غرفة الأخبار – نورث برس
تتذرع الدول الأوروبية بمخاوف عديدة تمنعها من استعادة رعاياها من مخيمي الهول وروج شمالي سوريا، وأهمها الأسباب الأمنية والسياسية بالإضافة لأسباب قانونية وحقوقية ومسائل أخرى ترتبط بنظرة تلك الدول ذاتها تجاه هذا الملف، رغم أن مواثيق العهد الدولي والاتحاد الأوروبي تنص على أن تنهض الدول بمسؤوليتها باسترجاع رعاياها.
ويضم مخيم الهول نحو 55 ألف شخص، بينهم 2,423 من عائلات عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” المنحدرين من نحو 60 دولة أجنبية، وفق إحصائيات رسمية لإدارة المخيم.
ومخيم روج هو واحد من عدة مخيمات احتجزت فيه عائلات أفراد لهم صلات “بداعش” على مدى السنوات الخمس الماضية. ويضم حالياً ما يقرب من 3,000 فرد، 65% منهم أطفال، وفقاً لتقرير سابق للأمم المتحدة.
مخاوف أوروبية أمنية
يقول زانا عمر، وهو صحفي ومختص بشؤون الإرهاب، لنورث برس، إن امتناع الدول الأوروبية عن استعادة رعاياها من أطفال ونساء من عائلات تنظيم “داعش” مرتبط بمخاوف أمنية من الدرجة الأولى، وذلك من استعمال التنظيم النساء والأطفال للقيام بأعمال “إرهابية” داخل دولهم التي جاؤوا منها في حال عودتهم إليها.
وعدد الصحفي أسباباً سياسية أيضاً منها، أن امتناع الدول الأوروبية عن استعادة رعاياها من نساء وأطفال التنظيم “حتى لا يؤثر ذلك على حساباتهم الانتخابية داخل دولهم”.
وتواجه الدول الأوروبية صعوبة في إعادة تأهيل أولئك الأطفال والنساء، “فبرامج إعادة التأهيل غريبة نوعاً ما تلك الدول، وذلك يعود لأسباب قانونية، أي القوانين الوطنية في تلك الدول تمنح هامشاً كبيراً لتحرك هؤلاء الأطفال والنساء، وهذا يشكل تهديداً أمنياً للمجتمعات هناك”، بحسب المختص بشؤون الإرهاب.
وفي آذار/مارس الماضي، حذّر مايكل كوريلا، قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي “سنتكوم” من خطر عناصر التنظيم المحتجزين في سوريا والعراق، واعتبر أنهم “جيش حقيقي قيد الاعتقال، وفي حال تحريرهم سيشكلون خطراً كبيراً”، موضحاً أنه “ما من حلول عسكرية لقضية هؤلاء”.
تحمّل المسؤولية
بدوره قال خالد إبراهيم، وهو عضو الهيئة الإدارية في العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إنه يوجد تحفظ من كثير من الدول، إذ هناك دول تمتنع عن استعادة رعاياها وأخرى تطلب الأطفال دون الأمهات، وهذا التحفظ والامتناع عائد لتلك الدول”.
وأعرب “إبراهيم” في حديث لنورث برس، عن اعتقاده في أن ذلك الامتناع “له جانب أمني ومخاوف من تبعات إعادتهم ومحاكتهم والتحقيق معهم، وبالتالي عدم قدرة تلك الدول على تحمل هذه التبعات ومدى قبول المجتمعات المحلية بهؤلاء العائدين، الذين يحملون الأفكار المتطرفة”.
وفي تصريحٍ سابق، قالت الأمم المتحدة، إنه “يتعين على الدول تحمل مسؤولية مواطنيها ما لم تتم محاكمتهم في سوريا وفقاً للمعايير الدولية”. وظل العديد من الدول متردداً في القيام بذلك، بسبب القلق من الرأي العام في تلك الدول والتحديات القانونية للتعامل مع قضايا مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم.
ويضيف “إبراهيم”: “قد يكون تحفظ تلك الدول وامتناعها نتيجة أسباب سياسية وحقوقية وقانونية، لاسيما لجهة عائدية الأطفال ونسبهم وجنسياتهم وتنازعها بين عدة دول، وما يترتب عليه من حقوق وواجبات للدولة نفسها وللأفراد العائدين أيضاً، وعليه فكل هذه المسائل يجب وضع خطط وبرامج استراتيجية لها والوصول بها إلى حلول جذرية، وأن لا تتحمل الإدارة وزرها لوحدها”.
المعايير القانونية الدولية
رغم نداءات الأمم المتحدة المتكررة، وتحذير منظمات دولية من أوضاع “كارثية” في مخيم الهول، إلا أن غالبية الدول تصرُّ على عدم استعادة رعاياها، ولم تستجب لدعوة الإدارة الذاتية إلى إنشاء محكمة دولية لمحاكمة عناصر “داعش” القابعين في سجون قواتها.
وتسلمت دول قليلة أفراداً من عائلات عناصر “داعش” المحتجزين في شمال شرقي سوريا، ومنها بأعداد كبيرة، واكتفت أخرى، خصوصاً الأوروبية، باستعادة عدد محدود من النساء والأطفال.
وناشدت سلطات الإدارة الذاتية والولايات المتحدة الأميركية الدول الأعضاء بالتحالف الدولي وحكومات غربية وعربية استعادة رعاياها، غير أن معظم الدول امتنعت عن استعادتهم، وأرجعت ذلك لأسباب أمنية أو سعت لتجريدهم من الجنسية.
وقال مصطفى شيخ مسلم، وهو محام، إنه كان من المفروض من التحالف الدولي والدول المشكلة له، “تشكيل محكمة دولية في شمال شرقي سوريا لأن الجرائم اقترفت هنا من مبدأ مكانية الجرم، الاختصاص المكاني وهذا مبدأ قانوني”.