ليلى الغريب
تظهر الحسابات المقررة بالليرة السورية أن الموازنة العامة للدولة للعام المقبل 2024 زيادة عن موازنة العام الفائت، بينما تشير حسابات التضخم وتدهور الليرة السورية إلى تراجعها.
وكانت الحكومة قد وافقت في الرابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على مقررات المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي الخاصة بتحديد الاعتمادات الأولية لمشروع الموازنة العامة.
ويحدد المشروع، الذي أرسلته الحكومة إلى مجلس الشعب لمناقشتها واعتمادها، إجمالي الموازنة بمبلغ 35.5 تريليون ليرة سورية.
وكانت موازنة العام الحالي 2023 قد تم اعتمادها بمبلغ إجمالي 16.5 تريليون ليرة سورية، ما يظهر شكلاً أن موازنة العام القادم تزيد عن موازنة العام الجاري بأكثر من مئة في المئة (نحو 115%).
لكن باحثين اقتصاديين يشيرون إلى أن الحسابات مقارنة بسعر الصرف تظهر واقعاً آخر مختلفاً تماماً، فموازنة عام 2023 كانت تعادل نحو 5.5 مليارات دولاراً أميركياً حين إقرارها قبل نحو عام، بينما موازنة العام المقبل فتعادل ما يزيد قليلاً عن 3 مليارات دولار بحسب السعر الرسمي لصرف الدولار الواحد (11500 ليرة).
وتنخفض القيمة إلى نحو 2.5 مليار دولار إن تم حسابها وفقاً لسعر الصرف في الأسواق (نحو 13800 ليرة للدولار الواحد)، وهو ما يعني أن إجمالي الموازنة شهدت تراجعاً بنحو 50 في المئة.
فالتضخم الذي حرق جيوب السوريين طال أيضاً موازنة الحكومة، وأصبحت الأرقام التي تبدو أنها أعلى من سابقاتها، لكنها أقل وبكثير عندما تحسب بالقيمة الحقيقية لليرة.
وقال سامي زهيري، وهو اسم مستعار لخبير اقتصادي في دمشق، إن من المؤشرات التي توحي بتقليص الحكومة للإنفاق مع العام الجديد بدل تحسنه، هو تخفيض مخصصات الدعم الاجتماعي والمشتقات النفطية بنسبة لا تقل عن 33%.
وسيجعل تخفيض الإنفاق الأيام القادمة أكثر صعوبة على المواطنين، بحسب زهيري.
ولفت الخبير إلى أن واقع الزراعة لن يكون أفضل مما سبق في هذه الموازنة، لأن مخصصات دعم الإنتاج الزراعي والمواد الأولية المطلوبة لها ظلت على حالها ( 75 مليار ليرة سورية(.
وكان معاون وزير مالية سابق قد حاول تقديم مبررات للحكومة حول صعوبة تحديد المبالغ بدقة مع سعر صرف متبدل، فسعر الصرف يتبدل باستمرار في السوق السوداء.
وقال عضو سابق في مجلس الشعب، لنورث برس، إن الكثير من الوزارات تضع خططاً استثمارية لا تنفذها، وذلك بسبب تغير سعر الصرف، بحسب التبريرات التي تقدمها الإدارات.
ولفت إلى أن هنالك زيادة ملحوظة، في مخصصات موازنة العام المقبل 2024، في مجالات دعم الكهرباء والإيرادات الجارية، ومشاريع مثل الأتمتة والطاقة الشمسية.
وتحصل الوزارات على حصصها من الاعتمادات الاستثمارية بعد إجراء تخفيض عليها، ليتم توزيع المبلغ الإجمالي على مشاريع الوزارة الجديدة، أو لاستكمال المشاريع التي بدأ العمل فيها من قبل.
وتحتوي الموازنة الجديدة على مخصصات لبند تحت عنوان” تنفيذ مراسيم”، ما يعني احتمال حصول زيادة على الرواتب والأجور والتي تقررها المراسيم الرئاسية.
وبعد موافقة الحكومة السورية على الاعتمادات الأولية للموازنة العامة، يتوجب إقرار مجلس الشعب لمشروعها، ليتعين بعدها على الرئيس السوري إصدار قانون الموازنة، حتى يتم اعتمادها بمرسوم تشريعي نافذ.