“حمص عاصمة الثورة السورية”.. أبنية متداعية وحكومة تصرُّ على العقاب

حمص – نورث برس

في محافظة سميت “عاصمة الثورة السورية”، لا يزال قسم كبير من سكانها يعيشون في أبنية متداعية قد تسقط في أي لحظة، في حين يشيرون إلى أن الحكومة “تتقصد” عدم إعمارها وترميمها كـ”عقوبة لهم”.

وأطلق على محافظة حمص وسط سوريا، تسمية “عاصمة الثورة السورية”، بعد أن تبنى سكانها الدعوة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في أوائل عام 2011، وسقوط جزء كبير من المدينة تحت سيطرة المعارضة.

ونتيجة لذلك، شنت القوات الحكومية حملة لاستعادة المدينة، وفرضت حصارًا على المناطق التي كانت ذات يوم موطنًا لعشرات الآلاف من الأشخاص.

“عقابٌ لسكانها”

وقامت الحكومة السورية بتسوية منازل ومباني وأحياء بأكملها بالأرض بشكل “متعمد وممنهج” في مدينة حمص باستخدام الجرافات والمتفجرات، بحسب تقارير صحفية.

ويُنظر إلى هدم تلك المناطق على أنه عقابٌ لسكانها الذين يحتجون على الحكومة أو يدعمون قوات المعارضة. وبحسب ما ورد، تمت عمليات الهدم تحت إشراف القوات العسكرية.

وفي أواخر عام 2015، بدأت المعارضة بإخلاء آخر منطقة كانت تسيطر عليها، وأعادت المدينة إلى أيدي الحكومة.

ولكن إلى الآن لا يزال سكان بعض أحياء حمص، منها كرم الزيتون والبياض والقصور والفاعور، يعيشون في منازل متصدعة، حيث لا يستطيعون شراء أو استئجار منازل جديدة. ومع حلول فصل الشتاء، بدأوا بإجراء بعض الإصلاحات البسيطة مثل ترميم الأبواب والنوافذ في محاولة لحماية أنفسهم وأطفالهم من البرد.

وعاد نحو 30% من أهالي أحياء كرم الزيتون والبياضة والقصور والفاعور إلى منازلهم، رغم أنها متصدعة وقد تنهار في أي لحظة.

ويعمل سكان هذه المناطق كموظفين أو عمال مياومة، وقصد معظم أبنائهم مجال العمل، محاولين مساعدة أسرهم.

إذن للعودة!

قال أبو بكر السقا، الناشط الإعلامي من حي الخالدية بمدينة حمص، إن من تمكن من الحصول على إذن من الأفرع الأمنية التابعة للقوات الحكومية للعودة إلى منازلهم، اضطروا إلى ترميم منازلهم بأنفسهم، على الرغم من ارتفاع تكاليف الترميم.

وأضاف “السقا” لنورث برس: “يبدو أن الحكومة السورية ليس لديها خطة لإعادة الأهالي إلى مناطقهم حتى الآن”.

ويتعين على الناس الحصول على موافقة أمنية من القوات الحكومية، وفي أغلب الأحيان من الفروع الأمنية. إذا كان لمقدم الطلب أقارب أو أصدقاء في المعارضة السورية، فلا يسمح له بالعودة.

وأضاف “السقا” أنه حتى أولئك الذين عادوا إلى منازلهم “لا يحصلون على الخدمات الضرورية”.  

وشدد على أن تلك الأحياء تعاني من غياب تام للخدمات من نظافة ومدارس والمياه والكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع سكانها تأمين حصصهم من وقود التدفئة لفصل الشتاء.

ويوجد في كل شارع ما يزيد عن 20 عائلة مضطرة للسكن في تلك المنازل، لعدم قدرتها على شراء أو استئجار منزل مناسب في مناطق أخرى من مدينة حمص.

ولسكان هذه الأحياء دور رئيسي في الاحتجاجات التي اندلعت في الأيام للأزمة السورية. “نفذ النظام المجزرة الأولى التي راح ضحيتها ألف شخص في حمص بعد شهر واحد فقط من الاحتجاجات. ومنذ ذلك الحين، تحولت الثورة من انتفاضة سلمية إلى انتفاضة مسلحة”، بحسب الناشط. 

وبحسب المعلومات المتوفرة فإن سكان تلك الأحياء تقدموا بطلبات إلى المجالس التابعة للحكومة لمساعدتهم في ترميم منازلهم، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، إذ لا يحصلون إلا على وعود من الحكومة التي لا يبدو أن لديها أي اهتمام أو خطة لترميم المنازل التي دمرتها منذ حوالي عشر سنوات.

تحرير: معاذ المحمد