المرأة والإعلام.. تزداد القيود إذا اجتمعا في إدلب

هاني سالم- نورث برس

تعتقد رزان شمس، وهو اسم مستعار لإعلامية في إدلب شمال غربي سوريا، أن الهجرة هي باب الأمل الوحيد المتبقي أمامها، إذا ما أصرت على استئناف عملها في الإعلام.

وتعلل يأسها من إمكانية ممارسة عملها في مجتمعها، بالقيود التي تفرضها هيئة تحرير الشام على كل من المرأة والإعلام، “فكيف إذا ما اجتمعا معاً”.

موقف حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام من ممارسة الفتيات والنساء لمهنة الصحافة ظهر حاسماً أيضاً في قرار منعهن من دراسة الإعلام في جامعة إدلب.

والعام الماضي ٢٠٢٢، افتتحت جامعة إدلب كلية العلوم السياسية والإعلام التي حصرت حق التسجيل فيها للذكور.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، احتفت الجامعة بالمبنى الجديد للكلية الذي اقتصر على بناء وحيد للذكور، بينما تضم كليات أخرى مبنيين لفصل الذكور والإناث.

أحلام مقيدة

تتذكر رزان طموحها في التميز في إنتاج التقارير والوثائقيات حين بدأت عملها  في الصحافة منذ كانت طالبة في جامعة حلب عام 2015.

واعتبرت أن فرارها بعد ذلك إلى تركيا هرباً من ملاحقات الأفرع الأمنية التابعة للحكومة كان “ضريبة” لطموحها في مجال الصحافة.

كما كانت مفعمة بأمل نقل الصورة الحقيقية لمجتمعها وما يجري في بلادها، حين عادت إلى إدلب في العام ٢٠١٧.

لكنها تقول إن العراقيل التي وضعتها هيئة تحرير الشام ممثلة بالأجهزة الأمنية ووزارة الإعلام أخّرت العديد من المشاريع التي كانت تطمح لها.

وتضيف لنورث برس: “أتذكر زميلتين لي توقفتا عن العمل نهائياً بعد ستة أشهر فقط، وذلك بسبب إنهاء رخصنا بذريعة الاختلاط المتعمّد بالرجال”.

 واستطاعت رزان آنذاك استعادة رخصتها عن طريق استخدام محسوبيات “واسطات” لدى الهيئة.

لكنها تصف ما تعرضت له لاحقاً “بالمصائب”، حين تكررت التهمة بصيغ مختلفة من بينها “مشاركة الزملاء الذكور في العمل، الانفراد مع رجل، السفور، ارتكاب محرّمات”.

 وتوضح رزان أن منع الفتيات من فرع الإعلام ليس القيد الوحيد على المرأة، فبإمكان القيود الاجتماعيةمع تطرف هيئة تحرير الشام حالياً وأد أي حلم للنساء والفتيات في إدلب.

“وأي موقع يمكّن المرأة من قيادة مجتمعها أو إبراز نجاحها وقوتها هو محظور”.

“ميادين للرجال”

ويرى أبو محمد، وهو اسم مستعار لموظف في شؤون الطلبة بجامعة إدلب،  أن سبب منع الفتيات من دراسة الإعلام وممارسته يعود لموانع سياسية ودينية لدى الهيئة مفادها “اعتبار أن منزل المرأة هو المكان الأفضل لها”.

و أضاف أن مناقشة الفكرة مع أي من مسؤولي الهيئة سيقودك إلى نقطة “الإعلام هو سلطة وقيادة كالسياسة والحرب.. وهذه ميادين الرجال”.

لكن ناشطة في منظمة محلية تهتم بتمكين النساء لإيجاد فرص عمل، قالت إنه حتى في كليات الطب والصيدلة والهندسة، تكون المقاعد المتاحة للطالبات أقل بنسبة 30% من المقاعد المتاحة للطلاب الذكور.

 كما تمنع الهيئة الدروس الخاصة للإناث في منازلهن بينما تسمح بها للذكور، بحجة منع اختلاط الجنسين.

 وتواجه مشاريع تمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع والمشاريع التنموية النسائية رفضاً وتعطيلاً من حكومة الإنقاذ عبر منع الترخيص  والعراقيل الأخرى بنسبة 70% ، بحسب الناشطة.

ويعود إقصاء الإناث من فرعي الإعلام والعلوم السياسية لآراء شرعية تعتقد أن النساء لا يصلحن للقيادة والتمثيل، بالإضافة لأن مجالات العمل هذه  ستفتح الأبواب واسعة أمام العديد من المخالفات الشرعية.

يحدث ذلك مع أن غالبية الدول العربية تجاوزت هذه القيود، إذ برزت أسماء إعلاميات عربيات حتى من دول الخليج مثلاً.

قرار حظر الدراسة الجامعية للفتيات يذكّر بالقرارات التي اتخذتها حركة طالبان عقب الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان، رغم أن حظر تحرير الشام لم يشمل كافة الأفرع الجامعية كما في كابل.

تحرير: حكيم أحمد