استقرار الوضع الأمني يجعل حقول الحسكة بعد الحصاد مقصداً لـ"الغنامة"
الحسكة – جيندار عبدالقادر – نورث برس
يسكن محمد رجب الساجر (72 عاماً) من سكان منطقة البوكمال، مؤقتاً، في ريف الحسكة الشمالي ويتنقل بين الأراضي الزراعية والقرى بحثاً عن المراعي والأراضي الزراعية المحصودة، ويقول إنه سينتقل لاحقاً وبعد عدة شهور إلى أرياف الرقة ودير الزور.
هي حياة الترحال بالنسبة للساجر وغيره من رعاة الأغنام البدو أو "الغنامة" كما يعرفون عن أنفسهم، والذين لا حدود لهم سوى المراعي والمياه والحقول المحصودة، ولكنهم تأثروا أيضاً بالحرب السورية التي قلصت مناطق ترحالهم بسبب الأوضاع الأمنية.
وتشكل الأراضي الزراعية المحصودة أو غير المزروعة في مختلف مناطق الجزيرة السورية في الحسكة ودير الزور والرقة مقصداً للبدو الرحل الذين لا يزالون يعتمدون على تربية المواشي والأغنام.
وقال "الساجر": "منذ بدء الأزمة السورية، هاجرنا من مناطق البوكمال نحو شرق الفرات، أملك نحو /500/ رأس غنم، وجئت إلى الحسكة مع عائلتي التي تضم أولادي وأحفادي الذين يبلغ عددهم /40/ شخصاً".
وأضاف لـ"نورث برس": "نبقى في مناطق الحسكة لنحو أربعة أشهر حتى نهاية الشهر العاشر، ومن ثم ننتقل نحو مناطق الرقة حيث تتوفر حقول القطن بعد حصادها هناك ونبقى نحو شهرين لنتنقل بعدها لأماكن أخرى مع بداية فصل الربيع".
وفيما يخص سقاية الأغنام، أوضح أنهم يمتلكون صهريج مياه بسعة /40/ ليتراً، ويقومون بشراء المياه وتعبئة الصهريج من مناهل المياه والآبار في المنطقة والقرى المجاورة.
وقد يعمد بعض "الغنامة" إلى شراء مساحات من الأراضي المزروعة بالشعير أو القمح أو غيرها عقب حصادها مباشرة، فيطلقون مواشيهم في تلك الحقول المحصودة والتي تعرف محلياً باسم "الفراز".
وتتراوح أسعار "ضمان الدونم الواحد من الفراز للرعي" في أرياف الحسكة بين خمسة وعشرة آلاف ليرة لكل دونم واحد، بحسب أصحاب غنم متنقلين.
من جانبه قال زعيم تاية 41) عاماً)، الذي ينحدر من منطقة "المجاونة" التابعة للبوكمال بريف دير الزور، إن أهم أسباب توجههم إلى مناطق الجزيرة السورية هو استقرار الوضع الأمني فيها.
وأضاف "تاية"، الذي يملك /200/ رأس غنم، أنه استفاد أيضاً من بيع رؤوس غنم خلال ترحاله في ريف الحسكة في العامين الماضيين، "لأن أسعار الأغنام مرتفعة فيها"، بحسب قوله.
وأشار إلى أن قسم من عائلته المؤلفة من /16/ شخصاً، ولا سيما النسوة، يقومون بعمل أجبان وألبان وسمن من حليب الأغنام، ليقوم هو ببيعها وسد جزء من مصاريف الرحلة ومستلزمات العائلة.
لكن الغنّام المتنقل يرى أن حياة الترحال "متعبة وشاقة وغير مستقرة"، وأسعار المواد مرتفعة، كما أنهم يبذلون جهداً في حراسة مواشيهم تحسباً من احتمال تعرضهم للسرقة، وهو ما سبق أن تعرضوا له في أوقات سابقة، وفقاً لقوله.
من جانبه، قال جاسم الرجب 50) عاماً) من منطقة البوكمال، إنهم تواجدوا بداية في المناطق القريبة من حقل العمر النفطي بريف ديرالزور، وإن قلة المراعي هناك وسوء الأحوال الجوية وعدم توفر المياه دفعهم للترحال الى المناطق الشمالية من الحسكة.
وأضاف أن "العلف والشعير متوفران بكثرة وبأسعار مناسبة، ولكن يصعب عليهم شراء الشعير بكيمات كبيرة، بسبب عدم القدرة على التخزين في ظل التنقّل المستمر.