محاصيل غير تقليدية في كوباني .. اتساع رقعتها وتلبية احتياجات السوق
فتاح عيسى -كوباني
يتجول محمد محمد علي (56 عاماً)، وهو مزارع في قرية تل غزال جنوب كوباني، بين غراس الفستق التي زرعها قبل ثلاثة أعوام، إذ يعقد أمله على أن تحقق له مردوداً جيداً حينما تبلغ الإنتاج.
توجه المزارع لزراعة أشجار الفستق جاءت بعد تجربة سابقة مع أشجار الزيتون التي بلغت الإنتاج حالياً.
وأدت تجارب مزارعي كوباني في زراعة الأشجار المثمرة والخضار الصيفية لاتساع مساحتها عاماً بعد آخر، بعد أن كان محصولا القمح والشعير يتعاقبان على الأراضي الزراعية خلال العقود الماضية.
يقول محمد علي، لنورث برس، إن إنتاج أشجار الزيتون في ارضه يتحسن عاماً بعد آخر، ما دفعه لتوسيع رقعة الأشجار في أرضه سعياً لمردود أفضل من محصولي القمح والشعير التقليديين في المنطقة.
ويضيف أن إنتاج أشجار الزيتون والفستق يباع بالدولار الأمريكي، وأن إنتاج الهكتار الواحد من الأرض المزروعة بالأشجار يعادل إنتاج خمس مواسم من زراعتها بالقمح والشعير.
ويبلغ إجمالي مساحات الأراضي المروية في إقليم الفرات لموسم العام 2023 أكثر من 678 ألف دونم، مقابل أكثر من مليون و300 ألف دونم للزراعة البعلية.
وبلغت مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار ما يقارب 174 ألف دونم ، بينها نحو 85 ألف دونم مزروعة بأشجار الزيتون، 82 ألف دونم مزروعة بأشجار الفستق الحلبي، وسبعة آلاف دونم مزروعة بأصناف مختلفة من الفواكه.
مردود جيد
وبلغ إنتاج هكتار اواحد من الأرض المزروعة بأشجار الزيتون في أرض محمد علي 25 صفيحة، إلى جانب السعر المناسب للمزارعين، إذ باع صفيحة الزيت الواحدة (16 كغ) بسعر 82 دولاراً أميركياً.
وزرع مسلم علي (66 عاماً)، وهو مزارع آخر في ريف كوباني، سبعة هكتارات من أرضه البعلية بأشجار الزيتون، ثم أربعة هكتارات بأشجار الفستق الحلبي، إلى جانب تخصيص هكتار واحد مروي للخضار.
وحقق إنتاج دونمين زرعها بالفليفلة الخضراء، أكثر من خمسة ملايين ليرة سورية خلال موسم زراعي استغرق ثلاثة أشهر من العمل.
ويرى علي أن مردود الخضار أفضل من المحاصيل التقليدية كالقمح والشعير والقطن، لكن العقبة الأساسية أمام زراعة مساحات واسعة هي نقص الوقود.
ويضيف أنه لو تم زيادة مخصصات المحروقات للري، يمكن تأمين اكتفاء ذاتي لمنطقة الإدارة الذاتية، وتصدير بعض الأصناف في المواسم الوفيرة.
ويجري المزارع عثمان شاهين مقارنة بين إنتاج مساحة خمسة دونمات من الشعير الذي سيباع بنحو مئة دولار أميركي، مع زراعتها بأصناف من الخضار الصيفية كالطماطم والباذنجان والفليفلة والتي يمكن أن تصل مبيعاتها إلى ألف دولار أميركي.
ويشير شاهين إلى أن أغلب المزارعين الذين تتوفر لهم مياه للري، يزرعون الخضار وأشجار الفستق والزيتون رغم أن إنتاجها يتأخر لخمس أو ست سنوات، ذلك لأن مردودها أفضل من بقية المحاصيل.
وإلى جانب الأشجار والخضار، يتوجه بعض المزارعين في ريف كوباني لزراعة السمسم والذرة، ويعتبرون أنها هي الأخرى أجدى لتحقيق أرباح مناسبة.
تشجيع على التنوع
وتشجع هيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية المزارعين على توسيع المساحات المزروعة بالأشجار في أراضيهم، لأنها تحسن مناخ المنطقة، وتساعد على إدخال العملة الأجنبية إلى المنطقة، وتؤدي في النهاية لتحسّن أوضاع المزارعين.
وبدأ ترخيص الأراضي الزراعية المروية والبعلية لهذا العام في هيئة الزراعة والري والوحدات الإرشادية الزراعية في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي ويستمر حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر الحالي.
وتنص الخطة الزراعية للعام الحالي على تخصيص نسبة 60 في المئة من المساحات لزراعة القمح، وخمسة بالمئة لزراعة الشعير، و15 في المئة لزراعة البقوليات، واثنين في المئة لزراعة الخضار الشتوية.
وتخصص الخطة للمحاصيل الصيفية 3 في المئة لزراعة الخضار الصيفية، و15 في المئة لزراعة القطن، و20 بالمائة لزراعة المحاصيل التكثيفية كالذرة وعباد الشمس والسمسم.
وبلغت المساحات المزروعة بالخضار، الصيف الماضي، 26 ألف دونم.
يقول المهندس محمد خير خليل، وهو مسؤول في قسم الإحصاء بهيئة الزراعة والري لإقليم الفرات، إن الإقبال مؤخراً على زراعة الخضار الصيفية ساهم في تأمين أصناف البندورة والخيار والباذنجان والفليفلة في أسواق المنطقة.
ويرى خليل أن الإقبال على زراعة الأشجار المثمرة والخضار لن يؤثر سلباً على إنتاج المنطقة للقمح والشعير، لوجود مساحات شاسعة بعلية ومروية تكفي محاصيل متنوعة.
كما أن بعض المساحات التي تزرع بالأشجار المثمرة وعرة وغير مناسبة لمحصولي القمح والشعير، بحسب خليل.