قرارات الحكومة حول الجيش.. ادعاءات إصلاح جديدة أم ترسيخ لمشاريع قديمة؟

غرفة الأخبار- نورث برس

تتباين آراء سياسيين وخبراء عسكريين سوريين حول قرارات الحكومة السورية فيما يخص الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، بين من اعتبر هدفها ادعاء للبدء بإصلاح المؤسسة العسكرية ومن رأى أنها ناتجة عن أفكار ومشاريع قديمة لن تغير شيئاً.

وأصدرت الحكومة السورية مؤخراً سلسلة قرارات شملت دمج إدارات في الجيش ومنح حوافز وإتاحة دفع البدل لبعض الفئات، ضمن ما تعلنه وزارة الدفاع كخطوات لإصلاح المؤسسة العسكرية التابعة للحكومة في دمشق.

وفي الثالث من الشهر الجاري، كشف المدير العام للإدارة العامة في وزارة الدفاع في الحكومة السورية، اللواء أحمد سليمان، عن اتخاذ قرار بالبدء بالإصلاح في المؤسسة العسكرية، ولكنه يحدث “بصمت وسرية”.

ومطلع كانون الأول/ ديسمبر الحالي، صدر مرسوم رئاسي أجاز لمن يرغب من المكلفين المدعوين إلى الخدمة الاحتياطية ممن بلغوا سن الأربعين من عمرهم ولم يلتحقوا بعد، دفعَ بدل نقدي وقدره (4800 دولار أميركي أو ما يعادله بالليرة السورية)، كبديل عن الواجب القانوني في خدمتهم الاحتياطية.

والأسبوع الماضي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد، القانون رقم 28 لعام 2023 القاضي باستدعاء الضباط من حملة الشهادة الجامعية والدكتوراه والماجستير- المحالين على التقاعد للخدمة الاحتياطية حتى إتمامهم سن السبعين دون التقيد بالسن المحددة سابقاً.

تعبئة لغير السوريين

ويقول عبد الله الأسعد، وهو خبير عسكري سوري، أنه لا جديد في عقود التطويع التي أعلنتها وزارة الدفاع مؤخراً، فالعقود لمدة 5 سنوات و10 سنوات، موجودة سابقاً ضمن الجيش.

ويضيف، لنورث برس، أن الجيش بدأ بالاعتماد منذ عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، على ” تطويع الشبان العاطلين عن العمل، من أبناء جبلة واللاذقية وطرطوس وبانياس ومصياف وغربي وشرقي حمص”.

فكانت عمليات التطويع محصورة في تلك المناطق فقط لدواع “طائفية” وبعيدة عن الاحترافية والموضوعية، بحسب الأسعد.

ويرى الأسعد أن الجهات نفسها، والتي يصفها بالدولة العميقة، تقف وراء القرارات الجديدة للتطويع، مشيراً إلى حديث تلفزيوني لجنرال روسي قبيل التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، قال فيه إنهم لا يتعاملون مع سوريا كدولة.

ويكشف الخبير العسكري أنه جرى تعبئة فرق الجيش السوري مؤخراً من جانب الإيرانيين.

“استكمل النقص في الطواقم من تشكيلات فاطميون وزينبيون، التي تضم القادمين من إيران وأفغانستان والعراق ولبنان، هؤلاء قتلوا الشعب السوري وتم منحهم الجنسية وتعبئتهم في الجيش”.

ويشير إلى أن قرار السماح للمطلوبين للاحتياط مخالف لطبيعة استدعاء الاحتياط التي تتم وقت الحاجة لوجودهم ضمن الجيش لا لأموالهم.

لكن القرار يدل على أن وزارة الدفاع لا تستدعيهم للحاجة لخدمتهم، “إنما يريدون أن يأخذوا من هؤلاء المال فقط”.

اعتماد على متطوعين

ويعتقد أحمد الدرزي، وهو سياسي سوري، أن خطة التي أعلنتها وزارة الدفاع في دمشق هي خطة سابقة تعود لما قبل العام 2011، أساسها تصورات حول بناء جيش جديد احترافي، يعتمد على المتطوعين، وترك الحرية لسوريين للالتزام بالخدمة الإلزامية.

ويضيف، لنورث برس، أن الجيوش على مستوى العالم تعتمد على هذا البناء لتحقيق نتائج أفضل من تلك المعتمدة على الخدمة العسكرية الإلزامية.

لكنه يرى أن التحول سيكون تدريجياً ولن يتم بشكل مباشر، فتأمين المقدرات الأساسية للمتطوعين ورفع أعدادهم يحتاج لسنوات حتى يتم التخلي عن الخدمة الإلزامية.

ويرى الدرزي أن تجربة الحرب السورية أظهرت “فارقاً كبيراً في الأداء بين تشكيلات المتطوعين من القوات الرديفة والقوات الحليفة لسوريا في أدائها لعملها وبين أداء الجيش النظامي المعتمد على مجندي الخدمة الإلزامية”.

ويعلل الأمر بالخبرة والتجربة المتوفرة لدى المتطوعين وكذك دوافع العمل العسكري، والتي يفتقدها المنضمون للجيش بشكل إلزامي.

وينفي الدرزي أن تكون هناك أي دولة خلف هذا المشروع، بل هو قرار مركزي في دمشق لدراسة الواقع العسكري.

لكنه لا يستبعد عقد مشاورات مع “بقية التجارب العالمية، وليس فقط روسيا وإيران”.

وبخصوص السماح بدفع البدل للاحتياطيين، يرى الدرزي أن تخلف الكثير من الشباب المدعوين للخدمة الإلزامية والاحتياطية عن الالتحاق، وخروج كثير منهم من البلاد، سبب مشكلة أكبر هي “إفراغ المناطق السورية من شبابها”.

“ومن خلال القرار يمكن لهؤلاء البقاء في بلادهم دون الالتحاق بصفوف الجيش، كما يحلّ جزءاً من مشكلة تمويل الجيش”.

ووفق الدرزي، يمكن للأموال المدفوعة للحكومة بدل الخدمة أن تساعد الحكومة على تسيير الأمور في ظل نقص الموارد، لحين الوصول لحل سياسي يجمع السوريين حول إعادة بلدهم.

إعداد وتحرير: مالين محمد – زانا العلي