الانتخابات العراقية المحلية.. صراعات سياسية وخريطة جديدة
غرفة الأخبار ـ نورث برس
تصدرت القوى الشيعية في العراق، أمس الثلاثاء، نتائج انتخابات مجالس المحافظات العراقية وفق ما أعلنت مفوضية الانتخابات. وفي بغداد، ووفقا للنتائج الأولية، تصدر تحالف “تقدّم” بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي عدد الأصوات، يليه مباشرة تحالفا “نبني” و”دولة القانون”.
وللمرة الأولى منذ 10 أعوام، اقترع العراقيون، الاثنين الماضي، لاختيار مجالس المحافظات وسط مقاطعة التيار الصدري، وهو أحد أبرز التيارات السياسية في العراق.
وأنشئت مجالس المحافظات بعد إسقاط نظام الرئيس صدام حسين في عام 2003، وجرى حل مجالس المحافظات في العام 2019 تحت ضغط شعبي في أعقاب مظاهرات غير مسبوقة شهدتها البلاد.
وتتمتع مجالس المحافظات بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ ووضع ميزانيات الصحة والنقل والتعليم من خلال تمويلات مخصصة لها في الموازنة العامة التي تعتمد بنسبة 90% من إيراداتها على النفط.
جرت انتخابات مجالس المحافظات العراقية في (بغداد، والأنبار، ونينوى، وصلاح الدين، وديالى، وكركوك، وبابل، وذي قار، والقادسية، وكربلاء، والنجف، والمثنى، وواسط، والبصرة، والديوانية)، بواقع 15 محافظة من أصل 18، حيث لم تجرِ الانتخابات في دهوك وأربيل والسليمانية، باعتبارها محافظات في إقليم كردستان العراق.
شارك في الانتخابات 10 قوائم تنافست على الفوز بأكبر عدد من المقاعد لمجالس المحافظات، وأكبر الجبهات السياسية الشيعية تتنافس على كراسي المحافظات هي: تحالف (ائتلاف دولة القانون) برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، تحالف (نبني) برئاسة زعيم منظمة بدر هادي العامري، تحالف (قوى الدولة) الذي يضم تيار “الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، وتحالف “النصر” برئاسة حيدر العبادي .
وشاركت القوى السنية في الانتخابات، في محافظات بغداد والأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك بأربعة قوائم وهي: (تحالف تقدم) برئاسة الرئيس السابق لمجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، تحالف (السيادة) برئاسة رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، تحالف (الحسم) برئاسة وزير الدفاع الحالي ثابت العباسي وتحالف (العزم) برئاسة النائب مثنى السامرائي.
أما القوى الكردية شاركت بثلاثة قوائم وهي: الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني وحراك الجيل الجديد برئاسة شاسوار عبد الواحد.
واتسمت الانتخابات المحلية بالتنافس بين الأحزاب السياسية من المُكوّن الواحد، إذ بدا التنافس بين الأحزاب العربية السنّية على أشده في المحافظات ذات الثقل السكاني الكبير، خصوصاً في الأنبار ونينوى وبغداد، وصلت إلى حدّ تبادل الاتهامات والشتائم بين بعض النواب.
وحصلت أحزاب الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق معاً على أكبر كتلة من الأصوات في بغداد ومعظم المحافظات الجنوبية بالبلاد في انتخابات مجالس المحافظات وفق النتائج الأولية.
سيطرة أمنية
ونقلت تقارير صحفية عن سياسيين عراقيين أن هناك مخالفة لقانون مفوضية الانتخابات الذي يحظر مشاركة الكيانات التي لديها أجنحة مسلحة، ولكن هذه الانتخابات شهدت وجود نحو 20 فصيلاً مسلحاً يشارك فيها، بشكل معلن أو من خلال ممثلين عنها.
وتظهر النتائج الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والتي تضمنت الأصوات الأولية فقط وليس التخصيص النهائي للمقاعد، تقدم ثلاث قوائم انتخابية مدعومة من الإطار التنسيقي الشيعي في معظم المحافظات.
ويدعم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إحدى هذه القوائم. وتقود منظمة بدر التابعة لهادي العامري وفصائل أخرى مدعومة من إيران القائمة الثانية. وتضم القائمة الثالثة رجل الدين عمار الحكيم ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي.
وفي ظل مقاطعة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وهو منافس سياسي رئيسي، تنافست الأحزاب المنقسمة التي تشكل الإطار التنسيقي، (حزب “الدعوة” بزعامة نوري المالكي وتيار “الحكمة الوطني” بزعامة عمار الحكيم)، على عدة قوائم لكنها قالت إنها “ستحكم معاً بعد الانتخابات”.
ويعتقد مراقبون أن المشهد السياسي “لن يكون مختلفاً عن الوضع الحالي من ناحية القوى المُمسكة بالمحافظات”، إذ يتولى إدارة المحافظات حالياً محافظون من أحزاب وقوى نافذة، لكن تسلسل تلك القوى سيختلف من جهة عدد المقاعد التي ستحصل عليها في كل محافظة.
وتوقع الخبير بالشأن الانتخابي العراقي باسل حسين، في تصريحات صحفية، أن تكون خريطة الانتخابات على النحو “الذي ينافس فيه الإطار التنسيقي نفسه على من يتصدر الزعامة الشيعية، وسنياً ستكون انتخابات صراع على الوراثة والبقاء، أما كردياً فهو البحث عن مقاعد في خطوط الصدام”، في إشارة منه إلى محافظتي كركوك ونينوى.
متنازع عليها
وفي كركوك، تفوق “الاتحاد الوطني الكردستاني” بزعامة بافل طالباني على “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني، بينما حصلت قوائم عربية على أرقام كبيرة قد تشكل نصف المجلس المحلي، لا سيما بعد فوز مسيحي عربي بمقعد ضمن حصة “الكوتا”.
ومن شأن هذه الانتخابات أن تساهم أيضاً في تغيير ميزان القوى السياسية في البلاد. فوفقاً للمادة 140 من الدستور العراقي، تعتبر كركوك وأجزاء من ثلاث محافظات أخرى “مناطق متنازع عليها”.
ويُنظر إلى التصويت على أنه اختبار للديمقراطية العراقية، قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 2025، والتي ستحدد توازن القوى بين الأحزاب المتواجدة في الدولة.