أطفالٌ سوريون بين أنقاض الحرب وآثار مخلفاتها

المقدمة

مع استمرارالحرب  في سوريا لأكثر من عقد، يتزايد عدد الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة، الذين راحوا ضحايا للحرب ومخلفاتها، إذ إن مئات الآلاف منهم فقدوا القدرة على عيش حياة طبيعية بسبب فقدانهم لأجزاء من أجسادهم جراء القصف المتبادل بين أطراف النزاع وما ينجم عنه من مخلفات حرب، عوضاً عن تلك التي يتعمد أطراف النزاع زرعها والتي تنتشر بشكل كبير وعشوائي في معظم الجغرافية السورية.

وبات يعيش مئات الآلاف من الأطفال ذوي الإعاقة، في صراع دائم مع آلام وتحديات متجددة، متوارين عن الأنظار في ظل الانتهاك والإهمال المجتمعي، إلى جانب معاناة الحصول على حقوقهم الأساسية والمساعدات الإنسانية,ففي اليوم العالمي للطفل، والذي يصادف 20 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، من الضروري تسليط الضوء على الأعداد المتزايدة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة نتيجة الحرب القائمة، وواقع معاناتهم في ظل ضعف الجهود وإهمال الجهات المختصة في إعادة تأهيلهم.

بلغت حصيلة الأطفال الضحايا للحرب منذ بداية عام 2023, بحسب ما سجله قسم الرصد والتوثيق في وكالة نورث برس، 679 طفلاً، قضى منهم 250 طفلاً وأصيب 429 آخرين, وعلى صعيد القصف العشوائي ومخلفات الحرب والتي تعد الجزء الأكبر من الحصيلة، بلغ عدد الأطفال الذين قضوا أو أصيبوا بإصاباتٍ بالغة خلفت لهم إعاقات، 418 طفلاً, حيث قضى 155طفلاً وأصيب 263 آخرين.

الأطفال ضحايا الحرب

يعاني الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة الذين أصيبوا بسبب الحرب، من تهميشٍ وإهمال من المنظمات الإنسانية والسلطات، وكذلك يتعرضون لضغوط من قبل المجتمع واستبعاد بشكل مستمر, ففي ظل الصراع والحرب التي لا تزال قائمة، يكابد هؤلاء الأطفال معاناة في تلبية احتياجاتهم وحقوقهم الأساسية من الرعاية وتعويضات طبية والعلاج اللازم والدعم النفسي وكذلك الحق في التعليم، كما يواجهون صعوبة اللجوء إلى مراكز متخصصة وجهات داعمة، إذ إن المراكز الرسمية المتواجدة في معظم المناطق لا تكفي لتغطية جميع الحالات المتزايدة باستمرار، كما أن الحصول على الخدمات كالأطراف الصناعية أو كراسي متحركة ومعدات طبية أخرى من الجمعيات الخيرية ومراكز تابعة لمنظمات المجتمع المدني تتطلب انتظاراً طويلاً، بالإضافة إلى أن عدداً من الأطفال لا يستطيعون الحصول على العناية الصحية اللازمة ولا سيما من المراكز الخاصة نظراً لخدماتها الباهظة الثمن في ظل الفقر والظروف الاقتصادية المتدهورة في سوريا.

إن ضعف الجهود في إزالة الألغام من مناطق نزاع سابقة أو حتى تحديد مواقع انتشارها من قبل السلطات والمنظمات المختصة بإزالة الألغام, تتسبب بمقتل وإصابة مئات الأشخاص سنوياً معظمهم من الأطفال لعدم معرفتهم بماهيتها.

حالات ضحايا

من أجل استخراج النحاس وبيعه لمساعدة عائلته في تأمين قوتهم، فقد الطفل إبراهيم الخلف ذو 11 عاماً, أصابعه بعد أن انفجر به جسم من مخلفات الحرب أثناء محاولته تفكيكه لاستخراج مادة النحاس، في أحد القرى على أطراف بادية الشفعة شرقي دير الزور.

أما الطفل رائد راشد الحمادة 11عاماً، فقد يده نتيجة انفجار لغم أرضي، أثناء رعيه للأغنام في بلدة الباغوز، شرق دير الزور.

وعلى صعيد القصف العشوائي, فقد الطفل عبدو حنيفي ذو الخمسة أعوام من كوباني، ساقه بسبب قذيفة تركية وقعت بالقرب من منزلهم في قرية قره موغ, يقول والد “عبدو”: “ولدي أصبح يخاف من الأصوات ويبكي باستمرار, ولدي الذي كان يهوى كرة القدم أصبح الآن عاجزاً عن لعبها ويكتفي فقط بمشاهدة أصدقائه يلعبون”.

بالمثل مئات الآلاف من الأطفال في سوريا، بقيت أحلامهم معلقة, بسبب استهتار أطراف النزاع بحياتهم وعدم اكتراثها لسلامة المدنيين ومواقع تواجدهم.

التوصيات

  • على السلطات والمنظمات الإنسانية والجهات المعنية المتخصصة بذل جهود مركزة في تحديد مواقع المتفجرات والعمل المضاعف للتخلص النهائي من كل أشكال مخلفات الحرب، بالإضافة إلى حملات التوعية بمخاطر الألغام والمخلفات غير المتفجرة, من خلال تعريفهم بآليات التعرف إليها وكيفية التصرف معها لتعزيز حمايتهم ودعم الأمان والاستقرار في المنطقة.
  •  على المراكز والجهات المحلية المتخصصة بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة تنسيق العمل فيما بينها من أجل تغطية جميع حالات الإعاقة ولا سيما الأطفال الذين يشكلون النسبة الأكبر من بين ذوي الإعاقة في سوريا وتقديم الخدمات اللازمة لهم وتعزيز البنية التحتية الصحية وتوفير خدمات الرعاية الصحية المتخصصة للأطفال.
  • على الجهات الإنسانية والمنظمات الدولية تعزيز وصول المساعدات الإنسانية وتقديم الدعم والموارد اللازمة لتحسين أوضاع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في سوريا، بتوفير فرص التعليم لهم وضمان حقهم في الحصول على تعليم ذو جودة، من خلال توفير بيئات تعليمية متاحة وملائمة لاحتياجاتهم الخاصة.
  • على المنظمات الإنسانية المحلية والدولية مضاعفة جهودها في إعادة تأهيل الأطفال ذوي الإعاقة جسدياً ونفسياً، بتقديم الخدمات العلاجية والداعمة لهم وتوفير التكنولوجيا الطبية الحديثة والمعدات الضرورية لتحسين حياتهم، من خلال الجلسات الفيزيائية وبرامج الدعم النفسي لهم وكذلك ورش العمل الإبداعية والفنية.