المرأة في الوسط الثقافي… حضور كثيف ومشاركات خجولة

أفين يوسف- نورث برس

تعتقد كاتبات في القامشلي، شمال شرقي سوريا، أن مشاركات المرأة في الفعاليات الأدبية ما زال خجولاً رغم تحسّنه خلال السنوات السابقة.

وترى الكاتبات أن المرأة الأديبة نفسها تساهم في وضع معوّقات لمشاركتها في النتاجات والأنشطة الثقافية المحلية، متأثرة ببعض الصور النمطية المتوارثة وعوامل أخرى.

وتعتقد الكاتبة شمس عنتر أن حضور المرأة في الفعاليات والنشاطات الثقافية ما يزال خجولاً رغم تحسن نسبي في الأعوام الأخيرة.

وتتذكر عنتر أن ظهور المرأة قبل عدة أعوام كان يقتصر في أنشطة كثيرة على تقديم برنامج الحفل، أو ضمن اللجان التحضيرية، دون مشاركة في النتاج الأدبي المقدم.

وتضيف أن “الانتقال من حالة عدم المشاركة للمشاركة هو بحد ذاته تقدّم رغم ضعف الحضور”.

وترى أن بعض الشاعرات يمتنعن عن المشاركة في الأمسيات الشعرية، لاعتقادهن بوجود حرج اجتماعي أمام البوح بالمشاعر التي يعتمد عليها الشعر.

وتعلق عنتر: “المرأة ما تزال تضع لنفسها الحدود، وهي تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، فهي تقيد نشاطاتها خوفاً من كسر النمطية والعادات الاجتماعية ولا تملك الجرأة على البوح بمشاعرها علناً، تحسباً من ردود الأفعال”.

وتنتقد الكاتبة الاتحادات والمؤسسات الثقافية المحلية التي ما تزال تعيق مشاركة المرأة من خلال تنميط دورها وحصره في الأدوار الثانوية، مشيرة إلى استمرار “المحسوبيات وسيطرة الذهنية الذكورية”.

تهميش ومحسوبيات

وتشن الشاعرة هناء داوود انتقادات حادة للكاتبات المحليات خاصة، والواقع الأدبي في المنطقة عموماً.

وتقول داوود، لنورث برس، إن حضور ومشاركة المرأة في النشاطات الثقافية ما يزال مقتصراً على أمسيات متواضعة وزوايا مظلمة فيها.

وتتهم بعض المشاركات في هذه الفعاليات بأنهن لا يمتلكن القدرة على طرح المواضيع الهامة، وأن كل ما يقمن به هو لعب دور في تهميش الأدب الحقيقي.

وتم دفع بعض الأسماء للتألق في الساحة، بينما بقيت أخريات مغيّبات لعدم قبولهن أن يكنّ “أبواقاً”، على حد تعبير داوود.

وتورد الشاعرة بعض المظاهر كأدلة على تقييمها، “فالمؤسسات والاتحادات الثقافية المحلية تمنح الجوائز دون التقيد بمعايير أدبية حقيقية”.

كما أن هناك فوضى في طباعة الإصدارات، فلا ضوابط ولا نقد أكاديمي، رغم أن هذا الجانب ينطبق على الجنسين، لا سيما في النتاج المكتوب بالعربية.

وتصف هناء حال الوسط الثقافي بـ “مرحلة انحدار”، ولا تعتبر معظم ما يُلقى وينشر نتاجاً أدبياً.

وتبدو متشائمة لأن بعض الكاتبات تمارسن الاستجداء في الهيئات والاتحادات الثقافية المؤسسات الثقافية بطريقة غير مقبولة.

ثقة ضعيفة

وترى القاصة والناطقة باسم ديوان الأدب في شمال وشرق سوريا، ناريمان عفدكي، أن المرأة الكاتبة ما تزال تعاني من ضعف الثقة بنفسها وتقيّد مشاركاتها بأحكام مسبقة.

لكنها تشير إلى ازدياد واضح في عدد نتاجات الكاتبات والشاعرات، وخروج النتاجات من إطار الشعر والقصة إلى مجالات البحث والترجمة، دون حضور قوي في جلسات النقاش والحوار.

وتدل البيانات في مؤسسة ديوان الأدب إلى أن نتاج الكاتبات قد بلغ ما يقارب الثلث من مجموع الإصدارات الحديثة، والتي كانت متوفرة في معرض الشهيد هركول للكتاب في القامشلي نهاية تشرين الأول/ اكتوبر الماضي.

ويقدم الديوان خدمات تقييم نتاجات مقترحة للكاتبات والكتاب، كما يوجّه لهنّ ملاحظات لتطوير النتاج بحسب مكتب القامشلي لديوان الأدب في شمال وشرق سوريا.

وتعتقد عفدكي أن “هذه النسبة ما تزال منخفضة، إلا أنها تشير لتحقيق تقدم ملحوظ بالنسبة لما عانته المرأة الكاتبة من قيود وعقبات في الحقب السابقة.

وتقول إن المحاضرات والندوات الحوارية خاضعة لإدارة منظميها الذين قلما يتوجهون للمرأة، وذلك يُظهر “عدم رغبة تلك الجهات او ثقتهم في قدرات الكاتبات كمحاضرات أو محاورات”.

لكنها تعود وتشير إلى أنه “وفي حال تم اختيار إحداهن، فإنها قد تتردد وتعتذر عن المشاركة لافتقاد الجرأة”.

وتتساءل عن سبب قدرة الكاتبات والشاعرات إلقاء الشعر أو قراءة القصص لساعات، بينما يمتنعن عن المشاركة كمحاضِرات أو كمشاركات في ندوة حوارية.

وربما يحتاج الرد على أسئلة أو مواجهة الانتقادات إلى ثقة أكبر مما يحتاجها الإبداع الأدبي، بحسب الكاتبة.

تحرير: حكيم أحمد