دير الزور.. سكان يعانون ظروف النزوح بسبب التصعيد العسكري

عمر عبد الرحمن – دير الزور

يعاني عمار مرارة التهجير القسري، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وتصاعد التوترات والأعمال العسكرية على ضفتي الفرات.

يتشابه عمار الأحمد من سكان بلدة القورية بريف دير الزور الشرقي، شرقي سوريا، في الحال مع غالبية سكان ضفتي الفرات، والذين أجبرتهم القذائف التي تسقط على منازلهم، بتركها، في ظل تكرار الاشتباكات بين المسلحين التابعة لقوات دمشق، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

وتشهد مناطق ضفتي الفرات، نزوحاً لسكان نتيجة الاشتباكات وسقوط رصاص وقذائف عشوائية، تسبب حالة من الذعر لدى السكان، في الوقت الذي تتكرر حوادث الاشتباك، نتيجة تسلل مسلحين من غربي الفرات إلى شرقه.

تصعيد ومواجهات

اضطر “الأحمد” للنزوح من منزله، نتيجة مضايقات من قبل المسلحين الذين يتزعمهم إبراهيم الهفل، وعدم السماح له بالوصول إلى حقله.

لا سيما بعد استيلاء الحرس الثوري الإيراني على منازل سكان داخل الأحياء السكنية، لاستخدامها كمنصات إطلاق صواريخ توجّه إلى القواعد الأميركية المتواجدة بمناطق شرقي الفرات.

وشهدت دير الزور توترات أمنية بالتزامن مع تصعيد أميركي إيراني، حيث لجأت إيران وحكومة دمشق لدعم مسلحين تمردوا على “قسد”، وبالتالي تهديد القواعد الأميركية ومواجهة قوات سوريا الديمقراطية شريك التحالف الدولي بزعامة أميركا.

يمنع المسلحون الذين تتهمهم “قسد” بالتبعية لقوات دمشق وإيران، سكان الضفة الغربية لنهر الفرات من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، والتي يعتمدون عليها كمصدر أساسي للدخل وتأمين مصاريفهم.

بعد نزوحه من منزله، يقيم “الأحمد” مع عائلته المكونة من ثمانية أشخاص، في كوخ طيني بأطراف بادية البلدة، يفتقد لأبسط مقومات الحياة، في ظل دخول فصل الشتاء.

وكان الرجل يعمل قبل النزوح بصيد الأسماك بالإضافة لعمله في الزراعة، بينما لا يجد حالياً ما يسد الرمق، معتمداً على من يصفهم بـ “أهل الخير”.

ودفعه سوء الحال الذي وصل إليه بسبب تعطّل عمله إلى عرض أرضه التي ورثها عن والده للبيع.

يقول “الأحمد” إن مسلحي “الهفل” باتوا يشكلون خطراً على السكان بسبب ممارساتهم العشوائية، والتي تسببت بنزوح عوائل من منازلها، اضطروا للعيش بخيام بعيداً عن أعمال التصعيد والرصاص العشوائي.

وشهد ريف دير الزور الشرقي، عمليات نزوح “كبيرة” منذ بداية التوترات والتصعيد العسكري بين التحالف الدولي والفصائل الإيرانية بدير الزور، وممارسات مسلحي “الهفل” المدعوم من القوات الحكومية والثوري الإيراني، ومضايقاتهم للمدنيين في مناطق غربي الفرات.

بر الأمان

كذلك ترك جابر العماش من سكان مدينة الميادين شرقي دير الزور، منزله، نتيجة تساقط الرصاص عليه، في ظل استخدامه من قبل المسلحين، الذي عمدوا للاختباء في منازل السكان القريبة من ضفة الفرات.

يقول الرجل لنورث برس، إن المسلحين يجبرون السكان على استخدام منازلهم للاختباء والعبور إلى الضفة الأخرى من الفرات لاستهداف مقار “قسد”.

وانتقل “العماش” إلى مدينة دير الزور، وأُجبر الرجل على دفع إيجار بمبلغ لا يقوى عليه سوى لفترة محدودة، إذ يتخوف من استمرار ممارسات الفصائل الإيرانية وقوات دمشق التي تستخدم المسلحين كورقة لضرب “قسد” وتهديد القواعد الأميركية.

حين ترك منزله، كان قد انقطع الاشتباك منذ فترة وجيزة، لذا كان همّه الهرب بعائلته إلى بر الأمان، ولم يُخرِج من منزله أي حاجيات.

ومنذ بدء التصعيد بدير الزور، نزحت أكثر من مئتي عائلة من مناطق غرب الفرات التي تسيطر عليها الفصائل الإيرانية والقوات الحكومية بسبب التصعيد الأخير واستيلاء الإيرانيين على منازل المدنيين وتحويلها إلى منصات لإطلاق الصواريخ وملاذاً لمسلحي “الهفل”، وفق تقديرات ناشطين.

وغالبية العائلات نزحت نحو مناطق سيطرة “قسد”، فيما نزح آخرون نحو مركز المدينة، وقسم آخر يقيم في منازل لأقاربه وبعضهم استأجر منازل خارج نطاق منطقة التصعيد، وهناك من يقيمون في خيام على أطراف بوادي القرى والبلدات في غربي الفرات.

ويتخوّف سكان في دير الزور من موجات نزوح أخرى، بسبب التوترات الأمنية والتصعيد بين أميركا والفصائل الإيرانية.

تحرير: أحمد عثمان