لم يبقَ من ابنها إلا الصور.. أم ثكلى على ابنٍ نجا من حرب “داعش” ليقضي بمسيرة تركية

دلسوز يوسف – القامشلي

بنظرات حزينة ويدان ترتجفان، تقلب ناريمان صوراً في هاتفها الجوال. تتوقف حيناً لتمسح وجه شاب يظهر على الشاشة وتستمر في تقليب الصور مرة أخرى، إنه وجه ابنها العشريني الذي فقد حياته قبل ثلاثة أشهر.

رحل ديار خليل المقاتل في صفوف قوات سوريا الديمقراطية جراء استهداف مسيرة تركية لسيارة في القامشلي، كانت تقلّه مع رفاقه في القوات، تاركاً لأمه الصور والذكريات سبيلاً للتعبير عن فقدانه.

لم تكن الأم، التي شارك ابنها لسنوات في قتال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ونجا، تعتقد أنها ستشيعه جراء استهدافه بمسيرة تركية.

تسرد السيدة الخمسينية لنورث برس قصة ابنها على الجبهات لتقول: “عندما كان يحدثنا عن المعارك، كنا نبقى منبهرين من شجاعته، إلا أنني كنت خائفة، كنت أبقى لعدة ليالي بلا نوم إلى أن يأتي إلى المنزل”.

خلال سنوات مشاركة “ديار” في القتال ضد “داعش”، كان كثيراً ما يتعرض لمخاطر كانت قد تودي بحياته، لأنه كان متحمساً وكثيراً ما يكون في المقدمة. نقلاً عن أخوة وأصدقاء ديار.

 “ذات يوم جاء وكانت رصاصة استقرت في جعبة مخزن الرصاص الذي كان يرتديه، وقال: هذه من دعائك يا أمي، لقد نفدت من الموت مجدداً”. تتذكر الأم.

وفي عام 2019 حينما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية القضاء على التنظيم في آخر معاقله في ريف دير الزور، عاد “ديار” لمسقط رأسه القامشلي، ليعلن زواجه من ابنة عمه، التي كانت تنتظر عودته.

“تزوج ديار دون إقامة حفل زفاف، احتراماً ووفاء لرفاقه الشهداء”، تقول الأم. كانت أحلام “ديار” أن يرزق بطفل من زوجته، ولكن رحيله المبكر حال دون ذلك.

لم تكن الزوجة في حالٍ يسمح لها بالحديث، كان ما يزال طيف “ديار” يجوب المكان كله وبالطبع في ذاكرتها.

ترك رحيل “ديار” أثراً بالغاً في العائلة ورفاقه، الذين كانوا مخططين للخروج للتنزه قبل يومين من استهدافه، “كغير عادته كان يرتاد المنزل يومياً وكأنه كان يودعنا”. تقول الأم وقد اغرورقت عيناها بالدموع.

وتضيف: “أحس بأن الدنيا توقفت، بأن جزءاً مني رحل معه (..)”.

فقدت ناريمان الأم ابنها وتخشى أن تخسر أجزاء أخرى منها، إذ إن لديها ولدان آخران منضمان لقوات سوريا الديمقراطية، ولا يزال التصعيد التركي على شمال شرقي سوريا، مستمراً.

تحرير: محمد حبش