“يسمعون كل شيء”.. زوجات في مخيم بالحسكة تروين تفاصيل حياتهن الزوجية
سامر ياسين – نورث برس
في مخيم سري كانيه للنازحين، شمال شرقي الحسكة، تعيش ابتهال مع زوجها وأهله ضمن خيمتين فقط، كانتا بالكاد تكفيهما قبل زواجها من ابنهم، ولم تكن تعلم بأنه لن يكون هناك مكان أو غرفة خاصة بها وبحياتها الزوجية.
ابتهال، النازحة من ريف سري كانيه/رأس العين، والقاطنة في مخيم سري كانيه، تزوجت العام الماضي، على أمل أن تكوّن أسرة خاصة بها، وتعيش حياتها ككل الفتيات اللواتي يتزوجن ويبدأن حياة جديدة مع أسرة جديدة.
خصوصية غائبة
وتشكو العشرينية ضيق الخيمة التي تقطن فيها مع زوجها وعائلته في المخيم، وتقول لنورث برس: “مع وجود 8 أشخاص غير زوجي في خيمتنا، بقينا طيلة هذا العام لا نفكّر بالأولاد، ومؤخراً اقتنعنا بضرورة وجود أولاد لنا، ولكن مع ضيق المكان وعدم وجود خصوصية في خيمتنا، من الصعب جداً التفكير بالموضوع حتى!”.
وتضيف: “مؤخراً بدأت المشاكل تظهر بيني وبين أهل زوجي، وسببها ضيق المكان الذي نعيش به، فأنا محرومة تماماً من الخصوصية العائلية مع زوجي، في ظل وجود والده وأخيه الشاب معنا بنفس الخيمة، حتى أن الحمامات والمطبخ مشتركة بيننا جميعاً، والمكان الذي ننام فيه أيضاً يدخله جميع أفراد العائلة ولا خصوصية له أبداً”.
وكل ما كانت تحلم به ابتهال وتتمناه، هو الحصول على خيمة خاصة، لتكوِّن بها أسرة صغيرة مع زوجها، على عكس ما تعيشه الآن، حسب تعبيرها.
“زواج لأسبوع فقط”
أماني (19 عاماً)، أيضاً متزوجة في مخيم سري كانيه، وتقطن مع زوجها وعائلته المؤلفة من 9 أشخاص بخيمتين فقط، تعاني من ذات المشكلة، وتقول بأن “الأسبوع الأول من زواجي فقط كنا لوحدنا ولكن الآن جميعنا نعيش سوية”.
تشرح أماني هذه المعاناة لنورث برس: “كنت أعلم بأنني سأتزوج في المخيم ولكن لم أكن أعلم بأن المكان ضيق لهذه الدرجة، وأن أهل زوجي لا يملكون إلا خيمتين فقط، فبعد مرور أسبوع واحد على زفافي، حُرمت تماماً من الحرية والخصوصية مع زوجي”.
وتضيف: “أي امرأة تريد أن تعيش مع زوجها فقط، تجلس معه لوحدها، تحضر له الطعام، ولكن هذا الشيء مفقود تماماً في مكان كهذا، حتى أن المشاكل التي تحدث بيني وبين زوجي، كل العائلة تسمعها وتعلم بها”.
وتعاني أماني، من الإحراج، وتشرح ذلك بالقول: “أنا وزوجي بالكاد نستطيع النوم مع بعضنا لوحدنا، وعندها تضطر العائلة كاملة، المؤلفة من 4 شباب غير زوجي و3 بنات، ووالدي زوجي، للنوم بخيمة واحدة، وهذا الشيء يشعرني بالخجل كثيراً، أمام أهل زوجي، فكيف أجعل 9 أشخاص ينامون بخيمة واحدة، ونحن شخصين فقط بخيمة؟!”.
وطلبت أماني وزوجها مراراً وتكراراً وعلى مدى عام كامل، من إدارة المخيم الحصول على خيمة خاصة بهم وعزلهم عن الأهل، ولكن دون جدوى، حتى أن إدارة المخيم لم يضيفوا اسمها لقائمة العائلة للحصول على مستحقات غذائية وطبية، حسب قولها.
محرومات من أبسط الحقوق
تشكو أميرة (23 عاماً)، من سكان مدينة الحسكة، والتي تزوجت أيضاً العام الماضي، وأتت إلى خيمة زوجها التي يقطنها 10 أشخاص، من حرمانها من أبسط الحقوق الطبية والغذائية والاجتماعية. إذ لم يحصل زوجها على بطاقة نزوح خاصة به بعد زواجه، حتى أن الجهات المسؤولة رفضت إضافة اسمها إلى عائلة زوجها، فهي حتى الآن غير مسجلة بأنها موجودة في المخيم حتى، حسب تعبيرها.
ومنذ زواجها الذي مضى عليه عام كامل، “نحاول الحصول على بطاقة وخيمة خاصة بنا، لأستطيع العيش مع زوجي فقط، ولكن دون جدوى، فعائلة زوجي تتكون من 9 أشخاص، وبعد قدومي للمخيم أصبحنا عائلة كبيرة بمكان ضيق، لذلك من الضروري أن تكون خيمتي خاصة بي فقط”.
وتشعر أميرة “بالخجل كثيراً” في ظل وجود أهل زوجها معهم في نفس المكان، “فأنا غريبة عنهم ولا يعرفونني، أريد أن أكون مع زوجي لوحدنا فقط”.
مخيم سري كانيه، الواقع شمال شرق الحسكة، يقطنه حوالي 16 ألف شخص، موزعين على 2559 عائلة، ويقطنون حوالي 3000 خيمة، وهم من سكان مدينة وريف سري كانيه/رأس العين، نزحوا لهذا المخيم إبان الاجتياح التركي للمدينة أواخر 2019.
وتحصل كل عائلة قاطنة في المخيم على خيمة واحدة فقط في حال كان عدد أفرادها أقل من 7 أشخاص، وإن كان العدد أكبر يحصلون على خيمتين، ولم يستلم حتى الآن أي شخص تزوج مؤخراً، خيمة خاصة به.
وفي حديثها لنورث برس، قالت الرئيسة المشاركة لمجلس مخيم سري كانيه، سلوى ججو، إن “عدد الأشخاص المتزوجين منذ تأسيس المخيم وصل إلى حوالي 200 شخص، وهم على قوائم الانتظار، لعزلهم عن أهلهم، ومنحهم خيمة وبطاقة خاصة بهم”.
واستدركت حديثها بالقول: “لكن المفوضية لم تمنحنا حتى الآن أي خيمة جديدة، واستمرار هذا الازدحام وعدم حل هذه المشكلة أحدثت أزمة ضمن المخيم، فالمتزوجون حديثاً يعيشون مع أهلهم في خيمة واحدة، حتى خصوصية العائلة الشرقية باتت غير موجودة ضمن المخيم، والمشكلة تتفاقم يوماً بعد يوم في ظل الزواج المستمر والولادة التي تحصل في المخيم”.
وأشارت المسؤولة في حديث لنورث برس، إلى أن الإدارة الذاتية، “لا تملك إمكانيات كافية لمنح خيام جديدة للمستحقين، والمهمة الأساسية تقع على عاتق المفوضية السامية للاجئين، ورغم مطالباتنا المستمرة لهم وللمنظمات الإنسانية الأخرى التي تعمل في المنطقة، إلا أن طلباتنا حتى الآن دون استجابة”، حسب تصريحها.