عشرات الإصابات في مشفى الحسكة يومياً بسبب شرب مياه ملوثة
سامر ياسين – نورث برس
ترقد فضة اللطيف (35عاماً)، وهي من سكان قرية عب الشوك بريف الحسكة الشمالي، لليوم الخامس في مشفى الشعب بحي العزيزية بسبب استخدامها مياهاً غير صالحة.
ويستقبل المشفى ما يصل إلى 150 حالة إصابة تسمم وآلام الجهاز الهضمي والكلى في ظل انقطاع أو نقص الضخ في شبكة مياه الشرب، بسبب انقطاعها من المصدر في محطة علوك بريف سري كانيه (رأس العين).
وتكررت معاناة اللطيف من التهابات في المعدة والأمعاء والتسمم بسبب شرب مياه غير نظيفة، بحسب ما أخبرها الأطباء عن حالتها.
وكانت مدينة الحسكة وأريافها تعتمد على محطة علوك للمياه قبل أن تسيطر عليها تركيا وفصائل المعارضة السورية الموالية لها عام 2019.
وكانت اتفاقات سابقة برعاية وسطاء روس أو من منظمات اليونيسيف والصليب الأحمر وغيرها تقضي بتغذية آبار علوك بالكهرباء من محطة الدرباسية للكهرباء في منطقة الإدارة الذاتية، على أن يتم ضخ المياه للحسكة وأريافها.
وتكرر انقطاع الضخ لعشرات المرات بسبب عدم الالتزام ببنود الاتفاقات وتعديات مسلحي الفصائل على خطي الكهرباء والمياه، بحسب مديرية مياه الحسكة التابعة للإدارة الذاتية.
إصابات متكررة
تقول اللطيف إنها تعتمد في الشرب أحياناً على المياه المعبأة، لكن التكاليف التي تفوق إمكانات عائلتها التي تضم تسعة أطفال تدفعها للتوقف عن شرائها والعودة للاعتماد على الخزان المنزلي.
وتشير إلى أن خزان منزلها مهترئ ما يجعل قطع الصدأ تمتزج بالمياه، إلى جانب الاوحال والرمال التي تتجمع فيه من مياه غير نقية تنقلها الصهاريج.
وقبل لجوء المرأة للمشفى، تعالجت طفلتها الصغيرة في المشفى من الإقياء والإسهال الدموي، وللأسباب نفسها.
وتشعر المريضة الآن بالغثيان كلما شربت الماء، ما يجعلها معتمدة على السيرومات لإمداد جسدها بالسوائل، والقليل من المياه المقطرة.
وفي الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قصفت القوات التركية عبر الطائرات الحربية والمسيرة عدة نقاط ومواقع في مناطق شمال وشرق سوريا، أدت لخروج عدة مرافق خدمية ومنشآت حيوية عن الخدمة، بينها محطة الدرباسية الكهربائية.
وبعد إعادة محطة كهرباء الدرباسية إلى الخدمة، حاولت فرق الصيانة إعادة تشغيل محطة علوك، ولكن لم تستطع بسبب التعديات والسرقات التي طالت المحطة ومعداتها وخطوطها، ما حرم السكان والنازحين في الحسكة من المياه النظيفة.
وتعود مشكلة مياه الحسكة إلى أن الآبار ضمن المدينة وفي مساحات واسعة من أريافها غير صالحة للاستهلاك.
وتعتمد عائلة حميدي الحمود، النازحة من منطقة دير الزور، على المياه المنقولة بالصهاريج من آبار في منطقة الحمة بريف الحسكة، وسط مخاوف تعبئتها من مصادر غير آمنة.
يقول إنه يعتمد منذ وقت طويل على مياه الصهاريج التي بلغ سعرها آخر مرة 25 ألف ليرة سورية عن كمية ألف ليتر يستوعبها خزان منزله.
معاناة مرضى
وتعاني زوجة الحمود من كونها مريضة كلى، وعانت قبل فترة من تأزم حالتها الصحية، ما استدعها نقلها للعاصمة دمشق للمعالجة.
ويضطر الحمود لشراء كمية من المياه المعبأة، بحسب وصفة الطبيب في العاصمة، بالإضافة لتحمل تكاليف تعبئة الخزان من الصهاريج.
وقالت الممرضة المسؤولة عن عمل قسم الأمراض الداخلية في مشفى الشعب بالحسكة، روجين إبراهيم، لنورث برس، إن عدد حالات الاصابة بالأمراض نتيجة استهلاك مياه غير صالحة يتراوح حالياً ما بن 100 و150 إصابة.
وقد يرتفع العدد صيفاً إلى 300 حالة لازدياد الحاجة للمياه وعدم تمكن سكان بعض الأرياف من الحصول حتى على مياه نظيفة من الصهاريج.
كما ان مادة الكلور المضافة لمياه الصهاريج بهدف تعقيمها قد تسبب أعراض لدى بعض الأشخاص، بحسب إبراهيم.
ويصف المشفى مسكنات ومضادات تشنج لغالبية الحالات، بينما قد تحتاج بعض الإصابات بالتسمم المعوي والإسهال المدمى إلى رعاية قد تمتد لأسبوع، يتم خلاله تعليق سيرومات وإعطاء أدوية خاصة.
ويتحسن وضع المرضى بعد تلقي المعالجة، إلا أن استمرار عدم وجود مياه شرب نظيفة وصالحة، يعيد الإصابة، بالإضافة لتشكل الحصيات الكلوية.