التعليم العالي في لبنان حلمٌ لا يطالهُ إلّا قلةٌ من الشباب السوريّين
بيروت ـ ليال خروبي ـ NPA
يواجهُ اللاجئون السوريون عوائق للحصول على التعليم العالي في لبنان, منذ بداية الأزمة السورية.
ويعتبرُ لبنان ثاني أكبر دولة مضيفة للاجئين السوريين حيث يقطنُ فيه أكثر من مليون لاجئ مسجّل وحوالي / 500/ ألف غير مسجّلين.
تظهرُ أرقامٌ رسميّة نشرتها وزارةُ التربية والتعليم العالي أنَّ عدد الطلاب السوريين المسجلين في الجامعات اللبنانية الخاصة والرسمية انخفض من /187/ ألف طالب عام 2013 إلى /140/ ألف طالب عام 2018، أرقامٌ تميطُ اللثامَ عن واقعٍ مخيفْ.
التعليم العالي يعتبرُ أداة حمايةٍ مهمةٍ للاجئين حيث يوفّر للشباب فرصة لإعادة بناء السلام في أماكن النزاع والنهوض بالمجتمعات التي أنهكتها الحرب.
وعلى رأس التحديات التي تواجه الطلاب السوريين اللاجئين عدم تمكنهم من الحصول على شهاداتهم ووثائقهم الأكاديمية, بسبب عدم قدرتهم العودة إلى بلدهم لاستحضارها أو بسبب الدّمار، في وقتٍ لم تصدر الحكومة اللبنانية مراسيم وسياسات تشجع على توفير التعليم العالي للاجئين.
الشاب خالد الصمادي (24 عاماً) يروي تجربته الخاصة لـ”نورث برس”، فيقول: “قصتي بدأت مع نزوحي من حمص إلى لبنان عام 2016 ، وكأي شابّ سوري ترك بلده قسراً وضعت نصب عيني هدفَ إكمال دراستي”.

خالد الصمادي (24 عاماً)
يتابع: “ولكنْ مع البدء بالإجراءات الرسمية اصطدمتُ بعوائق، أولها لزوم تقديم شهادة البكالوريا السوريّة مصدقة من وزارتي الخارجيّة السورية واللبنانية والسفارة السورية ومن ثم وزارة التربية اللبنانية، وبعدَ جهدٍ جهيد استحصلت على المعادلات المطلوبة، طبعاً اعتبر نفسي محظوظا بالنسبة إلى كثير من الشبان الذين لا يستطيعون الحصول على وثائقهم المطلوبة.
وأشار خالد إلى الصعوبات بأنها لا تقفُ عند هذا الحدّ، فــ”من تمكن من تأمين الوثائق قد يواجه عقبة تصاريح الإقامة حيثُ ينبغي على الطلاب أن يملكوا تصاريح إقامة سارية المفعول من أجل متابعة دراستهم”.
وأكد: “اضطررتُ لدفع /500/ دولار بدل تجديد الإقامة وهو مبلغ كبير بالنسبة لطالب جامعي”.
وانتهت رحلة خالد, في مكتب المحاسبة حيثُ استلزم استئنافه لتعليمه مبلغ مليون ليرة لبنانية ما يعادل (660 دولار) لم يستطع تأمينه بحكم ظروفه المعيشية في حين لم يستطع الحصول على منحة، فالفجوةُ هائلةٌ بين الطلاب المحتملين للمنح وبين المنظمات الدولية الراعية لهذا الموضوع.
أما نغم أبو نبوت(29 عاماً) فتقول لــ”نورث برس”: “قدمتُ إلى لبنان من درعا أحمل شهادة بكالوريوس في الاقتصاد بتقدير امتياز وكنت عضواً بالهيئة التدريسية”.

نغم أبو نبوت(29 عاماً)
وتكمل: “بعد بحثٍ مستفيض عن جامعة أكمل فيها مرحلة الماجستير كان الخيار الوحيد المتاح إحدى الجامعات الخاصة في منطقة البقاع حيثُ أسكنْ”.
وبعدَ السؤال المضني عن جهاتٍ تؤمِّن منحاً تعليمية استحصلتُ على تخفيض بنسبة 40% من مجموع القسط البالغ /8400/ دولار، واضطررت إلى العملْ لتأمين المبلغ المطلوب، لكنْ ومع انتهاء عقد عملي مع إحدى المنظمات المعنية بقضايا اللاجئين توقفت عن متابعة دراستي.
كما تقول نغم: “أحلمُ بإكمال الماجستير والدكتوراه، ولا أستطيع العودة إلى سوريا لأنه سيفرض عليّ منع سفر، الحل الوحيد هو منحة دراسية في ألمانيا حيثُ يقطنُ أخيّ”.
قصصُ خالدْ ونغم، نماذجْ عن عن طلاب يعانون شحّ فرص التعليم الجامعي، فتنحصر خططهم في تأمين قوتهم اليوميّ أو البحثْ عن منحٍ دراسيّة في إحدى الدول الغربية.
وتشير منظمات إنسانية إلى أن محدودية فرص الحصول على التعليم من العوامل التي تدفع السوريين للعودة إلى سوريا رغم المخاوف المتعلقة بالسلامة.