومازال ذوو المفقودين يعيشون على أمل لقائهم

فتاح عيسى – كوباني

رغم مرو عشر سنوات على فقدان الاتصال به واختطافه لدى تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ما تزال السيدة نورية الحاج أحمد عدي (47 عاماً)، تأمل هي وأطفالها عودة زوجها محمد إسماعيل إليهم يوماً ما.

واختطف تنظيم “داعش” خلال عامي 2013 و2014 أكثر من 550 شخصاً ينحدرون من كوباني وريفها، شمالي سوريا، وفق توثيق لجان ومنظمات حقوقية، حيث ما زال مصيرهم مجهولاً بعد نحو خمس سنوات من دحر تنظيم “داعش” من آخر معاقله في الباغوز بريف دير الزور، شرقي سوريا.

تقول “عدي” لنورث برس، إن زوجها سافر إلى الرقة في شهر آب من عام 2014 كي يشتري أسلاكاً كهربائية، ولكنه لم يعد. “ومنذ ذلك الحين لا نعرف شيئاً عن مصيره”.

قرارات دون عمل

وتحمل الزوجة، الأمم المتحدة، التي أنشأت مؤسسة لبحث موضوع المفقودين، مسؤولية العمل بأسرع وقت، “كي يعمل ذوو المفقودين مصير من فقدوهم. نحن ننتظر منذ سنوات للحصول على معلومة عنهم”.

ونهاية حزيران/ يونيو الماضي، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن تبنيها لمشروع قرار بإنشاء مؤسسة للكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسريا في سوريا.

وبحسب تقديرات مختلفة للأمم المتحدة، فإن عدد المفقودين  في سوريا منذ عام 2011 وحده يبلغ حوالي 100 ألف شخص ، لكن هناك مفقودين قبل هذا التاريخ، ويعتقد أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك.

ودعت الجمعية العامة الدول وكل أطراف النزاع في سوريا إلى التعاون الكامل مع المؤسسة الجديدة.

وفي الوقت الذي عبر فيه درويش كرعو (50 عاماً)، عن سعادته بإنشاء مؤسسة تابعة للأمم المتحدة لبحث شؤون المفقودين في عام 2023، إلا أنه يقول إن “المؤسسة الجديدة لم تعمل أي شيء بعد على أرض الواقع”.

ولا تقل مأساة “كرعو” عن سابقته، بل تزيد، إذ إن الرجل لا يعلم مصير 13 شخصاً من أفراد عائلته، بينهم شقيقه وخمسة من أبناء عمومته.

يقول “كرعو” إن أقرباءه اختطفوا جميعاً في 20 أيلول/ سبتمبر من عام 2014 من قبل “داعش” أثناء هجومه على مدينة كوباني.

ويضيف “كرعو” أن المعلومات عن أقربائه كانت تصلهم قبل طرد التنظيم من مدينة الباغوز، وقبل الحملة ضد “داعش” في الرقة، “بينما لم تصلنا أي معلومات عن مصيرهم أو مكان تواجدهم منذ تحرير قوات سوريا الديمقراطية لمدينة الرقة”.

ويأمل “كرعو” من الأمم المتحدة أن تنفذ القرار على أرض الواقع، “وأن يكون عمل المؤسسة الجديدة تحت إشرافها وليس تحت إشراف جهات أخرى”.

أكثر من 550 مفقوداً

ويقول “كرعو” وهو إداري في لجنة المفقودين، إن اللجنة وثقت أسماء أكثر من  550 شخصاً مختطف لدى “داعش”. مشيراً إلى عدم وجود اهتمام من قبل المنظمات الإنسانية فيما يخص قضية المفقودين ضمن كوباني، بعد نحو ست سنوات من إنهاء وجود تنظيم “داعش” في المنطقة.

ويضيف “كرعو” أن ذوي المختطفين يأملون في حال تفعيل عمل المؤسسة الجديدة كشف مصير أقربائهم، “ولكن عدم تفعيل المؤسسة وبقائها حبراً على ورق، سيؤدي لمرور ست سنوات أخرى دون الوصول لمعلومات عن مصير المفقودين”.

ويشير “كرعو” أن المفقودين من كوباني لدى “داعش” أغلبهم اختطف خلال عامي 2013 و2014، منهم من اختطف على طريق كوباني – منبج، ومنهم اختطف على طريق كوباني- الجزيرة قرب بلدة عالية، ومنهم من اختطف في مدينة الطبقة، وآخرون اختطفوا في قراهم أثناء هجوم “داعش” على كوباني.

ويأمل “كرعو” من قوات سوريا الديمقراطية أن تشاركهم نتائج التحقيقات مع قادة “داعش” ومن بينهم “وزير شؤون الأسرى لدى التنظيم”، حول مصير المفقودين في حال كان لديهم ملفات بخصوص القضية.

آمال تفتقد التحقق

ينتظر فاضل محمود جاويش، بفارغ الصبر، اليوم الذي يحصل فيه على خبر عن مصير والده الذي اختطف قبل أكثر من عشر سنوات في مدينة تل أبيض شمالي الرقة.

يقول جاويش ( 35 عاماً) إن والده اختطف في 21 تموز/ يوليو من عام 2013 بمدينة تل أبيض، وحينها كان فصيل “أحرار الشام” و”جبهة النصرة” يسيطران على المدنية.

وسبق أن تم اختطاف “جاويش”، من قبل أحرار الشام، رفقة أشخاص آخرين من كرد المنطقة، لكن والده اختطف من قبل “جبهة النصرة”، حينها، وتم نقله إلى أحد سجون الرقة.

ويضيف الشاب: “أثناء نشوب اشتباكات واقتتال بين تنظيمي داعش وجبهة النصرة، فتحت أبواب السجن فهرب المعتقلون، بينما سيطر “داعش” على السجن الذي تواجد فيه والدي، وحتى تاريخ اليوم لا نعرف مصيره أو مكان تواجده”.

ويحمل “جاويش” جميع الأطراف، مسؤولية التعاون والعمل لكشف مصير المفقودين، سواء أكانت لجان حقوقية أو مؤسسات تابعة للأمم المتحدة.

ويقول “جاويش” إنه سمع مؤخراً عن إنشاء مؤسسة تابعة للأمم المتحدة لبحث ملف المفقودين، وهذا ما دفعه للشعور بالأمل في أن تعمل هذه المؤسسة “بشكل سريع كي تكشف مصير المفقودين، وخاصة أن عدد المفقودين في كوباني ومنبج وتل أبيض كبير”.

تحرير: معاذ المحمد