مثقفون في القامشلي: المنشآت الثقافية لم تكن بمنأى عن القصف التركي

القامشلي- نورث برس

علّقت اتحادات الكتاب والمثقفين كافة نشاطاتهم وفعالياتهم بسبب الهجمات التركية على منشآت خدمية وثقافية وصحية وبنى تحتية في عدة مناطق بشمال شرقي سوريا، والتي أسفرت عن عشرات الضحايا المدنيين، وخلفت أضراراً جسيمة في المنطقة.

ومن بين المنشآت المدنية التي استهدفها القصف التركي كانت “مطبعة سيماف”، في 25 كانون الأول/ ديسمبر 2023، بعدة ضربات تسببت بفقدان سبعة أشخاص حياتهم من ضمنهم مدير المطبعة وإصابة آخرين.

مطبعة سيماف.. منشأة مدنية

وتأسست مطبعة سيماف في أواخر عام 2013، في إحدى الأقبية بحي البشيرية بمدينة القامشلي، وبكارد عمل لا يتجاوز 15 شخصاً.

ونُقلت المطبعة في عام 2018، إلى المبنى الحالي على طريق الحزام الغربي لمدينة القامشلي. ومع ازدياد عدد ماكينات الطباعة ازداد عدد العاملين في المطبعة إلى 27 شخصاً.

إضافةً إلى أن أربعة أشخاص مدنيين “غير مسلحين” يتناوبون على حراسة المطبعة بين فترتي الصباح والمساء.

ويقول مسؤول قسم التصميم في مطبعة سيماف، آلان عثمان، لنورث برس، إن

“كل العاملين في المطبعة هم من المدنيين، وهم أناس عاديون وفرت لهم المطبعة فرص عمل كونه لا يحتاج إلى شهادات”.

ويضيف، أن المطبعة تحتوي على قسم التجميع وهو قسم خاص بتجميع المطبوعات، وتعمل فيه الفتيات فقط، ويقتصر عملهن على تجميع الجرائد والمجلات والكتب وغيرها، بينما كان يعمل الشبان على ماكينات الطباعة الضخمة.

ويوضح “عثمان”، بأن المطبعة “تقوم بطباعة الصحف المحلية والمجلات ودفاتر الوصولات والفواتير، إضافة إلى طباعة الفيليكس والأختام”.

تعليق النشاطات الثقافية

ويشدد الشاعر عبد الصمد محمود في حديث لنورث برس، على أن “استهداف المنشآت الخدمية يؤثر بشكل كبير على الناس والمجتمع، وتأثيره لا يختلف عند استهداف المراكز والمنشآت الثقافية، مثل استهداف مطبعة سيماف مؤخراً”.

ويشير الإداري في اتحاد كتاب كردستان- سوريا، بأن الاتحاد علق كافة نشاطاته بسبب القصف التركي، ويشدد على أن الهدف هو “تعطيل الأعمال بشكل عام بما فيها الثقافية في المنطقة”، واصفاً ذلك بـ”شل حركة الحياة”.

وفي وقت سابق أعلنت “اللجنة التحضيرية” لمهرجان روج آفا التاسع للثقافة والفن، والذي ينظمه اتحاد مثقفي روج آفايي كردستان ((HRRK في يومه الحادي عشر، تعليق كافة فعالياته ونشاطاته “حداداً على أرواح الضحايا، وبسبب القصف التركي على المنطقة”.

وفي وقفةٍ احتجاجية أدانت أربعة اتحادات للكتاب والمثقفين هي “(اتحاد المثقفين في مقاطعة الجزيرة، واتحاد الكتاب الكرد في سوريا، واتحاد كتاب كردستان- سوريا، واتحاد مثقفي روج آفايي كردستان ((HRRK” وقفة احتجاجية ضد الهجمات التركية على البنى التحتية في مناطق متفرقة من شمال شرقي سوريا.

“تركيا تتخوف من التنوع الثقافي”

يقول الرئيس المشترك لاتحاد المثقفين في الجزيرة عبود مقسو، لنورث برس، إن “الهجمات التركية على المنطقة أثرت وتؤثر بشكل كبير على الواقع الثقافي في المنطقة، وخصوصاً أن القصف يستهدف البنى التحتية دون استثناء ومن ضمنها المرافق الثقافية كمطبعة سيماف”.

ويشير إلى أن المطبعة كانت تعمل لخدمة الثقافة والأنشطة الثقافية في المنطقة، مشدداً على أنها ليست “نقطة عسكرية ليتم استهدافها”. ويضيف: “المطبعة كانت تطبع مجلاتنا الثقافية وإصدارات اتحاد المثقفين من الكتب الأدبية”.

ويشدد الشاعر على أن التطور الذي شهده الواقع الثقافي في المنطقة “ولو كان بخطوات بسيطة” وخاصة فيما يتعلق بالشعب الكردي واللغة الكردية، “يثير مخاوف الدولة التركية من توغله وامتداده إلى المناطق الكردية في تركيا”.

وتأسف القاصة شمس عنتر، على تأجيل العديد من النشاطات الثقافية التي كان من المقرر القيام بها بمناسبة رأس السنة الميلادية، لإشعار آخر، بسبب القصف التركي العشوائي، ومن ضمنها احتفالية واسعة كانت قد نظمتها مجموعة من الناشطات النسويات للأطفال اليتامى.

وتشدد “عنتر”، في حديث لنورث برس، على أن “الهجمات التي يقوم بها العدوان التركي في هذا الوقت من السنة، حيث يحتفل كل الناس بأعياد الميلاد التي تعتبر أيام السلام والتسامح، واستهدافه للبنى التحتية التي تخدم هذا الشعب المسالم، لهو دليل صارخ على مدى همجية هذا العدوان، وأنه لا يمتلك أي قيم إنسانية”. 

إعداد: أفين يوسف ـ تحرير: معاذ المحمد