خوفٌ عاشه سكان منازل طالتها قذائف تركية شمالي الحسكة

الدرباسية – نورث برس

بينما ينهمك العمال في أعمال الترميم، تتفقد هيفي الملا، منزلها في مدينة الدرباسية، شمال شرقي سوريا، بعد أن طاله قصف تركي قبل أيام وألحق به أضراراً جسيمة.

وتتفحص السيدة الأربعينة، الزجاج المحطم في باب منزلها، وتقول لنورث برس: “قبل أسبوع وفي تمام الساعة حوالي الـ 17:30 مساءاً عندما استهدفنا القصف بشكل مفاجئ، كنا جالسين أنا ووالدي وشقيقي وأولاده في الداخل”.

وتضيف بنبرة يغلبها الحزن: “عشنا لحظات هلع ورعب بشكل مخيف”.

ولحسن الحظ نجت عائلة “الملا” من القصف الذي لم يعرف إن كان بواسطة طائرة مسيرة أو قذيفة مدفعية، “لم يصب أحد منا بأذى لكن الأضرار المادية كانت كبيرة، وقع سقف مستعار لغرفتين من منزلنا كما تحطم زجاج سيارة والدي بالإضافة لتضرر أثاث المنزل”.

هجمات عنيفة

وشنت القوات التركية في الـ 23 من كانون الأول / ديسمبر الجاري، هجوماً عنيفاً على مناطق مختلفة في شمال شرقي سوريا، تسبب بدمار كبير في البنى التحتية ومنازل المدنيين.

واستهدفت تركيا خلال هجماتها التي استمرت لثلاثة أيام، 121 موقعاً بإجمالي 179 ضربة في مختلف مناطق شمال شرقي سوريا، فقد خلالها 11 شخصاً حياتهم بينهم امرأتان وأصيب 30 آخرون، بحسب ما وثقه قسم الرصد والتوثيق في نورث برس.

كما سجل قسم الرصد والتوثيق منذ بداية العام الحالي، 930 استهدافاً للقوات التركية طال منها 711 منطقة سكنية و53 من البنى التحتية و52 موقعاً لقوات سوريا الديمقراطية، و65 للقوات الحكومية، و21 موقعاً من الأرضي الزراعية، و24 منشأة صناعية و 4 مراكز صحية.

وتأتي الهجمات التركية بعد أن شنت في تشرين الأول / أكتوبر الفائت، هجوماً مماثلاً على مناطق الإدارة الذاتية في شمالي سوريا، تسبب في دمار كبير في المنشآت الغازية والنفطية والعشرات من المواقع الحيوية والخدمية.

ومنذ يوم الحادثة انتقلت عائلة “الملا” للسكن لدى أحد أقربائها في مدينتهم المحاذية للحدود التركية، شمالي الحسكة، إلا أنهم بدأوا مؤخراً بأعمال الترميم تمهيداً للعودة لمنزلهم، لكن الخوف لا يزال يسيطر عليهم.

وتقول: “ليس لدينا مأوى آخر، أطفالنا الصغار خائفون(..) حالياً نعيش في رعب ولا يزال دوي القذيفة في آذاننا”.

وتثير الضربات التي تنفذها القوات التركية ضد مناطق شمال شرقي سوريا، بين الحين والآخر، انتقادات واسعة، وسط سخط شعبي لتسببها في دمار البنية التحتية ومقتل وإصابة المدنيين.

وفي تعليق على هذه الهجمات، دعا الجنرال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، المجتمع الدولي لردع الهجمات التركية، محذراً من تفاقم الأوضاع وحدوث “حرب كبيرة”.

الخوف سيد المشهد

ومع هدوء دوي القصف على الشريط الحدودي، عادت الحياة شيئاً فشيئاً إلى أحياء مدينة الدرباسية على غرار مختلف مناطق الجزيرة السورية، إلا أن الحذر والخوف لازال سيد المشهد بالنسبة للسكان تحسباً من احتمالية قصف تركي جديد.

ووسط الدرباسية، بدأ عبدالحكيم بكر، بترميم منزله المبني من الطين، بعد أن أحدث سقوط قذيفة تركية فجوة كبيرة بسقفه، إضافة لأضرار مادية كبيرة في أثاثه، ليستقر وعائلته لدى أحد أقربائهم ضمن المدينة في الوقت الراهن.

وفي إحدى زوايا المنزل، جمع “بكر” بقايا شظايا القذيفة ليجد على إحداها كتابات باللغة التركية.

وبينما ينهمك العمال في أعمال الصيانة، يستذكر “بكر” لحظة القصف الذي جرى أيضاً الثلاثاء الماضي، ويروي لنورث برس: “كنا أكثر من 10 أشخاص في المنزل كانت الساعة السابعة مساءاً، حين ظهر شعاع ضوء ليتبعه دوي صوت قوي داخل المنزل الذي ملئه الغبار والدخان”.

وفي تلك اللحظة، ظن الرجل أن جميع أفراد عائلته قد فارقوا الحياة، على اعتبار أن الاستهداف التركي كان مباشراً، “لكن الحمدلله لم يصب أحد بأذى رغم أن الغرفة التي سقطت القذيفة عليها كنت أنا وطفلي الصغير بداخلها”، يقول “بكر”.

ويقدر رب العائلة الأربعيني خسائره بنحو خمسة آلاف دولار أمريكي جراء القصف، ويتسأل بانفعال: “أنا شخص مدني من سيعوضني خسائري وحالة الرعب التي نعيش فيه؟”.

وبينما يسابق “بكر” الزمن لترميم منزله قبل أي هطولات مطرية، يخشى على حياة أسرته من تجدد القصف التركي، “أولادي خائفون ولا يتقبلون فكرة العودة مجدداً للمنزل بسبب حالة الرعب التي عاشوها”.

تحرير: معاذ المحمد