درعا ـ نورث برس
لم تؤتِ مبادرة الأردن الدبلوماسية المعروفة باسم “خطوة مقابل خطوة”، للحل في سوريا بضوء أخضر عربي، أُكلها. إذ إن الأردن يعد من أكبر المتضررين اقتصادياً وأمنياً من الصراع الدائر في سوريا.
ومنذ صيف العام 2018، تشهد الحدود السورية الأردنية، تغييرات دراماتيكية، حيث انتشرت فصائل تابعة لإيران تدعمها وتوجهها الأخيرة.
وغير الأردن قواعد الاشتباك بعد مقتل عدد من عناصره مع مجموعات تهريب منظمة تختلف عن المهربين البدائيين سابقاً.
وزادت عمليات التهريب في مؤخراً، في ظل صمت من الحكومة السورية، وتصريحات من الأردن في أكثر من مناسبة بأن فصائل مرتبطة بإيران هي المسؤولة عن عمليات التهريب (المخدرات أو السلاح).
وشهدت الحدود الأردنية السورية أسبوعاً متواصلاً من الاشتباكات بين قوات حرس الحدود الأردنية ومهربي المخدرات بلغت ذروته فجر الاثنين الفائت، وسبقه خمس محاولات تسلل وتهريب خلال سبعة أيام.
والاثنين الماضي، استمرت الاشتباكات لمدة 14 ساعة دون توقف في عدة نقاط ما يشير إلى أن المهربين كانوا على استعداد كامل للدخول بـ ”معركة”، بحسب ما نقلت تقارير صحفية.
وأعلن الأردن عن إلقاء القبض على 9 مهربين وضبط 4 ملايين حبة “كبتاغون” وأسلحة وذخائر وصواريخ وتدمير سيارة محمّلة بالمتفجرات.
استهداف الأمن الوطني
كما تم الكشف عن “مخطط لاستهداف الأمن الوطني”، كما جاء في بيان نقلته وسائل إعلام رسمية عن مصدر عسكري.
وذكرت التقارير أن “الفصائل الإيرانية انتقلت إلى مرحلة جديدة عنوانها زعزعة أمن الأردن من خلال إحداث خرق أمني كبير على الحدود الشمالية”، ويتهم الأردن صراحة إيران بتمويل ودعم شبكات المخدرات والأسلحة.
ورأى عضو مجلس النواب الأردني، عمر عياصرة، أن محاولة بلاده الذهاب بمبادرة “خطوة مقابل خطوة“، وأن تكون ضمن المنظومة التي أعادت الحكومة السورية إلى الجامعة العربية، كانت نتيجتها “صفر”، خاصة ما يتعلق بالالتزامات على الحدود السورية- الأردنية.
وتقوم المبادرة على “تقديم المجتمع الدولي مساعدات اقتصادية لسوريا وتخفيف العقوبات تدريجاً عنها، والبدء بإعادة الإعمار وإعلان عملية كبرى لإطلاق سراح معتقلين والأسرى بموازاة الانخراط جدياً في عملية سياسية ديمقراطية قوامها إجراء انتخابات شاملة”.
تطور عمليات التهريب
مصدر في حرس الحدود الأردني، قال لنورث برس، إن عمليات تهريب المخدرات موجودة منذ عشرات السنين ولكن خلال السنوات الأخيرة تعدى الأمر عمليات تهريب المخدرات إلى الأسلحة أيضاً.
وأشار إلى أن عمليات التهريب منذ العام 2018 “تديرها مجموعات تتلقى دعمها وتوجيهاتها من إيران”.
وأوضح المصدر أن “مجموعات التهريب أصبحت تدخل إلى الحدود الأردنية على شكل مجموعات موزعة على عدة أقسام مهمة بعضهم حمل المخدرات والأسلحة والبعض الآخر مهمته حمل السلاح للاشتباك مع حرس الحدود”.
وأردف أن عمليات التهريب الأخيرة والتي شهدت اشتباكات مع الجيش الأردني، “استخدمت مجموعات التهريب طائرات درون لتوجيه المهربين وهذا تكتيك جديد”.
وشدد المصدر، على أن هدف إيران هو “إدخال السلاح إلى الأردن من أجل إثارة الفوضى، وأن المخدرات لتغطية مصاريف النقل وإغراء الشباب بالعمل في تجارة المخدرات”.
ويعتقد وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، أن الفهم الأوسع لما يجري على طول الحدود يشي بأن ما يحصل “ليست محاولات تهريب مخدرات فقط، بل عملية لاستنزاف الأردن، والعمل على تحقيق اختراق أمني من اتجاه سوريا”.
ويبلغ طول الحدود السورية- الأردنية حوالي 370 كيلومترا، وتمتد من منطقة وادي اليرموك التابعة لدرعا، وصولا إلى المثلث العراقي- السوري- الأردني.
“ما يجري مخطط له”
ورأى العميد عبد الله الأسعد مدير مركز رصد للدراسات الاستراتيجية، في تصريح لنورث برس، أن ما يجري على الحدود السورية الأردنية “أمر مخطط له”.
وقال: “النظام السوري هو المستفيد من هذا المخطط من خلال ضرب الدولة المجاورة الأردن من خلال تجهيزات لهذه الفوضى وهي ليست عمليات مارقة فقط”.
وأشار “الأسعد”، لـ”وجود أعداد كبيرة من الفصائل التابعة لإيران وحزب الله، هدفها المخفي تخريب المنطقة الشمالية من الأردن”.
وقال الباحث والصحفي حسام البرم المقيم في فرنسا، لنورث برس، إن الأردن استنتجت وقوف إيران وراء عمليات التهريب “من نوعية القتال ونوعية المعدات الصواريخ التي تمت مصادرتها”.
وأعرب “البرم” عن اعتقاده في أن “إيران لديها مشروع في المنطقة، واستغلت تعاطف الشعب الأردني مع قطاع غزة، لتدخل السلاح إلى الأردن بحجة دعم المقاومة”.
وشدد الصحفي السوري، على أن إيران “تعمل على استغلال الظروف السياسية لإدخال السلاح بكميات كبيرة وإنشاء مجموعات موالية لها داخل الأردن للاستفادة من حالة الفوضى والتمدد هناك”.
ويرى “البرم” أن الجنوب السوري بعد الغارات الأردنية “مقبل على حرب في المرحلة المقبلة وتصعيد من الجانب الأردني”.
وذكر أن الأردن “استنفرت لأقصى درجاتها وسوف تتواصل مع كل حلفائها بدول الخليج للتصعيد في المرحلة المقبلة”.