تصعيد ضد القواعد الأميركية في دير الزور يرافقه إخلاء لمقرات إيرانية.. لماذا؟

غرفة الأخبار – نورث برس

منذ بداية الصراع في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، الذي أرخى بظلاله على سوريا، تصاعدت وتيرة الأعمال العسكرية في دير الزور شرقي سوريا، بين القوات الأمريكية وفصائل تتبع لإيران متواجدة في تلك المنطقة، إلا أن الأخيرة بدأت مؤخراً بإخلاء مقرات لها ما أثار تساؤلات حول السبب في ذلك.

في دير الزور تتواجد الفصائل الإيرانية التي تسيطر على مناطق غربي الفرات، في ظل تواجد “شكلي” للقوات الحكومية، وحيث السلطة الفعلية للفصائل الإيراني.

وتنشط في دير الزور التي تمثل مدخل سوريا الشرقي، والبوابة الإيرانية من جهة العراق، عدة فصائل إيرانية منها الحرس الثوري، فيلق القدس، حركة النجباء، عصائب أهل الحق، وحزب الله اللبناني والعراقي، وفصائل أخرى إيرانية وموالية كـ فاطميون، الأفغاني وزينبيون.

في المقابل تسيطر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” على مناطق شرقي الفرات، التي تتواجد فيها قاعدتين للتحالف الدولي في حقلي العمر وكونيكو.

مع بدء الصراع في غزة صعدت الفصائل الإيرانية من عملياتها ضد تلك القواعد، بالإضافة لتحريك أذرعها في المنطقة، وبلغ عدد استهدافات “المقاومة الإسلامية” العراقية (أحد أذرع إيران) 7 قواعد أميركية في سوريا بـ 20 ضربة.

استهدافات متبادلة

فيما استهدفت القوات الإيرانية، القواعد الأميركية 8 مرات بـ 29 ضربة، كذلك استُهدفت القواعد الأميركية من قبل جهات مجهولة 5 مرات بـ 7 ضربات.

أمام التصعيد الإيراني ضد قواعدها، شنّت القوات الأميركية عدة غارات على مقرات إيرانية، حيث استهدفت في 9 من تشرين الأول/ أكتوبر، غارات جوية على عدة مقار ونقاط للفصائل الإيرانية على الحدود السورية العراقية، وريف البوكمال.

واستهدف معبر السكك الحدودي بين سوريا والعراق، والذي يشرف عليه الحرس الثوري الإيراني، ومنطقة الحزام الأخضر وهما نقطتان تابعتان للحرس الثوري الإيراني، بالإضافة لنقطة عسكرية للواء القدس على أطراف بلدة الهري بريف البوكمال.

وكانت تلك أول غارة أميركية على مواقع إيرانية بعد استفزازات الفصائل، لتتبعها بغارات أخرى فاق عددها الـ 15 في اليوم التالي، مخلفة خسائر مادية وبشرية في صفوف الفصائل الإيرانية.

إذ استهدفت الغارات الجوية عدة مواقع للحرس الثوري الإيراني بدير الزور، أهمها؛ مقر عسكري سري، بالقرب من مشفى الشفاء ببلدة العشارة بريف دير الزور الشرقي، ومقر الحيدرية الذي يتخذه “الثوري الإيراني” كمستودع للمواد اللوجستية، ببلدة الميادين بريف دير الزور الشرقي.

تبع ذلك، استقدام الفصائل الإيرانية تعزيزات عسكرية، إلى مقراتها في دير الزور، قادمة من العراق، حيث دخلت سيارات تحمل مواداً لوجستية إلى مقرات لواء القدس الموالي لإيران ببلدة البوكمال.

تخوفات

لكن مع ازدياد الاستفزاز الإيراني للقوات الأميركية، باتت تتخوف تلك الفصائل من تكرار الغارات الجوية، وبدأت تخلي مقرات لها في دير الزور، حيث أخلى الحرس الثوري الإيراني؛ ثلاث نقاط له بالقرب من نهر الفرات ببلدة البوكمال شرقي دير الزور، لتحل مكانها قوات حكومية.

كما أخلى مقراً له بالقرب من مشفى الشفاء ببلدة العشارة، ومقر على ضفاف الفرات ببلدة الميادين شرقي دير الزور، وحل محلها قوات حكومية، وفق مصادر ميدانية وعسكرية لنورث برس.

ومنذ بداية العام، سجل قسم الرصد والتوثيق، تعرّض 25 موقعاً للفصائل الإيرانية في دير الزور؛ للقصف، استُهدفت بـ 60 ضربة، تسببت تلك الضربات بقتل 52 عنصراً وإصابة 15 آخرين.

العدد الأكبر من تلك الضربات، خلال شهري تشرين الأول/ أكتوبر، وتشرين الثاني/ نوفمبر، حيث تعرّض 18 موقعاً للقصف بـ 30 ضربة، وأسفر عن مقتل 23 عنصراً، و13 مصاباً.

لذلك، أخلى الحرس الثوري مقرات أخرى في البوكمال والقورية والميادين، ونقل عناصره إلى مقرات في البادية السورية، وسلّم الدفاع الوطني والقوات الحكومية تلك النقاط، فيما قالت مصادر عسكرية لنورث برس، إن الفصائل الإيرانية ابتعدت عن رفع راياتها واستبدلتها براية قوات دمشق.

تحركات حذرة

تقول المصادر إن الفصائل الإيرانية باتت تتحرك بحذر، وتعمد أحياناً لعدم رفع رايات في مقراتها، كما استخدمت مقرات جديدة دون حراسة، خوفاً من رصدها كـ نقاط عسكرية.

وباتت تحتمي تلك الفصائل براية القوات الحكومية، وسط استمرار تهديدها للقواعد الأميركية، فيما خلق إخلاء الفصائل الإيرانية لمقراتها حالة من التنافس والتوترات بين الفرقة الرابعة والدفاع الوطني، لا سيما في المقرات القريبة من نهر الفرات.

وذكرت مصادر عسكرية لنورث برس، إن الفصائل الإيرانية استولت على عدد من المنازل السكان لاستخدامها منصات للصواريخ، داخل الأحياء السكنية، الأمر الذي تسبب بنزوح سكان.

التحركات الإيرانية وإخلاء المقرات، ارتفعت بعد ضم قيادات الثوري الإيراني والفصائل الإيرانية والدفاع الوطني، وتبعه اجتماع آخر ضم قيادات إيرانية “عالية المستوى”، وقياديي الحرس الثوري الإيراني وقياديين في حزب الله اللبناني.

تربط مصار عسكرية، إخلاء الفصائل الإيرانية لمقراتها بتصعيد المواجهة بين إيران وأميركا في دير الزور، ومخاوف الفصائل من رد أميركي “قاس” على استمرار الاستفزازات باستهداف القواعد الأميركية في دير الزور.

وعن التصعيد الإيراني ضد القوات الأميركية، قال مظلوم عبدي، القائد العام لـ “قسد”، إن الولايات المتحدة المتحالفة مع قواته في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، لن تنسحب من سوريا بسبب التوترات في المنطقة.

وأضاف في حديث لموقع “المونيتور” الأميركي، إن إيران تريد إخراج القوات الأميركية من سوريا، وهو هدف أساسي ومشترك مع “النظام السوري وتركيا”.

واعتبر عبدي أن رد الولايات المتحدة على تلك الهجمات “ليس له التأثير الرادع المطلوب”، مشيراً إلى أنهم لا يرغبون أن تصبح مناطقهم ساحة معركة بين الولايات المتحدة وإيران.

إعداد وتحرير: أحمد عثمان