إحسان محمد – درعا
شهدت محافظة درعا جنوبي سوريا، خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، عدداً كبيراً من عمليات القتل والاغتيال، حيث قتل تسع وعشرون شخصا في مناطق متفرقة من المحافظة، كان أبرزهم القيادي المعارض في ريف درعا الغربي راضي الحشيش.
وقال أحد الأشخاص ممن أجروا التسويات، لنورث برس، إن جميع عمليات القتل والاغتيال سجلت “ضد مجهولين” ولم يتم التعرف حتى الآن على أي من الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ هكذا عمليات أو لأي جهة يتبعون.
ويتهم سكان في درعا، عناصر تابعة للقوات الحكومية أو مرتبطين معها بتنفيذ عمليات القتل خارج القانون.
الهدف تفتيت المجتمع
العميد منير الحريري، المُنشقّ عن القوات الحكومية، والمُقيم في الأردن، أشار إلى أن حالة الفلتان الأمني التي تشهدها المحافظة، وخاصة زيادتها خلال الشهر الجاري، “غريبة جدا وغير مسبوقة”.
وشدد “الحريري” في حديث لنورث برس، على أن هناك عدة أسباب للفلتان الأمني أبرزها أن “النظام السوري يريد أن تبقى محافظة درعا في حالة من الفوضى الأمنية”.
وأضاف: “النظام السوري بحاجة لهذا الفلتان الأمني لتيسير الأمر كما يرد لأن أغلب المجموعات التي تم تشكيلها في درعا هي مخترقة من قبله”.
وعملت الحكومة على تفتيت المجتمع، في درعا “من خلال السماح للشباب بالتجنيد في الفصائل حيث يوجد في البيت الواحد شخص يتبع لإيران فيما شقيقه يتبع للمخابرات العسكرية والآخر يتبع للمخابرات الجوية”، بحسب “الحريري”.
وأضاف أن من تبعات تفتيت المجتمع “فقدان الأخلاق والقيم ولم يعد للوجهاء أي قيمة”. وذكر أن عمليات القتل والاغتيال “تستهدف قادة سابقين ووجهاء في المحافظة وأثرياء وبعض من عناصر النظام وتجار المخدرات”.
وتأتي تلك المساعي للحكومة في إبقاء الفلتان الأمني، “لأن المحافظة تعتبر خارج سيطرته” ، بحسب “الحريري”.
ومن خلال الفوضى والفلتان الأمني، يعمل “النظام” على إشغال أبناء المحافظة ببعضهم البعض لكي لا يفكر أحد بمعارضته. وتلك الحالة جعلت من المحافظة “بيئة مناسبة لظهور عصابات الخطف والسرقة وفرض الإتاوات”.
وأشار “الحريري” إلى أن إيران من خلال فصائلها تساعد الحكومة في تفتيت المجتمع.
“خدمة للنظام”
يقول فرحان الزعبي أحد وجهاء محافظة درعا، إن العنوان الأبرز اليوم لمحافظة درعا هو “خلق الفلتان الأمني والذي يخدم مصلحة النظام”.
ويضيف لنورث برس، أن تصاعد وتيرة عمليات الاغتيالات والتصفيات مؤخراً، “أسفرت عن مقتل عدد كبير بينهم تجار مخدرات وعناصر في فصائل النظام”.
وسجل قسم الرصد والتوثيق في نورث برس منذ بداية العام 172 حادثة استهداف من قبل مجهولين في درعا قتل فيها143 شخصاً وأصيب 68 آخرين.
ولا يستبعد الوجيه أن يكون ” خلف هذا العمليات والتي يهدف من خلالها للتخلص من بعض المعارضين له والذين لا يزالون موجودين بكثرة في محافظة درعا”.
ويعتقد الزعبي، أن عمليات القتل “ممكن أن تكون تصفية حسابات بين الفئات المتصارعة في المحافظة مثل المجموعات التابعة للأفرع الأمنية أو عصابات تهريب المخدرات”.
ويشدد على أن “النظام منذ دخوله إلى محافظة درعا في صيف 2018 مدعوما بالميلشيات الإيرانية سعى لإحداث هذه الفوضى لقتل أي حركة احتجاجية من المحتمل أن تخرج مجدداً.
إيران مستفيدة
قال الناطق باسم موقع 18 ، لنورث برس، إن الوضع الأمني في محافظة درعا ” يمكن وصفه فهو من سيء إلى أسوأ”.
وأضاف المقداد، أن تدهور الوضع الأمني واضح من خلال حالات الاغتيال التي في تصاعد مستمر وعمليات الخطف والتي باتت تكثر في الفترة الأخيرة مما يدل على أن الوضع الأمني في المحافظة ذاهب بتجاه الأسوأ ولا يمكن وصفه اليوم إلا بالكارثي.
وباعتقاده أن الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة هي من تقف وراء عمليات الاغتيال، بالاستناد إلى أن الأشخاص المجهولين الذين يقومون بتلك العمليات يعبرون على الحواجز دون أن يتم توقيفهم.
وأوضح المقداد أن المدنيين هم المتضرر الأكبر لأنهم هم من يتعرضون للخطف والقتل والهجرة.
وذكر الناطق الإعلامي بأنه “لا يمكن الفصل بين أجهزة النظام والمليشيات الإيرانية فكلاهما باتت أوامرهم بشكل كامل وعلني من مليشيات إيران”.