عشرات المستوطنات منذ بداية العام.. كيف استغلت تركيا زلزال شباط في عفرين؟

أسعد الحاج ـ عفرين

مع بداية العام 2023 ولا سيما بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمالي سوريا، زادت المنظمات الإنسانية المحلية والدولية وبتنسيق وإشراف تركي من عمليات بناء المستوطنات في منطقة عفرين شمالي حلب والتي تسيطر عليها تركيا والفصائل الموالية لها منذ مطلع العام 2018.

واستغلت تركيا بذلك، التعاطف الدولي لدعم متضرري الزلزال وبناء مبانٍ ومساكن لهم على شكل قرى كبيرة مخدّمة بطرق ومساجد ومدارس، متناسية إعادة بناء المباني التي تضررت في المنطقة.

ونشرت نورث برس في وقت سابق تقريراً بعنوان “رغم ملايين الدولارات.. شتاء قاسٍ ينتظر ضحايا زلزال جنديرس” تحدث عن التبرعات الكبيرة التي وصلت إلى المنطقة، حيث أشارت مصادر خاصة إلى أن جميع الأموال التي وصلت بالفعل جرى من خلالها بناء مساكن وقرى كاملة لكن معظمها لم تكن لمتضرري الزلزال بل لعناصر الفصائل وغيرهم.

وشهدت عفرين بعد شباط/ فبراير 2023، زيادة كبيرة بعمليات بناء المستوطنات وبنسبة 100% عن الأعوام السابقة، بحسب ما رصدت نورث برس.

إذ ارتفع عدد المستوطنات التي بنيت في عفرين وريفها إلى أكثر من 40 مستوطنة، توزعت على نواحي جنديرس وراجو وشران وجنديرس وشيخ حديد، وكان التجمع الأكبر قرب قرية غزاوية جنوب عفرين وقرية الخالدية جنوب شرق المدينة، وهي مناطق لم تتأثر بالزلزال نهائياً.

يقول شادي الحوراني، وهو اسم مستعار لأحد العاملين في المجلس المحلي لمدينة عفرين شمالي حلب، لنورث برس، إن القرى التي بنتها المنظمات الدولية والمحلية في منطقة عفرين تجاوز عددها منذ بداية العام الـ 25 مستوطنة.

سبعة من تلك المستوطنات بنيت قرب قرية غزاوية، خلال الفترة من أيار/ مايو حتى آب/ أغسطس الفائت، إضافةً إلى نحو 8 أخرى بنيت في حرش الخالدية أو ما يعرف بجبل الأحلام جنوب شرق عفرين خلال الفترة نفسها أيضاً.

في حين بنيت خمس مستوطنات في ناحية جنديرس، وتوزع ما تبقى منها على شيخ حديد ومعبطلي وشران.

وشدد “الحوراني”، على أن “عشرات المشاريع لا تزال قيد الدراسة وبعضها جرى الموافقة عليه وسيتم البدء به مطلع العام الجاري”.

وأشار الحوراني إلى أن منظمة “آفاد” التركية هي “المسؤولة عن تنسيق عمليات بناء جميع تلك القرى إضافةً إلى أنها مسؤولة أيضا عن اختيار مواقع البناء”، في حين أن المنظمات المنفذة ليست بكثيرة وهي كل من “الأيادي البيضاء” المدعومة من الكويت وفلسطين، وجمعية “شام الخير” المدعومة قطرياً، وجمعية “أهل الوفاء” المدعومة من عرب فلسطين 48.

وغالبا ما تعتمد تلك المنظمات على “التبرعات الفردية”، إضافةً إلى جمعيات محلية أخرى أيضا تعتمد غالباً على الدعم الفردي من قطر والكويت وفلسطين، كما أن الهلال الأحمر القطري يعتبر من أكثر الداعمين لتلك الجمعيات، بحسب “الحوراني”.

وشدد هيثم درويش وهو اسم مستعار في مجلس جنديرس المحلي، لنورث برس، على أنه إلى الآن لم يسلم متضررو الزلزال أي من تلك المساكن التي يجري بناءها قرب جنديرس أو في المناطق الأخرى.

ومنذ بداية العام، بدأ بناء مستوطنات قريبة من المدن والقرى وفي أراضٍ تعود ملكيتها لسكان المنطقة الأصليين، وكانت آخر تلك المستوطنات في حرش المحمودية بمدينة عفرين ضمن الأحياء السكنية في المدينة.

وسبقها قرية “أجنادين” في الأطراف الشرقية لبلدة جنديرس وضمن المخطط السكني المستقبلي للبلدة، مما يعني أن تركيا لديها خطة أخرى وهي “خرط النازحين مع القرى في محاولة مؤكدة منها لتغيير ديمغرافية المنطقة وتغيير التركيبة السكانية”، بحسب “درويش”.

يقول إبراهيم شيخو، الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان، في الحقيقة كان هناك ضغوطات على أصحاب الأرض، وأيضا في الفترة الأخيرة قاموا بتوسيع هذه المستوطنة تحت مسمى قرية الأمل الثانية التي يتم حفر الأساسات والعمل بها الآن.

ويضيف لنورث برس: “هذه الأرض تعود لأهالي القرية العاجزين عن فعل أي شيء، رغم وجود المنظمات التي تدعي حماية المجتمع المدني، حيث لا يوجد في الحقيقة أيضا أي عقود إيجار مع أصحاب تلك الأراضي، كما يقومون بشراء الأراضي بقوة السلاح”.

تحرير: تيسير محمد