زراعة النخيل في سوريا .. اهتمام شكلي ودعم معدوم

ليلى الغريب ـ دمشق

في نهاية سوق شارع الثورة الشعبي بدمشق، يركن محمد عبدالله وهو بائع متخصص في بيع التمور، ما لديه من تمور يدلل عليها ببلد المنشأ الذي يتنوع بين العراقي والإماراتي.

وعند الاعتراض على الأسعار التي لا تقل عن 25 ألف ليرة لأسوأ نوع، يقول الرجل إنه لا يفهم “لماذا لا تسهل الحكومة استيراد التمور التي يجب أن لا تخلو من أي بيت؟ ولكنها أحياناً تمنع الاستيراد، فيرتفع السعر كثيراً، وعندما سمحت به لم يتخفّض كثيراً لأنه يلحق سعر صرف الليرة المتحرك دائماً”، حسب قوله.

لا يوجد إنتاج محلي يستحق الذكر من التمور، فبينما كانت وزارة الزراعة في الحكومة السورية، تشدد على أن الإنتاج يصل إلى 5 آلاف طن قبل الحرب، تراجع حالياً إلى أقل من 3 آلاف طن.

عصية على الجيوب

الحاجة  للتمور ليست كغيرها من الحلويات أو الفاكهة خاصة في أيام شهر رمضان، حيث لهذا المنتج  منزلة دينية وصحية عند السوريين.

ولكن حال التمور كغيره من المواد التي أصبحت عصية على جيوب السوريين بعد ارتفاع أسعار المواد المستوردة كثيراً، خاصة بعد ورود التمر في قوائم المواد الممنوعة من الاستيراد في الشهر الثالث من العام الماضي، قبل أن يعاد السماح باستيراده لكن أسعاره لم تنخفض.

تراجُع الإنتاج المحلي الكبير، يعيده المطلعون إلى المشاكل الأمنية في المناطق التي كان يزرع فيها التمر، وانتشار مرضة “سوس النخيل”.

وتشكل منطقة تدمر، في البادية السورية، المصدر الأول لإنتاج التمور المحلية، وتشير احصاءات وزارة الزراعة إلى أن عدد أشجار النخيل المزروعة في سوريا يصل إلى نحو 200 إلى 225 ألف نخلة، المنتجة منها لا تتجاوز 60 ألف شجرة.

إنتاجية منخفضة

يقع موطن التمور في سوريا في مناطق تدمر ودير الزور، وكلا المنطقتان تراجع فيهما الإنتاج بسبب الأحداث الأمنية.

ويشير مدير في وزارة الزراعة إلى أنه يوجد في تدمر130 ألف  شجرة، لكن المنتج منها لا يتجاوز 40 ألف نخلة.

وينخفض الإنتاج وأغلب الأشجار لا يتجاوز إنتاجها 50 كيلوغرام، لأسباب كثيرة بعضها يعود إلى سوء العناية والرعاية، بينما يصل إنتاج الشجرة التي تحظى بالعناية المطلوبة إلى نحو100 كيلو.

وبين المدير لنورث برس، أن قسماً كبيراً من أشجار النخيل يقل إنتاجها عن 50 كيلو تبعاً لعمر السلالات، لأن إنتاج السلالات القديمة أقل من ذلك.

وبين أن المساحة التي يمكن زراعتها بالنخيل تصل إلى 50 ألف هكتار لكن المساحة المزروعة لم تتجاوز 408 هكتار.

نقص الخدمات

وتشير إحصاءات الزراعة، أن الحال ذاته لإنتاج أشجار النخيل في دير الزور، حيث يوجد فيها 57 ألف شجرة، المنتجة منها لا تتجاوز 24 ألف شجرة.

ويحدد رئيس دائرة النخيل السابق في وزارة الزراعة، مشاكل هذا القطاع كغيره من المجالات الأخرى، سواء من حيث تراجع الرعاية المقدمة للنخيل بسبب قلة اليد العاملة الخبيرة برعايته، أو نقص التقنيات الحديثة للري والرعاية.

ويضيف المدير المختص لنورث برس: “لأن الاهتمام بزراعة النخيل يعود لأواخر عقد الثمانينيات، لكنها لم تتطور بالشكل الذي يحدث فرقاً في إنتاجها رغم توفر الظروف البيئية الملائمة لزراعة النخيل”.

وأنه مؤخراً يجري العمل على وضع خرائط للمناطق الملائمة للزراعة، وإعادة  تقييم المناطق التي يمكن أن تنجح فيها هذه الزراعة، مع مراعاة ظروف تغيرات المناخ.

وكانت المناطق التي تم تحديدها كمناطق تنجح فيها زراعة النخيل، تبدأ من أراضي البادية السورية في منطقة الاستقرار الخامسة، وذلك من البوكمال ودير الزور والرقة، إلى تدمر والسخنة، ثم شرق دمشق.

غير مفعلة

ورغم إنشاء 9 مراكز لإكثار النخيل في البوكمال وتدمر، إلا أن هذه الخطط لم تنجح، خاصة خلال فترة الحرب، حيث أن هذه المناطق ظل أكثرها خارج سيطرة الدولة.

وحتى الوقت الحاضر ما زالت معظم أنواع الأشجار من النوع البذري، كما تغيب التقانات الحديثة التي تزيد من الإنتاجية. ويرى المدير، ضرورة اعتماد تقنية زراعة الأنسجة، لإنتاج أعداد أكبر من الغراس.

تحرير: تيسير محمد