مؤيد الشيخ ـ ريف حلب
بعد تخرجه من كلية إدارة الأعمال في جامعة حلب التابعة للمعارضة السورية في مدينة أعزاز شمالي حلب، منذ نحو عامين وعجزه عن إيجاد فرصة عمل في المنظمات المحلية والمؤسسات الحكومية التابعة للمعارضة لاشتراط معظمها اتقان اللغة التركية، اضطر الثلاثيني “أسعد الحجي” إلى العودة مجدداً إلى مقاعد الدراسة.
لكن عودته للدراسة كانت هذه المرة لتعلم اللغة التركية التي باتت الشرط الأساس لقبول طلب توظيفه في المنظمات المحلية والمؤسسات الحكومية في تلك المنطقة.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، وفي إطار سياستها المتبعة لتغيير ديمغرافية المنطقة وتتريكها، قامت تركيا بافتتاح العديد من المراكز والمعاهد لتعليم اللغة التركية في العديد من مدن شمالي حلب التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني الموالية لتركيا.
وأبرز تلك المعاهد، معهد “يونس إمره” الذي نشر مراكزه في مدينة أعزاز في العام 2020، وفرعه الثاني في مدينة الباب خلال العام الجاري في 2023 وبعده بأشهر افتتح الفرع الثالث في مدينة عفرين.
وبحسب رئيس المعهد شرف أتيش، فإن المعهد يسعى لتعليم 300 ألف سوري اللغة التركية وإدماجهم في الثقافة التركية، إضافة إلى معهد الأناضولي في مدينة أعزاز، وعشرات المعاهد الخاصة الأخرى.
ولصعوبة الحياة وانعدام فرص التوظيف إلا في المؤسسات الموجودة في المنطقة، شهدت تلك المعاهد وخاصة “يونس إمره”، إقبالاً وصف بـ”الكبير”، لاشتراط اللغة التركية في القبول الوظيفي.
وأشارت مصادر في وزارة التربية والتعليم التابعة للحكومة السورية المؤقتة، لنورث برس، أن اشتراط اللغة التركية في التوظيف جاء بناءً على تعليمات مباشرة من قبل تركيا.
وباتت اللغة التركية المفروضة في المنطقة، مادة “مرسبة”، للطالب في الامتحانات، حالها كحال اللغة العربية.
اقرأ أيضاً:
- تغيير ديمغرافية وثقافة عفرين مستمرة.. وافتتاح فرع جديد لمعهد يعلم اللغة التركية
- مساعدة بشرط تعليم اللغة التركية.. معهد ثقافي يقود سياسة التتريك في سوريا
- اعتقال أربعة معلمين استقالوا من معهد ثقافي تركي في عفرين
ورغم وجود منهاجين في مناطق سيطرة المعارضة، أحدهما هو منهاج المجالس المحلية التابعة لتركيا، والثاني هو منهاج الحكومة السورية المؤقتة، إلا أن اللغة التركية أساسية في كليهما.
ولتأمين لقمة العيش لأفراد أسرته الخمسة، عاد “الحجي” وهو من سكان مدينة أعزاز، لدراسة اللغة التركية في معهد يونس إمره.
يقول لنورث برس: “لا أطيق اللغة التركية ولا التحدث بها وهي اللغة الوحيدة من بين مئات اللغات في العالم التي لا أتقبلها نهائياً، لكنني وجدت نفسي مجبرا على تعلمها، من أجل لقمة عيش أطفالي”.
وبالإضافة للفروع الثلاثة للمعهد، هناك فرع آخر قيد الافتتاح في جرابلس، وهو تابع مباشرة لتركيا.
وكل الفروع التي تم افتتاحها للمعهد تتم بحضور وفود تركية رسمية وسط أعلام وهتافات تركية، تغيب فيها أعلام المعارضة الموجودة في تلك المنطقة.
ويتم من خلال ذلك المعهد نشر الثقافة التركية وأمجاد الدولة العثمانية والقائد التركي أتاتورك، تكون عبر فعاليات ثقافية، بحسب ما قاله جهاد نعسان وهو اسم مستعار لأحد المشرفين السوريين على معهد “يونس إمره”، لنورث برس.
ويشير إلى أن تلك الفعاليات، “لا تذكر الحاضرين إلا بدروس التربية الوطنية أو القومية، خلال سيطرة حزب البعث، لكنها تؤثراً بشكل كبير على الأطفال”.
ويضيف “نعسان”: “المعهد يسعى سنوياً لتعليم نحو 300 ألف طفل سوري اللغة التركية في شمالي حلب، ما يعني أنه وبعد أربع سنوات، سيكون جميع الأطفال يتقنون اللغة نطقاً وكتابة”.
وهذا يعني، بحسب المشرف، أن تركيا تسعى لتتريك المنطقة خلال أقل من عشرين عاماً، لا سيما وأنها تركز في نشر ثقافتها وتعليمها على الأطفال”.
وجاءت تسمية المعهد بهذا الاسم، نسبة إلى يونس امره، القاضي والشاعر والمتصوّف التركي، وكان أحد أول الشعراء المعروفين الذين تتألف أعمالهم من اللغة التركية المستخدمة في عصره.